السوق (الأسود).. والعمود (الأصفر)!!
انفلات السوق في السودان ليس له علاقة بالأوضاع الاقتصادية، فإذا ارتفع سعر الدولار في السوق الموازي، ارتفعت أسعار كل السلع بما في ذلك الطماطم في موسمها والليمون! وإذا هبط سعر الدولار والعملات الأخرى مقابل جنيهنا، كما هو الحال هذه الأيام، فإن ذلك ليس مبرراً لخفض الأسعار، (لأنو إمكن الدولار ارتفع تاني . . يا جماعة)!!
هي الفوضى إذن التي لا علاقة لها بحسابات الاقتصاد . فأين الحكومة بل أين الحكومات من المركز للولايات، وفيها وزارات معنية بشؤون المستهلك ؟!
مشكلة السلطة الحاكمة الأساسية أن طبقة (رجال الأعمال) فيها هي الأعلى صوتاً، والأقوى نفوذاً والأقرب لمتخذي القرار.
بل إن بعض متخذي القرار أنفسهم ثقافتهم وسلوكهم وعلاقاتهم أقرب لوسط (البزنس) من هموم أوساط العامة من الدهماء، ولهذا لا تجدهم يبالون بصراخ الناس وضجيجهم وهم يجأرون بالشكوى اليومية من وطأة غلاء الأسعار . . أما اتحادات العمال وجمعيات المستهلك فهي واجهات هي ذاتها للاستهلاك . . ليس إلا!!
والمسؤولون كأنهم لا يصدقون، ولسان حالهم يقول: (هؤلاء يبالغون … ويجحدون النعمة)!!
انتبهوا أيها السادة . .أوقفوا هذه الفوضى وهذا (الاستغلال) اليومي للمواطن ونحن في أيام الاستقلال!!
2
ليس كل فتاة جميلة تصلح لأن تكون كاتبة عمود . . ولا كل صحفية مجيدة في مجال التحرير الصحفي تناسبها كتابة العمود اليومي . وكما قال الرائع خفيف الظل الأستاذ “محمد محمد خير”، فإن كاتب العمود ينبغي أن يتوافر على ثقافة ومعرفة متصلة، وخبرات، ورؤية خاصة وفوق هذا وذاك – في رأيي – لابد أن يكون ذا قدرة فائقة على التعبير الراقي بأدوات اللغة في مساحة محدودة، تماماً كما يفعل لاعب الكرة الماهر في (خط 18)، فعليه أن يختصر مجهودات زملائه وتمريراتهم الطويلة والقصيرة في (هدف)!!
لقد كان لي شرف أن أكون واحداً من المؤمنين والمنفذين لفكرة اكتشاف وتشجيع واستقطاب (كاتبات) من مبدعات هذا البلد البارعات لصفحات الجرايد (الأخيرة) و(الداخلية)، حسب طبيعة المادة ولون العمود واتجاهات الكاتبة ثقافية كانت أم سياسية أم اجتماعية. وقد كان ذلك ابتداءً بالأستاذة “منى أبو زيد” مروراً بالأستاذتين الشاعرتين “نضال حسن الحاج” و”داليا الياس” وتشجيع الأستاذتين المميزتين “مشاعر عبد الكريم” و”أم وضاح” وليس انتهاءً بالفيلسوفة اليافعة “شيماء الرشيد” التي قال عنها زميلنا وأستاذنا الكبير “سعد الدين إبراهيم”: إنها (فاتت الكبار والقدرها )!!
غير أن بعض المتهجمات على هذا (الفن) دون دربة ومعرفة وقدرات، يحبطن كل مجهودات تجميل حديقة الصحافة السودانية بزهرات عطرات . . فواحات يخففن من غلواء السياسة ويمسحن أحزان شعبنا الجريح .
ولأن المتهجمات لا يملكن القدرة على لفت الانتباه، فإنهن غالباً ما يحاولن إثارة الغبار بتعمد التعرض لقضايا (المسكوت عنه) ليس بالعرف والأخلاق فقط، بل حتى الممنوع بالقانون الجنائي وقانون الصحافة والمطبوعات!! والهدف: (أنا كاتبة لافتة للأنظار مثيرة للجدل) !!
والنتيجة: كمية من المخالفات القانونية و(الفاولات الكبيرة) ومنها ما يستحق البطاقة (الحمراء).
لست نادماً أنني رفضت لكثيرات كتابة عمود يومي، فما يقع أحياناً تحت البصر مثير للاشمئزاز.
وأزيدك يا “محمد خير” من الشعر بيتاً، فإذا كان طلب الرجال الآن (عمود وعربية وبيت) ، فإن مطلب بعض النساء صار: (عمود وعربية . . وبيت . . وراجل . . إن شاء الله راجل مرا)!!