مشاركة الأطفال في النزاعات خطر يهدد المجتمعات
الخرطوم – نهلة مسلم
وجدت الدعوة بعدم مشاركة الأطفال في الحروب والصراعات تجاوباً منقطع النظير من قبل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية والوطنية، التي ظلت تناشد عدم مشاركة الأطفال في الحروب وتدين بشدة مسلك المشاركة لما يتعرضون له من مشاكل نفسية وجسدية. والشاهد على الوقائع أن السيناريو ما زال يتكرر في استخدام الأطفال في الحروب منذ اندلاع نيران التمرد في جنوب السودان ومعارك الحركات المسلحة في ولايات دارفور التي مارست معهم الأساليب العقيمة في تجنيدهم وزجهم في أتون الحروب دون مراعاة لسنهم العمرية وأوضاعهم النفسية، إلى ذلك وجدت الجبهة الثورية ضالتها منهم إبان اندلاع الفتنة في يونيو في العام 2011 بجنوب كردفان والنيل الأزرق، وظلت تقضي على حقوقهم كاملة ودهسهم برحى الحرب إلا أن مشاركة الأطفال في الصراع بات أمراً يشكل خطراً على المجتمع الذي ظهر جلياً في استخدامهم بطريقة مستمرة في النزاع القبلي بولايات دارفور في إطار الاهتمام بقضايا الأطفال، وكانت بعثة (اليوناميد) قد دعت في تعميم صحفي منتصف أكتوبر إلى تعزيز الملكية المحلية لحماية الأطفال في دارفور وكانت هذه بمثابة خطوة هادفة نحو الاتجاه الصحيح للبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. في دارفور بالخطوة في هذا الجانب التزام زعماء القبائل والعشائر بولاية دارفور المتنازعة بالخطة الإستراتيجية والمجتمعية الهادفة لوضع حد لاستخدام الأطفال كمقاتلين في النزاعات العرقية الدائرة هناك وتوقعت البعثة أن يقود التنفيذ الناجح لخطة وتعزيز العلاقات بين المجتمع والمؤسسات الإقليمية والدولية لتسهم في الحد من الاشتباكات القبلية ويساعدوا في حماية الأطفال. وقال الممثل الخاص المشترك لـ(يوناميد)، كبير وسطاء المشترك بالإنابة “أبو يدون يشو” في التعميم: (يسرنا أن نرى المجتمعات وهي تقوم بدور قيادي في حماية الأطفال والمحافظة عليهم والدفاع عن حقوقهم من لهيب الحروب القبلية).
في ظل الاهتمام بقضايا الأطفال.. استطلعت (المجهر) بعض المسؤولين حول رأيهم في قضية التجنيد والدفع بهم حول الحروب. من جهته قال الدكتور “عبد الكريم موسى” الناطق الرسمي بإعلام السلطة الإقليمية بدارفور إن مشاركة الأطفال في الصراع القبلي أمر مرفوض، مشيراً إلى الإسلام لا يقبل والقانون الدولي كذلك يهتم بالإنسان في حالة الأمن والسلم ويمنع أي مشاركة أو تجنيد للأطفال والإجحاف في حقهم.
وفي حديثه لـ(المجهر) وجه رسالة عامة ولدارفور بصفة خاصة داعياً لغرس بذور السلام والاهتمام بأمر الأطفال، مؤكداً أن استمرار العنف ينتج عنه ردود أفعال سالبة لأجيال لا تعرف إلا إراقة الدماء والعنف تجاه المجتمعات، ويضيف إنها مشكلة حقيقية تحتاج للمزيد من الدراسة والإرشاد التوعوي لتفادي العواقب الوخيمة التي قد تؤدي إلى هلاك الأجيال، داعياً النظر بجدية لحل المسألة. وقال إن قضية الأطفال يصعب التغاضي عنها وكلما توفرت الوسائل العلمية والتوعية تراجعت ظاهرة استخدام الأطفال في النزاع، مطالباً أن يُعطى الأمر اهتماما كاملا وقال:(اتقوا الله في أطفال دارفور الأبرياء حتى ينعموا بجو صحي معافى).
بينما يقول المحامي “الطيب النظيف” إن هناك نوعين من تجنيد الأطفال طوعي وقسري، موضحاً أن التجنيد القسري يتم بغير إرادة الأطفال من خلال الاختطاف بالقوة هو لم يتجاوز سنة (18)، أما الطوعي فالطفل يذهب بنفسه لأنه شاهد وعاش الحرب من دمار وترويع واغتصاب وغيرها من أنواع العنف، وبالتالي يرفضه المجتمع إلا بعد إعادة تسريحه ودمجه في التأهيل الاجتماعي.
ويشير في حديثه (للمجهر) إلى أن سلبيات مشاركة الأطفال في الحروب والنزاعات القبلية وخيمة تتمثلا في حرمانهم من التعليم وتعرضهم لأخطار الحرب وإصاباتهم بالإعاقة البدنية والانتهاكات الجسدية والفنية، أشار “الطيب” إلى دور المؤسسات الدولية لاستيعاب المسرحين.
وأوضح أن قانون الطفل الوطني 2010 وضع حقوق ممتازة للأطفال في التعليم والعلاج، بجانب منع استخدام الأطفال في الأعمال الشاقة.
ويضف أن اتفاقية 1990 لقانون الطفل حظيت بإجماع وطني واعترفت بها كل الدول والسودان وافق عليها وأصدر رئيس الجمهورية قراراً بإنشاء مجلس قومي لرعاية الطفولة لمتابعة وتطبيق وتنفيذ الاتفاقية وتحقيق مصلحة الطفل الفاضلة.
ويقول إن المادة 38 (3) من قانون 1990 تمنع كل الدول الموقعة على الاتفاقية تجنيد أو استخدامهم في الصراع.
من جهتها أوضحت الباحثة الاجتماعية “ثريا إبراهيم” أن المشكلات القبلية تؤثر تأثيراً بالغاً في حياة الأطفال من مشاهد أخلاقية وإنسانية تؤثر على خصوصيتهم وحريتهم خاصة إذا كانت سنهم العمرية تتراوح ما بين (10 – 14) سنة بالتالي تزداد درجة الاضطرابات النفسية على سلوكياتهم، والمواقف التي تتوغل في دواخلهم من خوف وذعر وتؤثر على مستواهم الشخصي الأكاديمي. وقالت (المجهر) إن درجة العنف قد تصيب أيضاً نفوس الأسرة التي تعرضت إلى حالات من نزوح وتشرد.
مضيفة أن الصراع يعتبر من الأسباب التي تعوق نمو الطفل وتؤدي إلى خلل في توازنه النفسي واستغلال الأطفال في الحروب وتترك آثاراً نفسية سالبة. ودعت “ثريا” إلى تأهيلهم نفسياً خاصة الذين يتعرضون لنزاع في مناطقهم.. وتقول الحروب تحرمهم من التمتع بحياة طبيعية وتحد من تواصلهم الاجتماعي وتجعلهم يعيشون في عزلة مظلمة.