بكل الوضوح
عامر باشاب
“معتز غرباوي” فقد عزيز
{ ليه الناس بقت بسرعة ترحل.. والبيرحل هو اللي أجمل واللي أنبل وهو اللي أفضل..
هذا المقطع من قصيدة شهيرة رثى بها صديقي الطبيب والأديب الفنان “عمر محمود خالد” مجموعة من نبلاء وعظماء بلادي الذين رحلوا عن هذه الفانية بسرعة البرق وبدون تلويحات وداع ومرثية دكتور “عمر” والتي جاءت تحت عنوان (ليه الناس بقت بسرعة ترحل) تذكرتها وجالت بخاطري عندما هاتفني أخي وابن عمي “خالد فضل عبد الماجد” ناقلاً لي نبأ رحيل ابن عمي “معتز سر الختم حسن غرباوي” الذي فارق هذه الفانية على عجل دون مقدمات.
{ كلنا ذائقون الموت وذاهبون إلى هذا المصير ولكن بميقات حدده الله تبارك وتعالى الذي بيده الملك والذي خلق الموت والحياة، فالموت هو الحقيقة المؤكدة في هذه الحياة الدنيا وجميعنا راحلون إلى عالم الغيب حيث تجزي كل نفس بما كسبت.
{ ورغم الصدمة والفاجعة ورغم عظم مصيبة الموت ولكن الله تعالى برحمته خصانا نحن المسلمين بنعمة الرضا بقضائه وقدره، وأكرمنا بفضيلة الصبر على البلاء والابتلاء كعلاج روحي فعال، يعيننا على تجاوز الأزمات والمصائب والمحن ولحظات الفراق وهي اللحظة التي يلجأ فيها العبد إلى ربه ملتمساً منه أن يلهمه الصبر والقدرة على تحمل ما أصابه بالفقد المفاجئ لإنسان عزيز كان يتقاسم معه الحياة بحلوها ومرها.. وهنا بالتأكيد لن يرده الله عز وجلا خائباً بل سيدخل في قلبه السكينة والطمأنينة والهدوء.
{ وددت بهذا الحديث أن أواسي نفسي وأحتسب عند الله تعالى ابن عمي الشاب الخلوق “معتز سر الختم حسن غرباوي” الشهير في منطقة (الخرطوم 3) بـ(معتز المحينة) الذي وافته المنية فجر الخميس الماضي، ووداعه لهذه الفانية بسرعة يؤكد بأن الله أكرمه بحسن الخاتمة ورحيل الصالحين “الميتة الهينة والشهادة البينة”.
{ و”معتز غرباوي” من الشباب الذين خصاهم الله بقضاء حوائج الناس ووهبه محبة الجميع، فقد عاش كل حياته مبذولاً لخدمة الناس، كان يتمتع بحس إنساني عالٍ ودائماً ما تجده متقدماً الصفوف في ملمات الخير وساعات الحزن.. وكان لا يبخل على من يقصده في خدمة أو يستوقفه حتى على الطريق لطلب مساعدة. ولا عجب في ذلك فهو سليل قبيلة ذات صلة وثيقة بالدين والعلم والفضيلة ومن أسرة عرفت بالبذل والعطاء والتفاني في العمل والإخلاص في خدمة الوطن… فوالده عمنا “سر الختم حسن غرباوي” متعه الله بالصحة والعافية من جيل التضحيات وقادة العمل العام في الزمن الجميل والنظيف، فهو أحد الذين وضعوا الأساس المتين للخدمة المدنية بعد استقلال السودان وعمل لأكثر من أربعين عاماً موظفاً بالبرلمان عندما كان البرلمان برلماناً بحق وحقيقة، وعندما كان أعضاؤه يتفانون ويتنافسون في خدمة الشعب، وعمه رجل العلاقات العامة المعتق “عثمان حسن غرباوي” أحد الذين ساهموا في تأسيس الصرح العلمي ذائع الصيت الذي امتد نوره إلى خارج الحدود (جامعة أم درمان الإسلامية).
{ وضوح أخير
{ الراحل “معتز” رغم أنه ابن عمي )لزم( ولكنني عرفته عن قرب من خلال شخصيات جمعتني بهم علاقة صداقة رائعة الجمال أبرزهم المصرفي الراحل “صلاح محمد عثمان يس” الرئيس السابق لنادي الخرطوم العائلي ومؤسس أشهر منتدى ثقافي بالخرطوم، وأيضاً عرفته من خلال صديقنا المشترك خبير الموارد البشرية دكتور “عبد الرؤوف محمد طه” مدير (مركز المجذوب للاستشارات المالية والاقتصادية).
{ أسال الله لفقيدنا الرحمة والمغفرة والقبول الحسن ولأسرته الصغيرة والكبيرة الصبر والسلوان، وأن يرفع عنهم سحائب الحزن ويلهمهم الصبر والسكينة.
(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)