شهادتي لله

‎(الروس) في الخرطوم ..حبابكم ألف!!

‎ زيارة وزير الخارجية الروسي للخرطوم لإجراء مباحثات (ثنائية) مع حكومة ‎السودان ثم المشاركة في منتدى (الحوار العربي – الروسي) الذي انعقد أمس ‎بقاعة الصداقة بالخرطوم، فضلاً عن اجتماع دول (جوار ليبيا)، هو أعظم ‎عمل قام به الوزير “علي كرتي” على الإطلاق وتقوم به خارجية السودان، ‎على الأقل خلال فترة تقلد “كرتي” الوزارة.. وربما قبل قبل ذلك بكثير.. هذا من وجهة نظري ومن واقع متابعتي لملف علاقاتنا الخارجية.
‎كل القمم واللقاءات والمؤتمرات التي احتضنتها قاعة الصداقة طيلة سنوات (‎الإنقاذ) كانت ثنائية أو جماعية، تركزت في موضوعاتها المختلفة على ‎قضايا محلية أو إقليمية أفريقية أو عربية، ولم تكن طرفا فيها (دولة ‎عظمى) بحجم ومكانة “روسيا” وبمشاركة وزير خارجيتها.
‎أن تكون “الخرطوم” مركزاً للحوار (العربي – الروسي) تحت مظلة الجامعة ‎العربية، فهذا يشكل إشارة ورسالة بالغة الأهمية على كل العناوين على ‎المستوى الدولي، وبلادنا في أمس الحاجة لهذه الرسالة وفي هذا الوقت ‎بالتحديد. (لاشك أن مناديب المخابرات الأمريكية من داخل وخارج السودان ‎حاضرون بكثافة).
‎لقد ظللت أكتب طيلة السنوات الخمس الماضية عن ضرورة ارتكاز بلادنا على ‎محور ظهير و(حلف) إستراتيجي مع “روسيا” في مواجهة الحصار الاقتصادي والسياسي والعسكري (الأمريكي – ‎الأوربي) اللئيم. وفي محيطنا العربي ‎نموذج (سوريا الأسد) شاخص بيننا وشاهد.
‎كتبت من قبل وفي أكثر من مرة مقالا سؤالاً: (في أي حلف نحن.. يا “علي ‎كرتي” ؟!).. فردَّ عليَّ الناطق الرسمي السابق للخارجية- بتعقيب نشرناه- ‎أنَّ زمن (الأحلاف) انتهى مع نهاية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة ‎والاتحاد السوفيتي!!
‎واليوم.. فإنَّ هذا المنتدى الذي تتشرف باستضافته “الخرطوم” غض النظر ‎عن ماهيته وما يتمخض عنه، هو تأكيد (عملي) على أن زمن الأحلاف لم ينته، ‎وأن روسيا العظمى تسعى حثيثاً لتشكيل (حلف) من خلال تلك الحوارات.. ‎تسانده ويساندها في المنطقتين العربية والأفريقية.
‎مصالح بلادنا العليا تتطلب بل تستوجب الخروج العاجل من (نفق) علاقة (‎العصا) المرفوعة، والعقوبات المجددة نهاية كل عام من جهة (البيت ‎الأبيض) الأمريكي مع جملة من الابتزازات والخدائع المستمرة: (لو وقعتو ‎في أبوجا ح نرفع العقوبات).. ووقعنا !!
‎ لو تعاونتو معانا في ملف الإرهاب ح نرفعها.. وتعاونا لحدِّ النهاية !!
‎لو وقعتو على نيفاشا ح نرفعها.. و وقعنا.. وخوزقنا البلد !!
‎ لو عملتو استفتاء الجنوب بصورة مشرفة وحضارية.. ح نرفعها.. وعملنا ‎الاستفتاء وبنادق الجيش الشعبي على رؤوس الملايين تقودهم عنوة لصناديق (‎الانفصال) !!
‎لو اعترفتو بنتيجة الاستفتاء ودولة الجنوب.. ح نرفعها.. ‎واعترفنا.. أول دولة تعلن اعترافها بجمهورية الجنوب هي جمهورية السودان‎.. شفتو نحنا فالحين كيف ؟!!)
‎كل هذا وذاك وغيره مما لا يجدر أو لا يجوز ذكره.. ورغم ذلك جدََّد ” ‎أوباما ” تلقائياً.. قبل أقل من شهر وكما تعوَّد هو وأسلافه كل عام، ‎مرسوم العقوبات على السودان.. ذاته ” أوباما” الذي (لحس) قراره ‎المعلن بتوجيه ضربة عسكرية لنظام “الأسد” بعد رفض الكونغرس وتهديدات “موسكو”!!
‎للسودان علاقة إستراتيجية مع “الصين الشعبية “.. نعم.. لكنها لم ‎تتجاوز المجال الاقتصادي.. “بكين” لا ترغب في تعريض مصالحها مع “‎واشنطن” للخطر.. “الصين ” في رأيي عبارة عن (تاجر كبير) في عالم ‎يحكمه (البزنس).. أما “روسيا” فتشبه حال (سياسي محترف) يبحث عن ‎موطئ قدم فقده في جولة سابقة.. ويحشد أنصاراً.. ويطلب أصوات في ‎الانتخابات.
‎السودان يحتاج لحليف (سياسي) لا (تاجر).. يبيعه في (اللفة)!!
‎”موسكو”.. هو العنوان الصحيح.. أقول هذا وشخصي الضعيف واحد ربما ‎من (خمسة) صحفيين (سودانيين) دعتهم وزارة الخارجية الأمريكية بصورة ‎رسمية لزيارة واشنطن خلال الـ(10) سنوات الماضية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية