أخبار

عادي جداً

شهد ظهر الأمس حدثاً انصرفت إليه غالب ثرثرات السودانيين وتبعهم في ذلك بعض الإعلام العربي الذي حول حادثة اشتباك بين مواطن مسلح بسيف وقوة بأحد بوابات الحرس الجمهوري الخارجية قبالة شارع النيل وكأنه انقلاب أو مشكلة داوية، والحدث معلوم حينما تقدم مواطن (مرتين) للدخول عبر البوابة فرده الحرس برفق وفي (الثالثة) راغ عليهم طعناً و(تجليخاً) حسب المتواتر من مصادر متطابقة وتطور الأمر حينما نجح المهاجم في انتزاع سلاح أحد الحراس ليطلق النار ويتم الرد عليه ليتوفى لرحمة مولاه، وتحول الحادث الذي وقع مثله غير مرة في دول وممالك كثيرة إلى حدث يوم السبت الأبرز والأهم وسيتصل صداه إلى اليوم إذ أتوقع أن تكون الصفحات الأولى للصحف قد عرضته وأفاضت من حيث أفاض الناس بشأنه وربما زادت وسيتراجع اليوم للوراء قليلاً أوار سجال الانتخابات والحوار الوطني والمفاوضات والاجتماع الأول للمكتب القيادي للوطني وغيرها من هموم واهتمامات سياسية وخدمية.
الحادث عادي ويحدث في دول وقصور رئاسية (عادي جدا) ولأسباب مختلفة ففي واشنطن وفي الأسبوع حاول رجل أمريكي القفز من فوق سياج البيت الأبيض، إلا أن رجال الأمن اعتقلوه بعد أن هاجمته كلاب جهاز الأمن الرئاسي، المهاجم لم يكن مسلحاً عند القبض عليه وقطعاً فإن التصرف معه كان سيكون مختلفاً إن كان مسلحاً  والحادث الذي نشر بيان عنه أتى بعد شهر تقريباً من تسلق متسلل مسلح بسكين سياج البيت الأبيض ودخوله المبنى التنفيذي ولهذا فإن محاولة دخول القصر الجمهوري بالخرطوم تتبع معها ذات الإجراءات من وجود حرس رئاسي منوط به تأمين المكان، والشاهد إن حالات محاولة التسلل للقصر الجمهوري بالخرطوم تكون عادة عرضية وليست مقصودة لذاتها وترتبط وفق حادث الأمس وحادث سبق قبل مدة باختلالات عند المهاجم عكس ما يجري في واشنطن مثلاً إذ يكون الاقتحام عادة رسالة احتجاج أو لهدف مقصود ومعين.
ما جرى بالأمس حدث غض النظر عن هذه المقارنات مؤسف لأنه في الحد الأدنى اذهب أرواح اثنين من أبناء البلاد المهاجم وأحد الحراس وكما قلت فقد سبق وأن حاول رجل مسلح بسلاح أبيض قبل مدة إتيان ذات الحادثة وهو ما يشير إلى ضرورة مراعاة حزمة إجراءات تترك القصر الرئاسي في مرمى العين والنظر وقريباً من الناس كمعلم بارز وسياحي وموقع له رمزيته وفي الوقت نفسه تحقق أعلى درجات الأمان والضبط لأي محاولة تفلت وتهور مقصودة أو عفوية، والرأي عندي ولسنا في مقام التوجيه والإرشاد أن تضاف إلى بنية التسليح للحراس عصي كهربائية للتعامل مع حالات مماثلة فيما يظل التأهب واليقظة حاضرة للاحتمالات الأسوأ وبهذا يتحقق إمكانية التحسب للصائل الغادر أو المريض النفسي أو خلافه.
مسألة أخرى وأخيرة وترتبط بآلية إصدار البيانات في مثل هذه الضوضاء، المطلوب عادة بيانات خفيفة ونشطة، تثبت الواقعة وتشرحها بتروٍّ ولا تكثر من الإفادات لتفادي اضطراب الروايات والشهود وأقوال الناقلين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية