أسطورة زمن (الخواجات)
لو أن العرب والأفارقة جودوا قليلاً في أعمالهم وركزوا في تنفيذ الخطط والمشروعات والبرامج وحولوها من حيز الورق إلى أرض الفعل و ساحة الواقع ، وكانوا أكثر مصداقية ونزاهة لتقدموا كثيراً ، وفاقوا أوربا وأمريكا في المجالات كافة. فأسطورة (زمن الخواجات)، وكيف أنهم لا يقدمون ولا يتأخرون عن المواعيد المضروبة المكتوبة في دفاترهم قبل أسابيع، مجرد (خرافة) صدقناها نحن شعوب دول العالم (الثالث)، وغذاها شعورنا بالعجز والرهبة والدونية تجاه (المستعمرين) السابقين !!
هذا الكائن (الخواجة) ليس مخلوقاً استثنائياً مختلفاً، خلايا مخه تزيد عن تلك الموجودة في رأس أي أفريقي بدائي هائم في الغابات.. إنها ذات الخلقة الربانية التي حباها الله جميع خلقه من بني آدم، وزادنا عليهم هدى !!
خلال فترة (3) أشهر قضيتها في “برلين” ، هناك الكثير من المواعيد أخلفها السادة (الألمان) أطباء وغيرهم، فقد تذهب لموعد مضروب قبل أسبوعين، فتجد اعتذاراً بأن الدكتور غادر لعملية طارئة.. وحجتهم المكررة الطوارئ. لديهم الحق في التأخر، أما أنت فعليك الحضور قبل وقت كافٍ !!
وكما ذكرت من قبل فمن العسير أن تجد حجزاً لتجري فحصاً بجهاز (الرنين المغناطيسي) في مستشفى أو مركز خارجي قبل أن تنتظر أسبوعاً وربما شهراً.. ذات الفحص الذي يمكن أن يتوفر لك بشارع الدكاترة بالخرطوم في نفس اليوم !!
المعجزة الوحيدة التي تمثل نموذج انضباط الزمن في أوربا من لندن إلى برلين هي وسائل المواصلات حيث تهدر مئات قطارات المترو وآلاف البصات وفق مواقيت محددة، بالدقيقة، فإذا حدثتك اللوحة الإلكترونية في المحطة أن القطار القادم سيصل خلال دقيقة واحدة والذي يليه يلحق به خلال (3) دقائق، فإن المترو في أوربا لا يكذب وتجده أمامك دون إبطاء وكأنه هبط من السماء !!
إذن ما الفرق بيننا وبينهم؟!
الفرق أنهم ينجزون أي عمل بين أيديهم بتركيز عالٍ، وتفرغ نفسي وعقلي وبدني للمهمة دون أي شاغل آخر، لا (بيت بكا)، ولا مشاركة في عقد قران أو حفل زفاف، ولا استغراق في مكالمات هاتفية للونسة أثناء الدوام كما يحدث عندنا حتى في منافذ خدمات الجمهور !!
هناك جدية ومصداقية.. وليس معجزات .