الديوان

"محمد أحمد" قصة كفاح بين (جبل مندرة) و(سوق الموردة)

 (جلاد سراير) (ضباح) (مزارع)
إلتقته – آيات مبارك
عندما سمعتُ صوتاً ينادي (صلح عناقريييب، جلد سرير) أصخت بأذني لأرى من ينادي لتلك المهنة التي أصابها الوهن والإعطاب وكادت أن تنقرض بعد أن تناوشتها حرب (السراير) المستوردة من “الصين” وغيرها والتي غزت الأسواق، لتطيح بمملكة العناقريب إلى غير رجعة، أبطات السير حتى اتأكد من ذاك الصوت لأجده متحفزاً علني أتحفه بعنقريب من تلك العناقريب التي تبقت تحت ظل حماية الحبوبات في بيوت أم درمان القديمة، لكنه خاطبني بعدم تصديقه نسبة لقلة هذا المنتج، فتعجبت لإصراره على صعوبة جلب الرزق التي يلتمسها عند صباحات مليئة بالإصرار.
وعمي “محمد” القادم من (جبل مندرة) إحدى مناطق (جبل أولياء) ليستجلب رزقه من (سوق الموردة) بأم درمان حكى لي قائلاً: حضرت إلى (أم درمان) قبل زواجي والآن أصغر أبنائي في المرحلة الجامعية، ويبدو أن “محمد النور” آثر أن يوزع رزقه بين (جلاد سراير) و(ضباح) ثم (مزارع) فوقته ورزقه يطلب الكثير لكن طموحه أكبر، فقد قال لي (كنت بتمنى أقرأ لكن الحمد لله قريت الأولاد.. يعني لو قريت هسي بكون أخدت المعاش.. شوفي شعري ده تعب شعري ابيييض)، ولأن بياض الشعر كثيراً ما يدل على نقاء السريرة وبياض الرزق طالبته أن يحكي لنا عن سر الشعيرات البيضاء التي نمت بفعل الزمن وأعاجيبه، وبدأ لي من الزراعة قائلاً: “أنا بمشي بالحمار من الصباح إلى (البِلاد) كان لقيتا ممطورة وشربانة!! طوالي آخد معاي متيربي لمدة يومين وبستناها تقوم، بعد داك بجيب أولادي من (15 – 20) صباح بتبقى ملودة هش وبزرع دخن وأي حاجة.
أما في (سوق الموردة) بجي السوق بخت الحبال إذا جا زول قال جلاد بقوم معاه وكان قالوا ضباح برضو بقوم، وقالوا: (عيش المساكين على المجانين) والناس هنا ماعندهم خبرة بالضبيحة نحن هناك شُدااااد لكن هنا الناس ما بحبوا يضبحوا ويتعبوا” وعن أسعار الذبح أجابنا بأنها بين (70-100) جنيه ومرات في البدفع وفي الما بدفع وفي ناس بدوك (20) أو (50) جنيهاً ومعاهم الجلد والرأس، ورغم غياب مهنة تصليح السراير وتجليدها لكنه أجابني بإصرار: (إن ما قالوا لي تعال بجي في خشم بيت زول؟؟) لكن فعلاً العناقريب راحت عنقريب منجور كده مافي لكن بجلد الحديد، وعن أسعارهم تجليد السرير بين (30) و(50) جنيهاً. وبعيداً عن هموم المهنة دردشنا معه فأخذنا إلى نفحات (السمانية) وعن لالوبته الكبيرة فعدت به إلى أيام الشباب فقال: كنت أستمع لـ”صلاح بن البادية” و”علي إبراهيم” و”الطيب عبد الله”، وختم عمي “محمد” حديثه قائلاً بصراحة: “فنانين اليومين ديل ما واقعين لي في مزاجي”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية