حوادث وجرائم تحت أضواء الفلاشات.. بديلاً لـ(أبو مروة)
قيم وهمم ثُبطت
المجهر – آيات مبارك
لم تتغير المفاهيم والقيم التي نشأ عليها المجتمع السوداني وفقاً لأحداث باردة ونمطية حتى لا نطيل الوقوف فيها.. لكن الشيء الذي جعلنا نصوب عدسة (المجهر) تجاه ما هو مستحدث من صفات تنخر في صميم جسد المجتمع ومن أهم مقوماته إنسانه وقيمه مثل (النخوة) و(المروة) التي حقنت في مفاصل ودماء السودانيين لكن الذي يدور الآن – بفعل التكنولوجيا – فما أن تحل مصيبة بشخص إلا ويسرع الموثقون الجدد لاقتناص اللحظات النادرة حتى يعيدوا بها ترميم ذواتهم الخالية من أبسط مقومات من الشهامة والأخلاق.. والشيء الذي جعلنا نقف مشرعين أسئلتنا تجاه تصوير كل حدث أي كان نوعه (موقف محرج مر بشخص) (كارثة) (حادث حركة)، فبدلاً من القيام بواجب النجدة والإسعافات ومد يد العون للمصابين يشهر الكل فلاشات كاميراته مقتنصين تلك اللحظات النادرة، لذلك آثرت (المجهر) أن تلتقي ببعض الفئات التي وضحت موقفها تجاه ما يحدث من تحولات في المجتمع، فتحدث لنا العم “إبراهيم الطاهر” الذي حكى لنا وقوعه في محطة شهيرة ببحري وبعد استفاقته لوحده وجد الكل محدقاً فيه.. فلملم أطرافه ومضى على مجتمع ليس مأسوف عليه، وقال لنا ربما تم تصويري في تلك الحالة وأنا لا أدري لأني أصبحت أتوقع أي شيء.. بينما حكت لنا (ك) بأن منزلهم قد تعرض لحادث سطو وعندما صرخت أنا وأخواتي ننادي شباب الحي محاولين الإمساك باللص وكانت ملابسنا ملقاة على الشارع فجأة وجدت أحد أبناء الجيران ممسكاً بجواله يصور الملابس حتى ينشرها على أصدقائه بدلاً أن يقوم باللحاق باللص مع بقية أولاد الجيران.. حزنت جداً على هذا التصرف. أما الطالبة “م” فحكت لنا بحزنٍ زائد: سرق أحد (النشالين) حقيبة اليد خاصتي.. وجرى مسرعاً بعد شد وجذب بيني وبينه فسقطت أرضاً وتعرضت لكدمات وضربات لم أفق منها وإلا وعيني ترى من على البعد شاباً يقوم بتصويري وأنا على هذا الحال، وعندما أشرت أسرع الجميع بالقبض عليه، ففوجئنا بأنه قام بالتصوير منذ لحظة أخذ الشنطة.. وعندما ضربوه أكد أنه أراد أن يصور هذا المشهد فقط اقتناصاً للحظة المثيرة ليس من أجل شيء آخر، فأعطاه أحد الحاضرين درساً في الأخلاق لأنه هو الشخص الوحيد الذي كان بإمكانه اللحاق باللص. وأخيراً التقت (المجهر) بالباحثة الاجتماعية “إخلاص حسنين” التي تحدثت لنا قائلة: زرع بعض القيم التربوية الأساسية في كل فرد واجب أسري بحت لن يستمده الشخص من المدرسة أو الشارع.. لكن يكتمل بفعل وسائل الإعلام والصداقات وهي بدورها تؤثر تأثيراً كبيراً في مراحل متقدمة من العمر.. وبيت الشعر القائل (علموا النشء علماً يستبين به سبل الحياة وقبل العلم أخلاقا) وبدوري أقول وقبل كيفية تعلم استخدام الأجهزة الإلكترونية يجب التحلي بأبسط قواعد الأخلاق بالنسبة للأطفال والشباب وثانياً أوجه حديثي للأجهزة الإعلامية خصوصاً التلفزيون، فقد صار شبابنا خارج منظومة القيم المحلية وكل تصرفاته لا تشبه المجتمع السوداني وذلك بفعل الأجهزة الإعلامية الطاردة وغير الجاذبة.