وأد فتنة
وأد المسيرية أمس(الأربعاء) فتنة قبيلة راح ضحيتها (153) شخصاً وضعف العدد من الجرحى والمصابين بعاهات دائمة، وذلك إثر النزاع الذي شهدته منطقة الدبب في جنوب غرب كردفان العام الجاري، بعد أن أصبح البترول نقمة على المنطقة لا بتدمير البيئة فحسب بل بزرع الفتنة بين المجموعة السكانية الواحدة بتنافس الأهالي في الحصول على بعض المغانم زهيدة الثمن، وقد حصد الموت هذه الأرقام الكبيرة بسبب عجز الدولة عن بسط سيطرتها على التخوم البعيدة، إلا أن إرادة التصالح وفطنة قيادات المسيرية من فخذي الزيود وأولاد عمران قد نجحت في إنهاء النزاع، وزرف الدموع وغسل أحزان الأمس في رمال “النهود” التي احتضنت مؤتمر الصلح الذي انتهى أمس بالتوقيع على وثيقة الصلح بعد جهدمخلص لأمير عموم دار حمر “عبد القادر منعم منصور” الذي يثبت في كل يوم جدارته بصفة أمير أمراء السودان، وإن كانت الدولة تتحمل المسؤولية متمثلة في حكومة غرب كردفان العاجزة عن فعل أي شيء، فإن الحكومة المركزية ممثلة في أرفع مستوياتها النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” قد اهتمت كثيراً بإطفاء بؤر حرائق كثيرة في هذه البلاد، خاصة في كردفان ودارفور حيث رعى “حسبو” مؤتمرات عديدة في فترته القصيرة بالقصر الرئاسي وليست آخرها مؤتمر “النهود” الذي أنهى نزاع المسيرية، ومما يحزن ويدمي القلب ما ذكر في المؤتمر عن الضحايا حيث أن جميع القتلى تتراوح أعمارهم مابين خمسة وثلاثين عاماً وخمسة عشر عاماً، وهي سنوات الخصب والعطاء والتعليم ولكن هؤلاء نصيبهم من التعليم جد قليل، وهم يتقاتلون بسبب جهلهم وطبيعة المنطقة التي يعيشون فيها. وقد صرخ الأمير “النذير القوني” بأعلى صوته وأمام نائب رئيس الجمهورية شاكياً من تدمير البترول للبيئة وتهديده لحياة السكان جراء التلوث البيئي في المنطقة. وطالب المسيرية كيان قبلي وقيادات وسياسيون بوقف المنهج الذي تتبعه الحكومة في توزيع تعويضات البترول التي تذهب لجيوب الأفراد ولا تعود على المنطقة بخير. وتعتبر سياسات وزارة النفط في حقبة الوزير السابق “عوض الجاز” سبباً في كثير من المشكلات في مناطق إنتاج البترول بانتهاج الأساليب التعتيمية لملفات البترول، استكشافاً وتوزيع التعويضات وحتى العائدات منه. واليوم إذ تطوي المنطقة هذه الجراح وتتعافى من أسباب الشقاق، فإن غرب كردفان تضع قدمها في طريق الاستقرار إن تم تنفيذ مقررات مؤتمر “النهود”.