تقارير

القصة الكاملة لحادثة القصر الجمهوري ..

مصرع (2) من حرس القصر الجمهوري في هجوم لمعتوه
عناصر الحرس تردي الجاني قتيلاً والشرطة تشرع في التحقيق  
 
الخرطوم- محمد أزهري- الشفاء أبو القاسم- قندول

لم يكن يوم أمس (السبت) يوماً عادياً عندما سمع كل من كان بمنطقة وسط الخرطوم أصوات تبادل نيران في اتجاه القصر الجمهوري. عدد من الروايات سرت قبل أن تخرج رئاسة الجمهورية والقوات المسلحة والشرطة ببيانات توضيحية تشرح حقيقة ما جرى عند مدخل بوابة القصر الجمهوري من الناحية الغربية، فقد أغلق أصحاب المحلات القريبة من شارع القصر أبواب محلاتهم وتعثرت حركة المرور تمام بعدما منعت إدارة المرور حركة السير في اتجاه شارع القصر.

تفاصيل الحادثة ..

وتعود التفاصيل إلى أن رجلاً كان يحمل سيفاً قد هجم على أفراد من حرس  القصر الجمهوري بالمدخل الغربي ظهر أمس (السبت) وقتل منهم اثنين بوابل من الرصاص، بعد أن استولى على سلاح أحدهم، وهما وكيل عريف “حمزة أبوريدة”، وكيل عريف “صدام العوض” لكن أحد أفراد الحرس تدخل وأرداه قتيلاً بطلق ناري (ثقيل) قبل أن يقتحم القصر الجمهوري.

بداية الحادثة!!
  عند الساعة الواحدة ظهراً أغلقت السلطات طريق القصر الجمهوري ناحية شارع النيل وبعض الطرق المجاورة من الناحية الجنوبية، هذا الأمر أدى إلى تساؤلات كثيرة حول حقيقة أصوات تبادل النيران وسط سائقي المركبات الخاصة والعامة والمارة ثم بدأت تتواتر أنباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن هجوم بالسلاح الناري على مبنى القصر الجمهوري، هذا الهجوم أدخل الخوف والهلع وسط مواطني العاصمة الخرطوم، وذهب البعض إلى تفسيرات عديدة حيث أغلق بعض تجار السوق العربي القريبة من الحادثة محالهم حتى بدأ الأمر يتضح لهم رويداً رويداً بأن هناك معتوهاً قتل أفراداً من حرس القصر الجمهوري.
من أين أتى الجاني؟!!

حضر الجاني الذي وصفه بيان القوات المسلحة بالمختل عقلياً من الجهة الغربية وهو يرتدي (بنطلون وقميص) ويحمل سيفاً وعندما اقترب من البوابة الغربية وتخطى الحاجز الأمني طلب منه أفراد الحرس الرجوع موضحين له أن المنطقة ممنوعة لعبور المشاة، لكنه تقدم رافضاً الانصياع لأوامرهم ورجع قليلاً ثم عاد مرة أخرى وتخطى الحاجز الأمني وللمرة الثانية منعه الحرس فأشهر الجاني سيفه وهوى به على ساعد أحد الأفراد فأسقط منه السلاح أرضاً واستولى عليه، وظل يطلق منه رصاصاً كثيفاً على أفراد الحرس مما أدى إلى مقتل الحارسين تأثراً بإصابات في منطقة الصدر وقبل أن يقتل الجاني مزيداً من الأفراد تعامل معه أفراد الحرس بالسلاح الناري مصوبين إليه وابلاً من الرصاص دون أن يتأثر بها فحمل آخر سلاحاً ثقيلاً وصوب إليه طلقة أودت بحياته في الحال.
تدخل الشرطة وتحريز مكان الحادث !!
 خف وزير الداخية  الفريق أول ركن “عصمت عبد الرحمن” ووالي الخرطوم “عبد الرحمن الخضر” إلى مكان الحادثة وقوة كبيرة من قسم شرطة الخرطوم شمال إلى مسرح الحادثة برفقة تيم مسرح الجريمة حيث طوقت المكان الذي كان يمطر دماً أجرت تدابيرها الجنائية على المسرح وحرزت جثة الجاني التي عثر عليها بالمكان بينما كان أفراد الحرس قد تم نقلهما الى مستشفى السلاح الطبي التي فارقا فيها الحياة ومن ثم نقلت جثتاهما الى مشرحة أم درمان بموجب أورنيك (8) جنائي. حيث باشر مدير مشرحة أم درمان البروفيسور “جمال يوسف” إجراءات التشريح بينما نقلت جثة الجاني إلى مشرحة بشائر بالخرطوم. ورصدت (المجهر) تجمهر العشرات من ذوي الشهداء والمارة والقوات النظامية حيث استغرقت عملية التشريح عدداً من الساعات حتى اكتملت الإجراءات وحملت الجثامين مرة أخرى إلى القصر.

إفادات توأم أحد الضحايا..
استنطقت (المجهر) مساء أمس بمشرحة أم درمان “العباس” توأم القتيل “حمزة” فكانت ملامحه تنم عن حزن دفين، حيث قال إن توأمه من مواليد العام (1989) وهما يقيمان بالثورة الحارة (29) كان قد التحق بقوات الحرس الخاص قبل خمسة أعوام وهو برتبة وكيل عريف. وأضاف أنه متزوج وله صلات طيبة مع جميع أفراد العائلة. وتابع بحزن شديد أن زوجته طلبت منه عدم الذهاب للعمل وأن يطلب من زملائه أن ينوبوا عنه في ورديته بغرض الذهاب للمشاركة في تخريج أحد أقربائهم، لكنه رفض وذهب إلى العمل. وأشار “العباس” إلى أنهم تلقوا خبر مقتله عبر الهاتف. وأوضح أنهم علموا من زملائه أن توأمه كان قد أنهى يومه وهو على مشارف الخروج قبل الحادثة بلحظات، لكنه عاد وقال إن أقدار الله كتبت له أن يموت في هذه الحادثة.

مشاهدات من المشرحة”
احتشدت مشرحة أم درمان بأعداد كبيرة من ذوي القتيلين وسيارات القوات النظامية، حضر ذوو القتيل “صدام” من منطقة حجر ود سالم التابعة لولاية نهر النيل وأقاربهم من كل رقعة في ولاية الخرطوم تبادلوا التعازي مع ذوي القتيل “حمزة”  الذين حضروا من الحارة (29) بأم درمان بينما تنحدر أصولهم من منطقة كجبر بولاية شمال كردفان، امتلأت باحة المشرحة الخارجية بالمعزين انتظاراً لتسلم جثماني القتيلين لمواراتهما الثرى وعقب استلامهما شيعت في موكب مهيب كل إلى منطقته.
جثة الجاني!!
نقلت جثة الجاني إلى مشرحة بشائر حيث كان يرتدي (بنطلون وقميص) تظهر عليه آثار دماء في وجهه وقميصه ملطخ بالدماء يبدو في العقد الرابع من عمره حسب التحريات الأولية للشرطة التي دونت بلاغاً بالحادثة.
روايات مختلفة!!
سرت أنباء وروايات مختلفة قبل أن تقطع بيانات الجهات الرسمية القول وتؤكد أن الجاني معتوهاً استناداً على زيه الذي كان يرتديه، وإحدى الروايات التي تبودلت بين أفواه المواطنين وبعض وسائل التواصل الاجتماعي أن الجاني كان يتبع للحرس الجمهوري لكنه عانى من مرض نفسي وأخضع للعلاج كما أن هناك رواية أخرى تقول إنه كان يريد دخول القصر الجمهوري عنوة لأغراض غير معروفة وعندما اعترضه الحرس أشهر سيفه وضرب أحدهما وحمل سلاحه مصوباً منه رصاصات أودت بحياة اثنين وأضافت الرواية أن أحد أفراد الحرس أطلق عليه وابلاً من الرصاص صادفه في جسده لكنه لم يتأثر بها لكن أحد عناصر الحرس حمل سلاح (قرنوف) وصوبه بعناية فأرداه قتيلاً، لكن قبل تتسع دائرة الروايات وتبادلها أصدرت الجهات الرسمية بيانات وضحت فيها حقيقة الملابسات وفندت الروايات..

بيان القوات المسلحة!!
 الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد “الصوارمي خالد سعد” قال إن مواطناً مختل العقل يدعى “صلاح كافي كوة” ويحمل بطاقة رقم وطني باسم “محمد تية كافي” وهو خريج مرحلة  أساس  درس بمدينة رفاعة، لكنه من أبناء مدينة كادوقلي بحي السوق، كان يحمل سيفاً ويرتدي ملابس تدل على أنه مختل العقل، حاول عبور بوابة القصر الجمهوري من ناحية شارع النيل مرتجلاً، فمنعه الجنود فانصرف لحاله وابتعد،  مضيفاً أن المواطن عاد مرة أخرى ليحاول العبور، فمنعه الجنود مرة أخرى،  لكنه أشهر سيفه وطعن أحد الجنود فأرداه قتيلاً، ثم أخذ بندقيتة وأطلق النار على حرس التشريفة أمام بوابة القصر فقتل أحدهم، وأكد أن قوات الخدمة العسكرية بالقصر الجمهوري اضطرت للتعامل معه فأردته قتيلاً هو الآخر. وأكد “الصوارمي” أن الموقف قد تم احتواؤه تماماً، وأن الأوضاع بالقصر الجمهوري قد عادت إلى طبيعتها.

حادثة مماثلة!!

لم تكن حادثة الهجوم على حرس القصر الجمهوري بالسيف هي الأولى من نوعها بل حدثت في بداية العام الماضي حادثة طبق الأصل من حادثة الأمس حيث هجم معتوه على أفراد الحرس بسيف كان يحمله وانهال ضرباً على أحدهم مما سبب له الأذى الجسيم بينما تمت السيطرة عليه وتبين أنه معتوه لكن حادثة الأمس أفسحت المجال لثمة أسئلة لم تكن في الحسبان عن مصير المتهم الأول.

ماذا قالت مواقع التواصل الاجتماعي؟!!

وعقب الحادثة بلحظات انتشر الخبر كالنار في الهشيم حيث اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي وتناقلت الخبر باتجاهات مختلفة منها حقيقي ومتناقض حتى خرجت رئاسة الجمهورية ببيان صحفي حول الحادث وضحت فيه أن مسلحاً بالسلاح الأبيض قد اعتدى على أفراد حرس القصر الجمهوري من ناحية البوابة الغربية ولم يستجب لنداء الحرس بمنعه العبور متخطياً الحاجز الأمني، وأصاب أحد الحراس مستخدما القوة، مما أجبر قوة الحراسة على استخدام القوة تجاهه وأطلقت عليه الرصاص فأردي قتيلاً ونجم عن تعديه استشهاد اثنين من الحرس. وأفادت المعلومات أن تصرف المعتدي يشير إلى أن حالته غير طبيعية، وتوالي السلطات  تحرياتها المكثفة لكشف المزيد من المعلومات عن الشخص المعتدي.

“البشير” خارج القصر ولا دوافع سياسية في الحادثة ..
ومن أبرز ما تناقلته وكالات الأنباء عن الحادثة نشرت وكالة (رويرترز) عن السكرتير الصحفي للقصر الجمهوري “عماد سيد أحمد” أن الرئيس “البشير” لم يكن في القصر الجمهوري وقت الهجوم ونفى أن يكون للواقعة دوافع سياسية أو دينية، مبيناً أن الشخص المهاجم ربما يكون مختل عقلياً. وأضاف المتحدث باسم الرئاسة السودانية “عماد” أن المهاجم اسمه “صلاح كافي”، من مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان التي تشهد مواجهات بين القوات الحكومية ومسلحين. وأضاف أن السلطات باشرت تحقيقاتها لمعرفة ملابسات الحادثة.

تشييع شهداء الحادثة!!
شيعت جموع غفيرة من ذوي الشهيدين عشية أمس وأعداد كبيرة من قيادات القوات النظامية بكل صنوفها جثماني الشهيدين اللذين حملا من مشرحة أم درمان إلى القصر الجمهوري قبل مواراتهما الثرى حيث ترحم عليهما رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية