سكرتير الحزب الشيوعي "محمد مختار الخطيب" لـ(لمجهر) (1 – 2)
* ميثاق قوى الإجماع و(الجبهة الثورية) هو الأساس الذي بُني عليه (نداء السودان)
* حزب (الأمة) اختار التنسيق لكن لا مانع من عودته مرة أخرى
* المؤتمر الشعبي انتقل لتجميع قوى الحركة الإسلامية ضد برنامجنا
* لسنا بصدد إعادة هيكلة التحالف ومتمسكون بـ”فاروق أبو عيسى” في الرئاسة
منذ انطلاق الحوار الذي أعلنه الرئيس “البشير” في بواكير العام الحالي لم يحدث تقارب بين (المؤتمر الوطني) والحزب (الشيوعي) سواء أكان حول موضوع الحوار أو قضايا الانتخابات والمفاوضات التي تجرى بين الحكومة وبعض القوى المعارضة بشقيها (المدني والمسلح)، ورغم الدعوات التي تقدم لـ(الحزب الشيوعي) في إطار السعي لإقناعه بالدخول في عملية الحوار الجارية، إلا أن بعض قيادات المؤتمر الوطني تحدثت عن أن الحزب (الشيوعي) حسم تحالفاته في الساحة، وقد يكون المراقب لا يعرف له تحالفاً غير قوى الإجماع الوطني، لكن مؤخراً انضم الحزب إلى الحركات المتمردة الخارجية عندما إبتعث بعض قياداته لملاقاة قيادات (الجبهة الثورية) وربما لطرح آرائهم وقناعاتهم للوساطة الأفريقية، وتمخض عن هذا الحراك اتفاق (نداء السودان) الذي ضم (الجبهة الثورية) و(قوى التحالف الوطني) وحزب (الأمة القومي) وبعض المبادرين من منظمات المجتمع المدني، الحكومة من جانبها تعاملت مع هذا الاتفاق بردود فعل وصلت حد اعتقال القيادات الموقعة عليه، (المجهر) التقت سكرتير الحزب (الشيوعي السوداني) “محمد مختار الخطيب” في حوار تناول تطورات الوضع الراهن واتفاق (نداء السودان) وقضايا الحزب و(تحالف قوى الإجماع).. فماذا قال؟
حوار – فاطمة مبارك
{ دعنا نبتدر الحوار بالسؤال عن نظرتكم لـ(نداء السودان) على ضوء وجود اتفاق سابق له؟
– (نداء السودان) هو انجاز كبير وعمل ضخم لأنه ضم القوى الأساسية وحزب (الأمة القومي) ومبادرين من منظمات المجتمع المدني وتوافقوا على ضرورة تفكيك النظام في سبيل فتح الطريق للسودان، بجانب أنه خاطب القضايا الحقيقية لأزمة البلاد.
{ انجاز لمن؟
– للشعب السوداني ضد نظام يقف عائقاً أمام نهوض الوطن وعمل خلال (25) عاماً على تقويض كل ما بناه الشعب وتغييبه وكبت الحريات.
{ عملياً ما هي فرص التطبيق على الواقع؟
– هناك ميثاق وقع بين (الجبهة الثورية) و(تحالف قوى الإجماع الوطني) فيه توافق كامل بين تحالفين أساسيين في المعارضة، هو تحالف قومي يمثل تطلعات الحضر والريف والقوى الحديثة والسودان عموماً، وهذا ما افتقدناه خلال (58) عاماً من الاستقلال على أساس أن توزيع الثورة والسلطة كان منصباً في الوسط.
* لكن ما الجديد هذه المرة؟
– ما فعلناه يفتح الطريق واسعاً للنهوض بالشعب وحل الأزمة السودانية خلال مؤتمر دستوري قومي يعقد بعد إسقاط النظام وفترة انتقالية تعقب عملية الثورة، ومن ثم يتم الاتفاق على وضع دستوري وانتخابات حرة نزيهة، وهذا يخرجنا من الدائرة الشريرة التي عاش فيها السودان زمناً طويلاً.
{ (اتفاق باريس) هل كان يحمل ذات المفاهيم؟
– (إعلان باريس) كان اتفاقاً بين (الجبهة الثورية) وحزب (الأمة القومي)، لكن (نداء السودان) أوسع من ذلك بكثير، هو اتفاق بين (الجبهة الثورية) و(قوى الإجماع الوطني) وحزب (الأمة القومي) ومبادرين من منظمات المجتمع المدني، ويعتبر بمثابة وجهة لتوحيد قوى المعارضة بمختلف مكوناتها، وسيكون الضمان الحقيقي للبرنامج الذي يأتي بعد إسقاط النظام.
{ لكنكم كقوى إجماع وطني رحبتم بـ(اتفاق باريس) وقتها؟
– رحبنا لكن قلنا يحتاج إلى استكمال خاصة فيما يخص وجود فترة انتقالية.. هناك نواقص في (إعلان باريس) وفي “أديس” تم استكمال هذه النواقص.
{ حزب (الأمة القومي) على لسان نائب الرئيس “محمد عبد الله الدومة” قال (باريس) أشمل من (نداء السودان)؟
– هذا رأي يخصهم هم ولا يعنينا كثيراً، من جانبنا نرى أن (إعلان باريس) كان بداية لمشروع تم استكماله في “أديس أبابا”.
{ لماذا لم تعلن الوثيقة التي عقدت بين (قوى الإجماع الوطني) و(الجبهة الثورية) ووقع عليها “فاروق أبو عيسى” و”أركو مناوي” على الملأ طالما أنها متسقة مع (نداء السودان)؟
– أنا تحدثت عن أن الميثاق الذي عمل كان بين (تحالف قوى الإجماع الوطني) و(الجبهة الثورية)، وهذا الأساس الذي بني عليه (نداء السودان)، وهناك فرق بين التحالف والتنسيق.
{ إذن الوثيقة التي وقعت بين قوى التحالف وقوى الإجماع والجبهة الثورية هي الأساس أليس كذلك؟
– الميثاق الأول هو تحالف حقيقي والوسائل مختلفة لإسقاط النظام، لكن هناك اتفاقاً كاملاً حول إسقاط وتفكيك النظام، وهناك برنامج متفق على تفاصيله حول القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية، ومن ثم عقد مؤتمر دستوري لحل الأزمة السودانية بشكل عام، فعملية إسقاط النظام الحاكم متفق عليها وهي أجندة ثابتة بين مختلف المكونات، غير أن الخلاف يأتي في كيفية تنفيذ ذلك ربما الآليات والوسائل تختلف أو تتغير.
{ الأمر بدا للبعض وكأنكم أردتم عزل “الصادق” من الوثيقة الأولى؟
– لم نعزل “الصادق المهدي”ولكن بعد أن تم التواثق على الميثاق وهو الأساس الذي بُني عليه النداء كانت الوجهة كيف نضم “الصادق”؟ كان لا بد من الإجابة على هذا التساؤل؟ وفعلاً توافقنا حول الخطوط العريضة في (نداء السودان) الذي يضم القوتين أو الكتلتين وحزب (الأمة القومي) والمبادرين من منظمات المجتمع المدني، ونحن كنا ضمن هذا الحراك الذي أفضى وانتهى بالتوقيع على (نداء السودان).
{ تقصد أن الوثيقة الأولى هي الوثيقة الأساسية بعد ذلك تم استيعاب الآخرين؟
– نعم، هذا صحيح بعدها تم استيعاب الآخرين الذين جاءوا لاحقاً، وأعتقد أن النداء لم يجد زخماً إعلامياً من الضرورة أن يطرح على الشعب السوداني.
{ ربما لأن الميثاق لم يأت بجديد؟
– الميثاق عبر عن رؤية متكاملة حول كيفية التوجه نحو حل الأزمة السودانية المستفحلة وضرورة تفكيك النظام، إما عن طريق إسقاطه أو إذا وافقت الحكومة أن يكون هناك حوار منتج وفق الشروط التي وضعها حزبنا وتحالف قوى الإجماع، فهذا أيضاً خيار ممكن ومتاح.
{ لماذا لم يفك تجميد عضوية حزب (الأمة القومي) في (قوى الإجماع) رغم الاتفاقات التي تمت بينهما مؤخراً؟
– حقيقة حزب (الأمة) جزء من (قوى الإجماع الوطني) ومن مؤسسيه بعد إعلان النظام للحوار فيما يسمى بالوثبة، خرج من الإجماع واتجه نحو الحوار مع المؤتمر الوطني، وعندما وجد أن الحل ليس في الحوار المطروح رجع مرة أخرى وأصبح جزءاً من قوى المعارضة واختار التنسيق الآن نحن معه في مرحلة التنسيق.
{ قد يكون للإجماع رأي في عودته؟
– ليس لدينا مانع في رجوعه لحضن قوى الإجماع الوطني مرة أخري، بل نعتبر دخوله مرة ثانية فيه تقوية للإجماع وتمتين لصفوفه مما يسهل علينا عملية لعب دور فعال في إسقاط النظام، لكن هو اختار التنسيق وهذه إرادته.
{ ألم يطرح نيته في فك التجميد؟
– يتحدث عن هذا، لكن عملياً ما زال في طور التنسيق مع الآخرين، ربما في المستقبل القريب يحدث شيء من هذا القبيل.
{ حزب (الأمة القومي) يتحدث عن تحالف جديد وهيكلة تتوافق مع مستجدات المرحلة.. ما رأيكم؟
– دائماً القوى المتحالفة يجب أن تكون متساوية في حقوقها ومهامها التي تقع على عاتقها.. الهيكل الموجود في البديل الديمقراطي الآن مناسب لاستيعاب كل القوى وبحقوق متساوية، فهناك هيئة عليا تنفيذية ثم قيادات رؤساء الأحزاب والهيكلان مناسبان ويستوعبان كل القوى التي تريد العمل داخله، بمعنى أن كل القوى التي تلج للتحالف تجد نفسها فيه ويمكن أن تعمل داخله.
{ الخلاف دائماً يتركز حول الرئيس؟
– لا يمكن أن يكون هناك تحالف بين أحزاب يبدأ بشكل رأسي، يجب أن تأخذ القرارات داخله وفق توافق كامل، لذلك ليست هناك هيكلة جديدة هذا هو الهيكل المناسب الذي ارتضيناه بل سنعمل في إطار الهيكل الحالي، قد يحتاج إلى إصلاحات لكن في إطار الهيكل الموجود.
{ حال أصر حزب (الأمة القومي) على الهيكلة الجديدة.. هل مستعدون كتحالف لقبول شروطه؟
– كما قلت هذا الهيكل هو الذي ارتضيناه لذلك لا نغيره لأنه يستوعب كل القوى السياسية ويعطيها الفرصة لاتخاذ القرارات بشكل كامل، لا نقبل بالشكل الرأسي بأن تكون هناك قيادة تتخذ القرارات نيابة عن الآخرين، يمكن أن يتم الإصلاح داخل الإطار الموجود حالياً.
{ هناك اختلاف داخل قوى الإجماع حول التحالف مع القوى المسلحة.. كيف تجاوزتم هذه العقبة؟
– لا يوجد خلاف واسع حول هذا الموضوع، والقضية ليست قضية خلاف أو توزيع سلطة، وإنما قضية أزمة منذ (58) عاماً تفاقمت بسبب سيطرة الرأس مالية الطفيلية على السلطة، ومن ثم أصبح من الضروري أن تحل الأزمة السودانية عبر اتفاق كل مكوناته حول برنامج محدد للخروج من الأزمة، دون ذلك لن يتم حلها وإذا استمر الوضع على نفس الأسس التي كان يمضي فيها السودان منذ 1958م، فهذا يعني انفصال أجزاء أخرى.
{ ما الحل؟
– لا بد من توزيع عادل للسلطة والثروة والخدمات وإحداث تنمية متوازنة ومنصفة متبادلة بين الأقاليم، دون ذلك سنمضي في تفتيت وحدة السودان، والإنجاز الأساسي في ميثاق تحالف الإجماع الوطني والجبهة الثورية هو توافقنا حول هذا البرنامج وكيفية الخروج من الأزمة,
{ قد يكون الوقت مبكراً للحكم على النتائج؟
– حتى الآن العمل تنسيقي، لكن نأمل أن يكون طريقاً لوحدة السودان حول هذا البرنامج وإنقاذه، وأكرر أن القضية ليست قضية إسقاط نظام فقط، لكن النظام عائق أمام حل الأزمة بسبب مرجعيته الطبقية وطبيعته الاستعلائية، لذلك يجب أن يصفي ويذهب.
{ ما هي الأسباب التي دعتكم للذهاب إلى “أديس”؟
– نحن منذ فترة طويلة كنا نعمل على الالتقاء كحزب مع (الجبهة الثورية) في سبيل التوافق معاً حول برنامج، وكما قلت حل الأزمة لا يتم إلا بلقاء القوى التي تحمل هموم المناطق التي تأثرت خلال (58) عاماً وظلمت وحملت السلاح مضطرة عندما أعلن الرئيس أن من له حقوق يرفع السلاح.
{ يلاحظ أن لغة قوى الإجماع أصبح فيها شيء من التصعيد مع المؤتمر الشعبي.. هل يعني هذا أنكم (قنعتم من قربه)؟
– ليس هناك ما يقفل الطريق أمام أي حزب، لكن السؤال إلى أي مدى هو متوافق مع البرنامج المطروح حالياً من قبل قوى الإجماع وميثاق تحالف قوى الإجماع الوطني والجبهة الثورية، ومدى توافقه مع أساسياته وجوهرة هذا يحدد موقعه.
{ لم يقل إنه بعيد بل ظل متمسكاً بعلاقته مع التحالف؟
– الشعبي عندما أعلن الرئيس حوار الوثبة خرج من إجماع تحالف قوى الإجماع الوطني وذهب للحوار ومازال موجوداً، ونحن نرى أن أي إصلاح في إطار النظام سيؤدي إلى مخاطر، ومن الضرورة العمل على إسقاطه، والمؤتمر الشعبي يرى أن ما تم في دول الربيع العربي ومصر بالذات يمثل خطراً على الحركة الإسلامية، وانتقل على أساس تجميع قوى الحركة الإسلامية ضد البرنامج الذي ندعو له ويريد استمرار نفس السياسات وأن يرث مع المؤتمر الوطني أو كحركة الإسلامية السلطة من جديد، ونعتقد أن هذا فيه إعادة للأزمة السودانية وقيادتها نحو الانزلاق وانفصال أجزاء أخرى من السودان.
{ ما هي شروطكم لفك تجميد عضوية المؤتمر الشعبي من تحالف قوى الإجماع؟
– موافقته على البرنامج الآخر الذي يخرج السودان من أزمته.
{ تقصد يخرج من الحوار؟
– نعم يخرج من الحوار.
{ يشاع أن الحزب (الشيوعي) هو من يقود تحالف الإجماع الوطني؟
– ليس صحيحاً كما قلت هيكلة تحالف قوى الإجماع الوطني توافقية بين كل القوى السياسية لا يمكن أن نمارس هيمنة على التحالف، ونحن نرفض الهيكلة الرأسية، نحن نقول من الضرورة وجود هيئة رئاسية تتوافق حول قرارات التحالف وتكون بإجماع الرؤساء والأحزاب المنضوية تحت لوائه.
{ مؤخراً سمعنا أن “فاروق أبو عيسى” قدم استقالته من رئاسة التحالف بدعوى تقدم السن والمرض؟
– “فاروق” رجل كفؤ في قيادة العمل داخل التحالف وجوده مهم في قيادة التحالف، ويستطيع أن يوفق بين كل القوى بصورة جيدة، قد يكون سفره لمصر من أجل العلاج لكن نحن متمسكون به.
{ العلاقة بين حزب (الأمة القومي) ورئيس التحالف ليست على ما يرام.. كيف ستمضي مسيرة التحالف على ضوء هذه الاختلافات؟
– واضح أن حزب (الأمة القومي) له مواقف مختلفة، فعندما كان يعمل داخل التحالف خرج وانضم للحوار ثم خرج من الحوار وعمل اتفاقاً مع (الجبهة الثورية) مواقفه حسب رؤيته وذلك من حقه، يحاول أن يعتمد على المجتمع الدولي ونحن نعتمد على جماهير الشعب السوداني، عندما توصل إلى خط التحالف نحن يهمنا أن يكون معنا ولا يذهب للطرف الآخر، لذلك نرحب به داخل التحالف، ونعمل على أساس أن يتقدم خطوة أكبر باتجاه إرجاع الود إلى التحالف الإجماع الوطني.
{ العلاقة بين الإمام “الصادق” وأستاذ “أبو عيسى” قد تفسد الود؟
– العلاقة بين “الصادق” و”أبو عيسى” نابعة من خلافات في المواقف ليست خلافاً شخصياً فهو خلاف سياسي، لذلك عندما التقيا في “القاهرة” وضعا أساساً لكيفية التنسيق بين (قوى الإجماع الوطني) وحزب (الأمة القومي)، و”أبو عيسى” لا يستطيع أن يتخذ قراراً وحده القرار يتخذه الرؤساء هنا، لذلك أرسل ما توافقوا عليه مع “الصادق المهدي”، ونحن وافقنا أن يكون هناك تنسيق بين حزب (الأمة) و(تحالف قوى الإجماع).
{ هل شعرتم أن توافق (الأمة القومي) مع الإجماع أذاب جليد الخلاف القديم؟
– السياسة تحكمها مصالح، لذلك الحراك في العمل السياسي هو حراك مصلحي، كل ينظر للمسألة القومية من وجهة نظر مصلحية لقوى اجتماعية محددة، وهنا يحصل التنافر، لكن عندما يكون السودان نفسه في خطر من الضرورة أن يتوافق الجميع في كيفية إنقاذ السودان من الخطر، وبعد ذلك تكون المباراة بين المشاريع المختلفة وتطرح للشعب، لذلك نحتاج للديمقراطية وأعتقد أن أزمتنا تكمن في عدم وجود ديمقراطية وتوزيع الثروة والسلطة بشكل ديمقراطي، وكيف تعمل القوى المختلفة قضية ديمقراطية وأن لا تختصر الديمقراطية على النخب، بمعنى انتخابات عامة وبرلمان نريدها أن تتنزل للقاعدة في شكل حريات عامة حتى يستطيع الشعب إعادة منابره وتأسيسها مرة أخرى في سبيل أن يشارك في صنع القرار أو يؤثر عليه.