رأي

مجرد سؤال

رقية أبو شوك
حقيقة (الجوع كافر)!!
الملامح والسمات العامة لموازنة 2015م أتت مبشرة، وذلك على حسب متابعاتي، حيث إن هنالك توقعات بأن تأتي صفرية بمعني خالية من العجز بالإضافة إلى زيادة في الكتلة النقدية، وذلك حسب تصريحات وزير المالية.
وإذا جاءت خالية من العجز فذلك يعدّ إنجازاً كبيراً، لكون إيراداتنا المتوقعة جاءت مطابقة تماماً لبنود الصرف، الأمر الذي يكفينا شر الاستدانة من النظام المصرفي أو الجهات الممولة.. نتمنى ذلك كما نتمنى أن تكون الإيرادات أكثر بكثير من الصرف حتى يكون بالموازنة فائض كبير في الإيرادات.. وما دام هنالك فائض في الإيرادات فإن هذا بالطبع سينعكس على الكثير من الخدمات.. المهم في كلا الحالتين سواء جاءت بدون عجز أو جاءت بفائض أنها ميزانية تستحق أن نصفق لها طوال العام.
نعم.. هذه بشريات.. لكن المواطن لا يعرف هذه الأرقام، هو في انتظار أن تكون الأسعار في متناول يده ويستطيع براتبه الذي يصرفه توفير كل احتياجاته الضرورية فقط دون الكمالية ولا يهمه كثيراً إذا جاءت بعجز أو بدون عجز.. فالعجز وعدمه يفهمه أهل الاقتصاد ويبنون عليه خططهم وبرامجهم الخاصة بالاستقرار الاقتصادي.. أما عامة الناس فهم يريدون فقط انفراج المعيشة حتى وإن كانت إيراداتهم تطابق تماماً منصرفاتهم.. المهم الخروج بدون خسائر وديون.. وكما أن الدولة تستدين في حالة العجز فإن كل المواطنين يستدينون لسد الفجوة والعجز الكبير وهكذا.. حيث إن معظمهم يمارس حياته بالدين، لأن الراتب لا يفي كما أشرنا بالضروريات ناهيك عن الكماليات التي تم إسقاطها من حسابه.
الوضع المعيشي مخيف للغاية، ونحن نعيش الآن عام الرمادة، وحديث البرلمانية “عائشة الغبشاوي” يعدّ حقيقة لكونها مدركة تماماً الوضع وهي ربة منزل ومسؤولة.. فالنساء أكثر معرفة بكوامن الأمور وبمقدورهن الصنع (من الفسيخ شربات) كما يقولون، لكن (الفسيخ) نفسه أصبح مكلفاً جداً.
الآن معظم نساء السودان تحولن إلى نساء مدبرات.. بمعنى أنهن أصبحن يتمتعن بقدر عالٍ من الروح الرياضة، وذلك في ظل تضجر الأبناء والصغار الذين لا يعرفون الأعذار ولا يعرفون التضخم والعجز.. فقط يعرفون أن توفر لهم الأسرة كل ما يريدون من أكل واحتياجات شخصية أخرى.
ولنعد إلى حديث “الغبشاوي” الذي أكدت خلاله استشراء الفقر والجوع في المجتمع، الأمر الذي أدى إلى أن تسرق فتاة دجاجة، وآخر يخطف دواء من أجل والده المريض.. إنها حقيقة مأساة نعيشها الآن.. وقفت كثيراً عند حالة الطفل الصغير الذي يعرف حال أسرته التي تقف مشلولة لتوفير قيمة الدواء لربان سفينتها، الأمر الذي اضطره لسرقة الدواء من أجل إنقاذ والده.. نعم السرقة منعنا الشرع عنها، لكننا يجب أن نبحث عن الظواهر التي ظهرت من تردي الأوضاع المعيشة.. الطفل هذا لا يعرف عقوبة السرقة، لكنه يعرف أن هذا الدواء هو الذي سيشفي والده.. وحتماً الفتاة التي سرقت دجاجة نستطيع أن نقول إنها جائعة.. والجوع كما يقولون (كافر).
حقيقة.. إننا نعيش عام (الرمادة)

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية