القاص "أسامة الشيخ إدريس" في بوح خاص لـ(المجهر):
الأماكن والشخوص تأخذانني إلى عوالم النص
حاوره – محمد جمال قندول
“أسامة الشيخ إدريس” أحد الشباب الذين برعوا في فن كتابة القصة القصيرة، درس الإعلام وجمع ما بين أسلوب الكتابة الصحفية وأدب كتابة القصة القصيرة والسيناريو، شارك في تظاهرات محلية وإقليمية عن كتابة القصة وحصد العديد من الجوائز، صدرت له مجموعة قصصية بعنوان (للموت طعم آخر) عن دار أوراق للنشر بـ(القاهرة).. شارك بـ(معرض الخرطوم للكتاب).
(المجهر) التقته في دردشة عكس فيها تجربته في مجال السرد ومفهوم كتابة القصة عبر الحوار التالي:
{ بوابات الدخول إلى محطاتك؟
– أدخل من أي الأبواب شئت، فأنا كتاب مفتوح أولى صفحاته مسقط رأسي في “شمبات”، ثم العودة إلى أهل الوالد بـ”العيلفون”، وما بين “شمبات” و”العيلفون” مراتع صبا وذكريات وود لا ينقطع.. درست الابتدائية والمتوسطة بـ”شمبات” والثانوي بـ”العيلفون”، ثم جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا مروراً بـ(أكاديمية السودان لعلوم الاتصال)، ثم ماجستير علوم الاتصال بـ(جامعة أفريقيا العالمية).
حكايتك مع القصة القصيرة
القصة القصيرة فن صعب وفاعل ومؤثر، هي الحياة بكل ألوانها التي تتنفس على الورق، تصور العالم بكل أفراحه وأحزانه وآماله وخيباته، والقصة حوار إنساني حميم يمنح الكاتب مساحة للتعبير الفضفاض بحروف موجزة تختصر كل الانفعالات لتضمن التوازن المطلوب في النص حتى لا تختل معادلة السرد ويصبح الحكي بلا معنى.
{ يقولون إن القصة القصيرة من أصعب فنون الكتابة؟
– القصة القصيرة فن الاختزال في عالم متسارع لاهث وراء الماديات، وما يميز أسلوب السرد في القصة القصيرة وكل عمل أدبي بحاجة إلى أساسيات مقتناة من وقع النظم الإبداعي، والقصة لها مكان وشخص وحيز زمني وعلى الكاتب اقتناص الصور العابرة والتشخيص القوي من الواقع المعاش وتوظيفه بطريقة ترميزية موجزة وفقاً لبناء لغوي يجذب القارئ للاطلاع عليه.
{ هل هناك شروط لكتابة القصة القصيرة؟
– ربما ليست هي شروط بالمعنى ولكن هي تكنيك كتابي يسمو بالنص ويرتقي به من خانة السرد التقليدي سواء في اختيار الشخوص أو تفاصيل عقدة النص أو الاحتدام في النص أو حتى الحل.. هكذا يكون النص متميزاً.
{ درست الصحافة وتكتب القصة والسيناريو.. كيف تجمع بينهم؟
– الصحافة والقصة وحتى كتابة السيناريو فنون أدبية تتصل ببعضها.. مدخلي إلى القصة القصيرة كان عبر الخبر القصصي في الصحافة، أما كتابة السيناريو فلها علاقة بكتابة القصة.. فوجدتني أكتب للأفلام الوثائقية من واقع شغفي بمتابعة الناس وطريقة حياتهم، وهي محاولة خجولة لتلمس واقع الناس من خلال أفلام قصيرة تم إنتاجها، وعملت مع عدد من المخرجين آخرهم صائد الجوائز المخرج “سيف الدين حسن” عبر مجموعة أفلام وثائقية أعتز بها.
{ حصلت على عدد من الجوائز حدثنا عنها؟
– حصلت على جائزة من منتدى القصة القصيرة الذي كانت تعده الإعلامية “زينب بليل” وأنا مدين لها بالكثير، ثم جائزة الاتحاد الوطني للشباب السوداني، وجائزة ولاية الخرطوم الموسم الثقافي وجائزة الإمام “الخميني”، وأخيراً جائزة الشهيد الزبير للعام 2011م بمجموعة قصصية بعنوان (للموت طعم آخر)،
{ كتابتك للقصة.. هل جاءت خصماً على عملك الصحفي؟
– قطعاً لا.. فالصحافة قبل أن تكون دراسة وتخصص هي هواية استمتع بها، وعملت بعدد من الصحف في بداية تخرجي من الجامعة، حيث البداية بصحيفة (ألوان)، ومنها انتقلت إلى (الرأي العام) ولي شرف المشاركة في صدور صحيفة (الصباحية) في عام 1998م بمشاركة أساتذة كبار كالدكتور “البوني” والأستاذ “نبيل غالي” ومحرر بصحيفة (الحياة السياسية)، ثم مدير تحرير مجلة (الحياة العلمية) وكاتب بمجلة (أيام وليالي) ومجلة (السودان الرقمية)، ثم نشرت بعدد من الصحف العربية منها (الجزيرة) السعودية ومجلة (دبي الثقافية) والآن مدير تحرير مجلة (الخرطوم الجديدة).
{ يلاحظ اهتمامك بالمكان داخل نصوصك؟
– ربما لتنقلي في أكثر من مكان بحكم عمل الوالد (رحمه الله)، وظللت أحمل تلك الأماكن فهي عالم مختلف، فما بين “الجزيرة” و”الخرطوم” والبطانة (قرية غريقانة) هناك عوالم سرد تحتاج إلى من يعبر عنها.
{ لماذا تلك الأماكن بالذات؟
– طقوس الحياة هناك بها محفز قوي للكتابة البطانة وبراحاتها الملهمة، فما بين قرى (تمبول) و(غريقانة) تعلمت أن استشف المفردة من (النم) و(الدوباي) وحكاوي الصالحين وأحوال الهمباتة وبطولاتهم وعاداتهم وجلسات السمر الشائقة تحت ضوء القمر، وأنا أجلس خلف الكبار في انتظار أوامر جدي بتحضير (فرشة الصلاة) ليعود السمر شائقاً بعد صلاة العشاء، ليأخذك إلى عوالم القصص والحكاوي والذي أحسب أن ملهمتي فيه هي جدتي “فاطمة بت أحمد ود عبد الله” – رحمها الله –
{ هل حاولت كتابة الشعر والرواية؟
– لا أجيد الشعر ولكني أتذوقه، وأعشق كتابات “مصطفى سند” و”درويش” و”الجواهر” و”الفيتوري” و”سعدية مفرح” و”روضة الحاج”، أما الرواية فأنا الآن أعمل على تنقيح رواية سترى النور قريباً.
{ ماذا عن الكتابة للأطفال؟
– الكتابة للأطفال من أصعب أنواع الكتابة وتحتاج إلى شخص يتمتع بمسؤولية أدبية وأخلاقية واجتماعية عالية وإلى تقمص قوي لتوصيل الرسالة، عموماً لا تجدني جيداً في الكتابة للأطفال.
{ لمن تقرأ من الكتاب الشباب في مجال القصة والرواية؟
– استمتع جداً لكتاب شباب مميزين أمثال “عبد العزيز بركة ساكن”، “منصور الصويم”، “عماد البليك”، “سناء جعفر”، “سارة الجاك حمزة”، “عفيف إسماعيل”، “أمير تاج السر” و”عبد الغني كرم الله”، وحقيقة هم كثيرون لا يسعني المجال لذكرهم.