رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان دكتور "محمد يوسف عبد الله" في حوار مع (المجهر السياسي) (1-2)
موقف السودان بطرد هؤلاء المسؤولين صحيح.. و”بان كي مون” يدافع عن موظفيه!!
ما فعله “الزعتري” جُبن.. والإنسان الجبان لا يستحق أن يكون موجوداً بيننا!!
أمريكا كانت مضَلّلة.. الشيوعيون في الشمال والجنوب خدعوها و(غشوها غشة كبيرة)!!
نحن لا نجري وراء (جَزَر) أمريكا.. ولكن نمشي وراء تبيين الحقائق لها!!
حوار – سوسن يس
{ مقدمة:
في خطوات متلاحقة أسقطت روسيا والصين مشروع قرار بإدانة السودان في مجلس الأمن بعدما قام السودان بطرد وإبعاد مسؤولين تابعين للأمم المتحدة.. وبررت الخارجية بطردها للمنسق المقيم للشؤون التنموية والإنسانية والمدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالخرطوم، بررت الخطوة بالإساءة لشعب السودان ولحكومته، وقالت إن للمسؤولة الأممية مواقف شديدة التحامل على السودان وأنها تتعامل بغطرسة وتعالٍ مع المسؤولين السودانيين.
في هذا الحوار رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان د. “محمد يوسف عبد الله” علق على الخطوة، وقدم قراءة لخطوة إعادة محكمة الجنايات الدولية لملف دارفور إلى مجلس الأمن، وتناول موضوع الحوار مع الإدارة الأمريكية ومبادرة البرلمان وخطواته في دفع الحوار السوداني الأمريكي.. فماذا قال؟!
{ لجوء الدبلوماسية السودانية إلى سياسات خشنة واتجاهها لطرد المسؤولين الأمميين.. ألا ترى أنه يظهر السودان في مظهر غير المتعاون مع المجتمع الدولي؟
– لا.. الأمر لا يقاس هكذا.. القياس هو أننا محكومون في علاقاتنا الدولية باتفاقيات، وإذا حدث خروج على هذه الاتفاقيات فالسودان له الحق في أن يتخذ إجراء ضد الذي يخرج على الاتفاقيات. السودان يمارس حقه السيادي وحقه القانوني في أن من يتجاوز القانون ومن يتجاوز الاتفاقيات يضر بمصلحة السودان ويضر بمصلحة هذه المؤسسات، وبالتالي أي إنسان طرد إنما طرد لأنه لم يساعد المؤسسة وأساء لها وأساء للسودان وأساء للعلاقات بين الطرفين.. ومن مصلحة السودان، وكذلك من مصلحة المنظمات الدولية أن يُبعد هؤلاء الأشخاص لأنهم ليسوا الأجدر بهذه المواقع التي يشغلونها داخل السودان.
{ لكن الأمين العام للأمم المتحدة له رؤية مختلفة حيث انتقد السودان على انتهاج سياسة الطرد وعدّها عدم تعاون مع المنظمة الدولية وطلب منه العدول والتراجع؟
– أفتكر أن الأمين العام لم يقرأ قراءة صحيحة.. أنا أقول– للأسف الشديد إن “بان كي مون”– وأنا أعرفه معرفة شخصية والتقينا في أكثر من محفل عندما كنا في الخارجية السودانية.. نحن نعرف بعضنا جيداً، وهو كان وزير خارجية سابق ودبلوماسي سابق.. أفتكر أنه لم يقرأ القراءة الصحيحة، وأنا أرى أن موقفه هذا سياسي وليس قانونياً.. هو يدافع عن موظفيه، لكن لو هو قرأ الملف بشكل جيد وبصورة صحيحة سيدرك تماماً أن خطوة السودان صحيحة.
{ لكن يا دكتور حتى المبررات التي ساقتها الخارجية مبررات ضعيفة.. فما معنى أن تقول إن هؤلاء المسؤولين يتعاملون بغطرسة وتعالٍ؟!
– الخارجية ما قالت ذلك، قالت إن “الزعتري” في حوار صحافي أجرى معه في صحيفة عالمية أساء للسودان وأساء لسيادة السودان، وهناك دليل على هذا، وكلامه الذي ذكره مكتوب والصحيفة موجودة.
{ والمسؤولون طلبوا منه أن يحضر التسجيل الذي يثبت أنه لم يقل الكلام المنشور؟!
– هو أنكر كلامه.. أنكر، وقال إنه لم يقل ذلك الكلام.. وأنا عندي وثيقة في يدي.. هذه الوثيقة الموجودة في يدي هي التي أستند إليها في اتخاذ القرار.. هناك وثيقة ونحن قلنا له (جيب ما يثبت ادعاءك.. جيب ما ينفي هذه الوثيقة).
{ الخارجية.. لماذا تلعب دور البوليس؟ ألا ترى أن طلبها هذا يبدو غريباً؟ هو قال إنه لم يقل.. وسواء نفى أو أنكر لماذا لا تعدّون هذا اعتذاراً منه بطريقة دبلوماسية؟
– هذا جبن.. (كون أن الزول يمشي ويكتب في جريدة يعمل جريمة وينكرها.. هذا جبن).. وأفتكر أن الإنسان الجبان لا يستحق أن يكون موجوداً بيننا.
{ يا دكتور الحوار بين الخرطوم والإدارة الأمريكية ما زال يقف عند محطة غير متحركة وحتى الآن أدواته هي التلويح بالجزرة من جانب أمريكا أو رفع العصا.. جزرات عديدة تالفة وفاسدة ما زالت أمريكا تلوح بها إلينا منذ مدة طويلة؟
– (ضاحكاً).. أنا طبعاً أتفق معك.. أعتقد أن الولايات المتحدة في الفترة السابقة كانت مضَللة.. كانت مضللة بمعلومات من بعض السياسيين السودانيين.. كانت مضَللة بمعلومات الحركة الشعبية في الجنوب وفي الشمال التي أوهمتها أن للحركة القدرة على إسقاط الحكومة في السودان.. وعاشت أمريكا في هذا الوهم.. وهم أن الحكومة ستسقط الليلة.. ستسقط غداً.. ستسقط بعد غداً و(الناس عايشة الحمد لله 24 سنة)، وكل يوم السودان مقدراته في زيادة وترتيباته للأفضل.. كانوا يتوقعون أنه لما ينفصل الجنوب الحكومة ستسقط لأن البترول سيذهب والموارد البشرية ستذهب والحكومة ستسقط، ثم بعد ذلك (قفلوا) النفط وقالوا (نقفل النفط حتى تسقط الحكومة في الخرطوم).. لكن كل ذلك ما زاد السودان إلا قوة وإلا منعة.. ثم قالوا (نحرق هجليج)، لكن السودان بشعبه وبقوته وبعزيمته أرجع هجليج في (11) يوماً.. وأعتقد أن خطوات المجموعات في الحركة الشعبية هدفها إسقاط النظام، والشيوعيون (بتاعننا الفي الشمال) انخدعوا و(اتغشوا غشة كبيرة جداً) من الشيوعيين الجنوبيين.. وأفتكر أن الدول الغربية (اتغشت)، وأن أمريكا (ما عندها معلومات).
{ والحكومة السودانية أيضاً (اتغشت) وانخدعت وما زالت تجري وراء جزر أمريكا الفاسد؟
– (نحن ما ماشين وراء الجزر نحن ماشين تدريجياً وراء أن نبين ونوضح الحقائق).. وأعتقد أن الأمريكان بدأوا يعون، والإدارة الأمريكية بدأت تفهم الأمر وأدركت أنها تعرضت لـ(غشه كبيرة) من المجموعات الشيوعية في الجنوب، وفي الشمال.. وطبعاً الذي أبان لها الأمور أكثر ما حدث بعد انفصال الجنوب.. الحرب التي وقعت في الجنوب.. والأمريكان الآن ندموا جداً لأنهم وقفوا مع الحركة الشعبية وساهموا في ما يجري في الجنوب الآن وفي الإبادة الجماعية التي تحدث، والناس الذين كانوا وراء هذا الملف في أمريكا الآن سيخرجون من السلطة بسببه.
{ معنى ذلك أنك تتوقع انفراجاً وشيكاً في مسألة الحوار والتطبيع مع الإدارة الأمريكية؟
– أتوقع انفراجاً كبيراً، لكن الانفراج يقوم على فهم مشترك من الجانبين.
{ هل الحوار متكافئ يا دكتور؟
– أكثر من متكافئ.. وأصلاً تكافؤ الدول في سيادتها.. الحوار متكافئ.. فالسودان دولة ذات سيادة وأمريكا دولة ذات سيادة.. أمريكا تحترم إرادة السودان والسودان يحترم إرادة أمريكا، وسيصل الطرفان في النهاية إلى نتيجة.
{ هناك مبادرة يقوم بها البرلمان لدفع عجلة الحوار مع الإدارة الأمريكية حدثنا عنها؟
– البرلمان حواره مستمر منذ يناير الماضي مع الحكومة الأمريكية، وأعتقد أن المجلس حقق نتائج طيبة في هذا السعي.. ومنطلقنا في الحوار مع الإدارة الأمريكية أن العقوبات أحادية الجانب، ووضع السودان في ملف الدول الراعية للإرهاب.. هذه الخطوة تؤثر على المواطن بشكل مباشر، واستطعنا خلال فترة وجيزة أن نجمع بيانات كثيرة جداً حول هذا التأثير السلبي الواقع على المواطن.. وأعتقد أن الأمريكان يمكن أن يشعروا بعد قليل أنهم أيضاً خسروا جراء هذه العقوبات.. خسروا كثيراً جداً.. خسروا السودان، وخسروا مساحات كبيرة في المنطقة الأفريقية لأن تجربة السودان شجعت الدول الأفريقية على أن تتعامل مع الصين ومع ماليزيا ومع دول آسيا بشكل طيب.. وأعتقد أن تجربة الدول الغربية مع أفريقيا كانت تجربة تحكمية، تحكم في الموارد وفي السياسات وفي الاقتصاد وسيطرة على البشر.. أفتكر أن الخسائر حدثت أيضاً لأمريكا، وأمريكا ستحتاج وقتاً لتعمل وتستعيد وضعها.. نحن فعلاً دولة صغيرة، لكن لدينا من الطرق ما نستطيع أن نؤثر به في الساحة الدولية.
{ دكتور.. حديثك عن أن الإدارة الأمريكية أيضاً خسرت من جراء هذه العقوبات الكثيرون سيشعرون أنه نوع من الغطرسة السودانية وأننا نريد أن نعيش في أوهام جميلة.. وإلا فماذا يشكل السودان كله بالنسبة للموازنة الأمريكية أو بالنسبة للخارطة السياسية وخارطة العلاقات الدولية في أمريكا؟
– القراءة ليست كذلك.. القراءة الصحيحة للبيئة الدولية تركز على أن القرار الذي سيتخذه السودان ما هي تأثيراته وتداعياته في ساحة العلاقات الدولية.. هذه هي القراءة الصحيحة.. السودان لو اتخذ هذا الموقف، لو أثر على دولة أو دولتين أثره وتداعياته على الدول الأخرى التي ستتضرر من هذا القرار سيكون كبيراً.. وكون أن يشجع موقف السودان دول أفريقية أخرى على أن تنحوا نحوه وتتجه شرقاً (دي بعملوا لها حساب أيضاً).. ونحن عندما ساءت علاقتنا بأمريكا هذا أثر على علاقتنا بالدول الغربية كلها.. أوروبا كلها وقفت موقف أمريكا وقاطعت السودان.. بقرار من أمريكا وقفت ضد السودان.
ما أريد قوله إن الدول مهما صغرت أو كبرت سيادتها متساوية، لأن القرار السياسي الذي تتخذه أية دولة تداعياته تظهر على الساحة الدولية.. يعني دولة صغيرة جداً مثل كوبا عندما تحركت ضد أمريكا أقامت التحركات التحررية في معظم أمريكا ومنعت أمريكا من الوصول إلى كثير من الموارد التي كانت تحت سيطرتها.. هذا ما أريد قوله.. إن الدولة مهما كانت صغيرة، إذا رتبت نفسها ووضعت يدها على المناطق التي توجع، فالأمر سيكون مؤثراً جداً وقوياً.. لكن أنا أريد أن أقول إن السودان لا ينحوا هذا النحو إلا بقدر ما ضاعت حقوقه وبقدر ما ضاع مصير شعبه.. والجهود التي تُبذل الآن جعلت السودان رغم المشاكل التي تحيط به دولة مؤثرة تماماً.