العودة للأقاليم (3)
لن تعود الأقاليم كما كانت في السابق كردفان إقليم واحد وكذلك دارفور والإقليم الأوسط، حيث عصفت الحرب بوحدة كردفان السابقة، وكذلك الإقليم الأوسط الذي كان في السابق مديرية النيل الأزرق وتضم “مدني و”سنار” و”الرصيرص”، ولكن سلبت حقوق النيل الأزرق عند تقسيم الأقاليم وتم حجب أسمها الحقيقي والمجيء بصفة (الأوسط).. والآن يمكن قيام إقليم “النيل الأزرق” ليضم مملكتي “سنار” و”فازوغلي” مع الإبقاء على الولايتين “النيل الأزرق” الحالية و”سنار” مع تعديلات في الأسماء مثلاً ولاية مكوار (سنار) ولاية فازوغلي (النيل الأزرق) وعلى رأس الإقليم حاكم يتم انتخابه من المجالس التشريعية في الولايتين.. على أن ينتخب الولاة مباشرة من الشعب ويصبح حكام الأقاليم مساعدين لرئيس الجمهورية أعضاء مجلس الوزراء الاتحادي أو في مؤسسة الرئاسة.
وينشأ إقليم الجزيرة ليضم ولايتي “مدني” و”النيل الأبيض” وإقليم “شرق السودان” يضم الولايات الثلاث.. وتصبح العاصمة الخرطوم ولاية فقط.. وتقسم كردفان لإقليمين جبال النوبة ويضم ثلاث ولايات قدير وهي تضم محليات شرق وجنوب كردفان الحالية.. وولاية غرب كردفان وتضم الولاية الحالية باستثناء الجزء الشمالي منها.. وولاية “كادوقلي” و”الدلنج”.. ويصبح الحاكم المنتخب من المجالس التشريعية كما ذكرنا آنفاً مساعداً للرئيس.. وتسمية هذا الإقليم بجبال النوبة مهم وضروري ولن ينتقص من حقوق الآخرين.. بل المجموعات العربية وهي مزيج من العرب والنوبة يفتخرون ويتباهون بأنهم من “جبال النوبة” وقديماً كانت هذه المنطقة تسمى “جبال النوبة”، ولو سألت اليوم كل قيادات المؤتمر الوطني من أبناء النوبة من “كبشور كوكو” رئيس مجلس الشورى المركزي ود. “خميس كجو” و”مركزو” و”خاطر أبو راس عسولة” و”إبراهيم نايل إيدام” وهؤلاء هم قادة النوبة عن اسم الإقليم لاتفقوا على أسم “جبال النوبة” ولكنهم مغلوبون على أمرهم ولا يستطيعون الجهر برأيهم علناً حتى لا يدمغون بالتمرد ومولاة غير الحكومة وحزب المؤتمر الوطني. ودارفور يمكن تقسيمها إلى إقليمين دارفور ويضم شمال دارفور الحالية ووسط دارفور وغربها وتصبح الفاشر عاصمة لهذا الإقليم ومقراً لحاكم الإقليم وسلطته على أن يقوم إقليم آخر عاصمته نيالا ويضم ولايتي شرق وجنوب دارفور الحاليتين مع إمكانية قيام ولاية أخرى تضم عديلة وشعيرية وعد الفرسان، وولاية تضم الضعين وبحر العرب وعاصمتها الضعين.. وفي ذلك حل لنزاع الرزيقات والمعاليا الذي تطاول منذ الستينيات وتعمق أكثر بعد التقسيم الأخير.. الذي كان دعاته والواقفون من خلفه مساندين يعتقدون أنه سيحقق السلام ويقضي على الحرب بيد أن حدث العكس تماماً.. وبالطبع فإن جمع الشمالية ونهر النيل في إقليم عاصمته “مروي” التي تعتبر الآن المدينة الثانية بعد الخرطوم من حيث البنية التحتية من طرق ومطارات ومستشفيات وهي مؤهلة لأن تصبح المدينة الأولى في السودان ولن تبلغ ذلك المقام إلا بوجود حاكم للإقليم الشمالي الذي يضم “نهر النيل” و”الشمالية”.. ولا بأس من ضم أجزاء من ولاية كسلا الحالية لهذا الإقليم خاصة أعالي نهر عطبرة، حيث يعتبر المكون السكاني للأجزاء الشمالية من البطاانة جزءاً من “نهر النيل”.
ولكن أن ينصرف كل جهد وعقل النخبة السياسية في كيف تصبح للمركز سلطة التعيين والسيطرة على الولايات ذلك ما يعمق أزمات البلاد ولن يفلح في توصيف موضوعي لحل.. ويجب أن يخاطب المؤتمر الوطني الرأي العام بموقفه الداعم للحكم اللامركزي ولا يتبنى مسألة التعيين باعتبارها هي الأمثل.. بل فرضتها ظروف مؤقتة.. لأن انتخاب الولاة من شأنه تعميق الخلافات السياسية ويصبح الولاة المنتخبين حجر عثرة في طريق أية تفاهمات خلال الـ(5) سنوات المقبلة بين المؤتمر الوطني والقوى السياسية.