الانتخابات.. ولكن أي انتخابات ؟!
خيار الانتخابات هو الخيار الأفضل بل المثالي لحسم نزاعات القوى السياسية في أي مجتمع متحضر. ليس هناك (مفاوضات) بين الأحزاب في بريطانيا أو فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية بل خلافات مستمرة وجدل في قضايا كبرى وصغرى.. داخلية وخارجية يحسمها (التصويت) داخل مجلسي النواب والشيوخ بمختلف مسميات البرلمانات هناك.
قد يتم التنسيق بين حزبين أو ثلاثة، وقد تتشكل الحكومة من ائتلاف أحزاب، ولكن ليس هناك حوار بلا نهاية، ومفاوضات بلا سقف في عواصم أجنبية لتسوية أزمة سياسية أو اقتصادية. وحتى في يوغندا وكينيا وتشاد.. لا يحدث ما يحدث في السودان بين الحكومة والمعارضة المدنية والمسلحة.
الانتخابات واستفتاء الشعب هو الحل الذي لا حل بعده. ولكن أي انتخابات وفي أي أجواء.. وبأي آليات.. وكيف تدار؟!
هذه هي الأسئلة الواجب على الحكومة الإجابة عليها، ومن ثم تدعو (الجميع) للمشاركة فيها دون حاجة لمفاوضات في “الدوحة” أو “أديس أبابا” أو جزر “كناري”.
أهم شرط لإجراء عملية انتخابية حقيقية وشفافة هو توفر الحريات العامة، حرية النشاط السياسي وحرية الإعلام والتعبير، وكلها مكفولة بنصوص الدستور الحالي للعام 2005، ولكنها للأسف مخروقة ومنتهكة.
لا يمكنك أن تدعوني للمشاركة في انتخابات وأنت لا تسمح لي بأن أقول ما أريد في الصحافة، والإعلام المسموع والمرئي، وعلى المتضرر من قولي اللجوء للقضاء السوداني العادل والنزيه. ولا يمكنك أن تدعوني للمشاركة في انتخابات وأنت تمنعني من مخاطبة جماهيري وعضوية حزبي في ميدان عام، وتفرض عليَّ المخاطبة داخل دار الحزب الذي هو في الغالب – باستثناء داري حزبي المؤتمر الوطني والأمة القومي – بيت مستأجر لا تزيد مساحته عن أربعمائة متر مربع بما فيها المباني !! وكأنك تشير على منافسيك بعدم مخاطبة أكثر من مائتي شخص !!
الانتخابات هي الحل.. والصندوق هو الفيصل.. ليت (المؤتمر الوطني) يتمسك بهذا الخيار لحل مشاكل السودان.. ويرفض كل المفاوضات على كافة المسارات.. ويطرد كل المبعوثين.. وليته يثق في كوادره وجماهيره فيطلق للآخرين الحريات العامة.. دون قيد أو شرط أو تصاديق من الشرطة أو رقابة من أي سلطة على الإعلام.. عندئذ تكون الانتخابات هي الرد الحاسم والنهائي على كل مزايد ومتمرد وعميل.. وإلا ستعودون لمفاوضات بلا عدد بعد الانتخابات.!!