الرئيس "البشير" يطلق مجموعة الرصاص في كل الاتجاهات
في لقائه مع مزارعي الجزيرة والمناقل
الخرطوم ـ سيف جامع
وسط أجواء خيمت عليها الحماسة العالية والتكبير والتهليل المجلجل أعاد مزارعو مشروع الجزيرة والمناقل أمس(السبت) ثورة الإنقاذ إلى أيامها الأولى، حينما كانت في مهدها وقوتها وجمال أدبياتها. كان مجمع قاعات الصداقة أمس ميداناً لملحمة وطنية احتشد بها الآلاف من المزارعين ضاقت بهم جنبات القاعة الرئيسة التي تسع لحوالي (4) آلاف شخص ليضطر منظمو اللقاء الاستعانة بالفرندات والردهات الخارجية للقاعة، لاستضافة المزارعين الذين حضروا باكراً من خلاء وقرى مشروع الجزيرة والمناقل. كان أولى المشاهد دخول شباب المزارعين إلى القاعة وهم ينشدون (دون دون إسلامية بس) (دون دون إسلامية بس). في البدء خشي المنظمون من فشل اللقاء الذي دعا له مزارعو مش، حيث كان مقرراً له الساعة (11) صباحاً ومضت الساعة المحددة ومازالت القاعة خالية، وعندما اقتربت الساعة من الثانية عشر سرعان ما تقاطرت جموع المزارعين عبر البوابات حتى أن حراس أمن القاعة أوقفوا الفحص الأمني نسبة لشدة التزاحم للمشاركة في نفرة نصرة رئيس الجمهورية المشير “البشير” التي نظمها اتحاد مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل تحت شعار:(رد الوفاء لأهل العطاء).
ويبدو أن لقاء المزارعين الحاشد أمس بداية لماراثون الانتخابات القادم وعكس عملياً قدرة المؤتمر الوطني على تنظيم الحشد الجماهيري حتى في أحلك الظروف، خاصة في حالة مشروع الجزيرة الذي يتحدث فيه البعض أن سياسات الحكومة الحالية تسببت في تدمير المشروع، لكن المزارعين أصحاب الوجعة جاء بالأمس ردهم عملياً باصطفافهم ومبايعتهم للرئيس “البشير”، وتدشين إعلانه مرشحاً للرئاسة في الانتخابات القادمة. وفور دخول “البشير” إلى القاعة هتف المزارعون (سير سير يا بشير).
عدد كبير من الدستوريين حرصوا على اللقاء أمس من بينهم مساعد رئيس الجمهورية وراعي اللقاء بروفيسور”إبراهيم غندور” ورئيس البرلمان “الفاتح عز الدين” ووالي الجزيرة والقيادي بالمؤتمر الوطني “مهدي إبراهيم”، قدم البرنامج رئيس اتحاد عام مزارعي السودان “صلاح المرضي” حيث أكد أن دواعي التأكيد على حديث الرئيس “البشير” الأخير بتحويل المشروع إلى إنتاجي وتقليل الصرف الإداري، كما أنه يأتي كرد للمخذلين والمشككين. وقال “المرضي” إن الحضور اللافت والكبير بيان حقيقي لبداية نصرة المزارعين للبشير، بينما ألقى رئيس اتحاد مزارعي الجزيرة “عباس الترابي” كلمة ضافية عن دور المزارعين في دعم الاقتصاد.
وما أن صعد مساعد الرئيس بروفيسور “غندور” حتى بدأ في إطلاق قفشاته المعهودة قائلاً للمزارعين ( يا أخوانا انتو ما فكيتوا الريق ولا شنو). وردد وراءه المزارعون التكبير (وفي سيبلها نجاهد وفي سبيلها نزرع ونبني وفي سبيلها نلقى الله). وقال “غندور” للحضور أنتم اليوم حضرتم لمبايعة (فخامة الرئيس ومرشح الرئاسة للدورة القادمة ومرشح المزارعين وأهل الجزيرة وشبابها وطلابها).
وخاطب “غندور” الحضور أنتم جئتم لتؤكدوا أن المشروع الذي آمنتم به ماض والتنمية ماضية وجئتم لتؤكدوا أن مسيرتنا ماضية إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
الرئيس “البشير” عبر عن سعادته بلقاء قيادات المزارعين وقال: (أنتم لا تمثلون مزارعي الجزيرة وإنما كل مزارعي السودان). وأضاف ( عندما نتحدث عن المزارعين نتحدث عن (80%) من الشعب السوداني). وزاد ( مافي أشرف مهنة غير الزراعة). ومضى قائلاً: (أنا سعيد كوني رئيس جمهورية ومزارع وبعد اللقاء دا ماشي حواشتي). وعلق الرئيس قائلا: (حواشتي مساحتها (8) فدان وتدر دخلاً). ونوه “البشير” بأن الزراعة منها الأجر في حال نجحت أو أكلها الطير أو سرقوها الحرامية أو أكلوها بهائم ناس سعد العمدة)، في إشارة منه لرئيس رعاة السودان “سعد العمدة”.
وذكر الرئيس أن أمريكا حاولت من قبل تركيع الشعب السوداني إبان أزمة شح القمح. وقال: وقعنا اتفاقية لتوريد القمح وحينما تحركت البواخر وقفوها وقالوا نوقع على التنازل ونحن في ذلك اليوم نمثل الشارع السوداني، وقصدوا بتوقيف بواخر القمح خروج المظاهرات لكن المفاجأة خرجت المظاهرات رافضة للقمح الأمريكي والخنوع إليها.
وفي أول تعليق له على عقب تجميد المحكمة الجنائية قضية دارفور قال “البشير”: إن الجنائية رفعت أيديها وسلمت وفشلت لأن الشعب السوداني رفض تسليم رئيسه لمحاكم الاستعمار). وقال “البشير” إن هنالك الكثير من المخذلين والمخربين لا توجد لديهم أي همة ولا يريدون للسودان التقدم، داعياً إلى عدم الاستماع إليهم.
ونعت “البشير” قوات اليوناميد بدارفور بالضعيفة. وقال إن حمايتها تتم من قبل القوات المسلحة لهذا قلنا لها مع السلامة وكتر الله خيركم وجزاكم الله خيراً، وبارك الله فيمن زار وخف. وشدد أنه لا يوجد أحد سيفرض رأيه على السودان.
واتهم “البشير” أحزاب المعارضة المتحالفة مع الجبهة الثورية بالعملاء والمرتزقة. وقال: (نعم أقولها بالصوت العالي هم مرتزقة لأن الجبهة الثورية كانت تقاتل إلى جانب القذافي من أجل المال أثناء انتفاضة الشعب الليبي وأيضاً قاتلوا في الصراع الدائر في الجنوب مع الجيش الشعبي أيضاً من أجل المال). وأردف هؤلاء باعوا أنفسهم لأعداء السودان. وزاد: من يريد أن يتحالف معهم عليه أن يبقى معهم في الخارج وعليه أن يلاقينا في جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق.
وأعلن “البشير” أن هذا العام ستسلم القوات المسلحة والنظامية الأخرى السودان خالي من التمرد. وقال (الناس المتواجدين في الفنادق وبصرفوا ويعملون على تعطيل السودان نقول لهم إن هذا العام لن تروا تمرداً وكل شيء لديه حد )، لكنه أكد أن أياديهم مفتوحة أمامهم وجاهزون للسلام. وأغلق “البشير” الباب أمام أي اتفاقية جديدة قائلاً: (ليس لدينا اتفاقية جديدة لنوقعها وفي دارفور لدينا الدوحة وهذه نهائية وعلى من يريدها أن يوقع عليها ومن لا يريدها عليه أن يلتقينا في الميدان، مبيناً أنهم لن يجمعوا بين قضية المنطقتين ودارفور لأن المنطقتين لديهم اتفاقية السلام وسيكملون مابدأوه في اتفاقية السلام بشأن المنطقتين. وقطع بأنهم لن يفتحوا ملفات الشريعة والحكم الذاتي. وقال (الداير سلام أهلاً به والذي لا يريد فإننا سنحسمها في الميدان).
حديث رئيس الجمهورية بالأمس كان متعدد المعاني والمحاور ورغم أه ألقاه أمام فئة المزارعين إلا أنه شمل به كافة قطاعات الشعب السوداني، حيث فيه جدية حكومته بالمضي في الحوار الوطني لجمع أهل السودان كافة حول ثوابت وقضايا أساسية من أجل الاستقرار السياسي في الساحة السياسية، وقطع بأنهم في الإنقاذ لن يقوموا بتسليم البلاد لأي شخص إلا عبر صندوق الانتخابات. وقال: (هذه البلد نحنا قمنا باستلامها وكانت لا يوجد فيها سلاح ولا ذخيرة ولا نقود ولا بترول ولا قمح)، منوهاً إلى أن الانتخابات تعد جزءاً من العملية الديمقراطية. وقال: (الذي يريد تغيير النظام فهو بصندوق الانتخابات وعليه أن لا يطبق يديه)، مشيرًا إلى أن الشعب السوداني هو من يقرر كيف يحكم السودان بجانب نواب الشعب المنتخبين. وقال: (نحن لا نأتي بها من أديس أبابا ولا من أوربا ولا أمريكا).
وحول علاقة السودان بدولة الصين نفى “البشير” أن تكون لديهم أي أجندة سياسية أو شروط مسبقة مع دولة الصين، مبيناً أنها شراكة حقيقية انطلقت في كل أفريقيا. وأعلن أن السودان سيصدر القمح في القريب إلى كل دول العالم، مشيراً إلى أن السودان لديه إمكانية عالية في توفير كافة الأراضي للأمن الغذائي العالمي. وكشف أن المرحلة القادمة ستشهد إقبال الكثير من المستثمرين إلى السودان بإمكانات ضخمة.