مجانين البلد كترت (2)
{ تفشي ظاهرة الاكتئاب النفسي والاضطرابات العصبية وحالات الانتحار لها علاقة بأوضاع المواطنين الحياتية من حيث رهقهم المضني في سبيل كسب لقمة العيش والإحساس بالضياع وفقدان الأمل.. والخطاب السياسي لا يبشر بأن الغد أفضل من اليوم ولا يبدي قادتنا حرصاً على التفاؤل وزرع الأمل في النفوس.. كل خطابات الساسة وعود بالقتل والسحق وسيل الدماء منا ومنهم وجميع الدماء.. وكلها دماء سودانية كان الأحرى بخطبائنا الحرص على حفظها وصونها والعمل على أن لا تراق قطرة واحدة..
{ الدكتور “علي بلدو” أخصائي الطب النفسي اعتبر حالات الاكتئاب واليأس من الحياة والإحساس بالفشل من أخطر الأمراض التي تصاب بها الأمم والشعوب وفي (حلتنا) الحارة (20) هناك مجنون مغرماً بالسير ليلاً في الشارع الفاصل بين الحارتين (20 – 19) يستلقي الرجل أحياناً في قارعة الطريق وتفشل كل محاولات أثنائه عن الاستلقاء على الأسفلت خوفاً على حياته ولكنه (معتوه) غير شرير..
{ بيد أن مصيره معلوم بالضرورة (ستدهسه) سيارة يقودها شاب طائش أو حافلة تسابق أخرى من أجل راكب يقف في محطة.. وبعض (المجانين) يتسولون برفق وهناك متعلمون يقرأون الصحف اليومية ويرتادون ملاعب كرة القدم..
{ ويساهم الفقهاء والعلماء من أساتذتنا الكرام في علاج الكثير من حالات الاختلال العقلي والنفسي كالشيخ “محمد توم” في عمارة قباء بالخرطوم.. وكان الشيخ من أتباع أنصار السنة في بورتسودان ولكنه اليوم له مركز للتداوي بعلوم القرآن والرقية الشرعية.. وأطباء علم النفس لهم نصيب في علاج حالات الإدمان لمتعاطي المخدرات والهروين..
{ وهناك معتوهون لا يستجيبون للعلاج بالقرآن ولا الطب النفسي..
{ وحالة الرجل الذي قال “الصوارمي” إنه معتوه بعد ساعة فقط من ارتكابه حادثة القتل في القصر الجمهوري تمثل ظاهرة استثنائية لبعض (مجانين) بلادنا حيث يستخدم أغلبهم الأدوات البدائية في الاعتداء والتهجم على ضحاياهم إلا (المعتوه) الذي هاجم حراس القصر الرئاسي.. وقد طالب بعض الزملاء من كتاب الأعمدة بتعزيز حراسات الوزارات العامة والمصالح الإستراتيجية حتى لا تتكرر حادثة القصر.. ونسى هؤلاء أن الذي هاجم حراس القصر “معتوه” وبالتالي لا تجدي معه التحذيرات الأمنية ولا التعزيزات.. والتعامل مع رجل مختل العقل باعتباره معادياً يمثل خطراً جسيماً وإنسانياً لا يمكن قتل أو إصابة رجل مجنون تصرف بطريقة خاطئة.. ولكن لماذا لا تنهض الحكومة بمسؤوليتها نحو (المعتوهين) الذين يجوبون الطرقات.. ومن لطائف البيانات الحكومية أن من يكتبونها أحياناً لا يعرفون شيئاً عن جغرافية المدن مثل القول بأن “صلاح كافي” المعتوه يسكن كادقلي حي السوق.. سألت عن حي السوق في كادقلي ولم أجد إجابة.. هل هو حي الموظفين الذين يقطنه فقط موظفو الحكومة.. أم هي بيوت آل “أبو البشر” وآل “عمر خليفة” والأقباط والأرمن واليهود الذين كانوا يسكنون بالقرب من سوق كادقلي وليس من بينهم أسرة من النوبة؟؟ على أية حال الحكومة (مخيرة) في أن تسمي أحياء مدنها بطريقتها الخاصة أما نحن أهل كادقلي فلا علم لنا بحي اسمه السوق، وهناك أسواق عديدة في كادقلي مثل سوق الملكية وسوق حجر المك.. وسوق السما وسوق البان جديد.. ليس مهماً من أي سوق جاء ولكن المهم كيف للحكومة التعاطي مع قضية انتشار (المعتوهين) في كل مكان، وهل يمكن استيعابهم في ملاجئ خاصة حماية لهم وحماية للمجتمع منهم.. وأخيراً حماية للسلطة من شرورهم!! حلوة الأخيرة دي!!