الديوان

(عيش الريف) المشوي وجبة سريعة في ليالي الحصاد المقمرة

ينتشر في الطرقات العامة
الخرطوم – يوسف بشير
ما أن ترسل الشمس أشعتها الذهبية حتى يستقل “خالد الطاهر” المواصلات، متجهاً صوب السوق المركزي ليشتري جوال ذرة شامي (عيش ريف)، وبعد أن ينتهي من جدل الشراء و(يستر الله ويفتح الله) يبدأ رحلة أخرى صوب إحدى الوزارات الاتحادية، ففي إحدى زواياها الخارجية يشعل النار في موقد (كانون) ليشوي (العيش ريف) ليبيعه بالتجزئة لعابري الطريق وبعض عمال وموظفي المرافق الحكومية وطلبة المدارس. 
العيش في الريف
تبدأ مع نهاية فصل الخريف حصاد كثير من المحاصيل الزراعية في بلادنا “السودان” بمختلف ولاياته، فيكون (عيش الريف) وجبة الأسر الريفية في موسم الحصاد مستعدة، فيومياً يقوم أحد أفراد الأسرة بجمع عدد وافر منه، فيشوي على (المنقد)  خاصة في الليالي المقمرة كميات من (قنقر العيش ريف)    فيلتف الكبار والصغار حوله مع نقاش لمختلف هموم الأسرة،  بركات الحصاد أيضاً تهل بوادرها على المدينة متمثل في انتشار عيش الريف (الذرة الشامية)، فعلى جانب الطرقات يتمدد كمائدة خفيفة، آخذاً بريق النجومية من بساط الوجبات السريعة، من هذا المنطلق كانت لنا جولة وسط الشارع حتى نخرج بما جد عليه خاصة أنه لم يعد في مقدور البسطاء  تناوله مع ارتفاع سقف الأسعار بصورة جنونية.
بداية المشوار
من داخل السوق المركزي بالخرطوم كانت لنا وقفة مع التاجر “زكريا عباس” والذي بدوره حدثنا قائلاً: مما لاشك فيه أن  الأزمة الاقتصادية تأتي الزراعة كمتضرر رئيسي فيها، ونسبة لذلك تجد أن “الذرة الشامية” أو “عيش الريف” أصابتهما تلك الحمى بصورة مباشرة ليشهد ارتفاعاً دون السنوت السابقة، ويأتي ذلك لارتفاع بسبب تكاليف ترحيله من مناطق الحصاد، ويمضي “زكريا” في الحديث بقوله: كما أسلفت مشاكل الترحيل أضحت عائقاً يهدد سير من يعمل به باحثاً عن رزق يسد به قوت أبنائه من هذه المهنة البسيطة، فأغلب المحصول يأتي من ولايتي “سنار” و”الدمازين”، وهي تحتاج لكلفة باهظة في عملية الترحيل، بجانب الضرائب التي تفرض على التجار في الطرق عند العبور، إضافة إلى ذلك كله نتكبد كل تلك المشقة لتأتي عملية التوزيع والتي أيضاً تقف “المحلية” حائط صد وعائق كبير بيننا وبين العمال الصغار بفرضها رسوم ضرائب أخرى وصفها بغير القانونية، خاصة على عمال “الدرداقات”.

شكاوى لمن يهمهم الأمر
من جهة أخرى أشار “علي جبريل” – بائع درداقة إلى الآن الإقبال على (العيش ريف) نوعي لقليل من المواطنين، موضحاً أن الأسباب ترجع إلى ارتفاع سعره عن سابق السنوات، داحضاً بقوله: المغالاة لا تأتي من طرفنا بل هي عملية مشتركة، وقال ممازحاً “جاية من فوق” ليستكمل حديثه: منها رسوم (محليات ونفايات وتراحيل) وغيرها من الاشكاليات باتت تورق هاجسنا كتجار يومية صغار قبل الكبار، ليبين: “المواطن ذاتو بقى فلسان”، ونظرته لهذه الأشياء أضحت من جانب الكماليات ليس إلا لـ”سد جوعة”، فتغير سوقنا وصار وجودنا وسط الطلاب والحبايب وقليل من الأسر التي تخرج للسياحة في المتنزهات العامة.
تقليل قلق الانتظار
واختتمنا الجولة وسط الشارع نقتفي الأثر العام وفي ذلك حدثنا “عباس أبو صالح” – موظف – قائلاً: إنه خلال العام تغيرت كثير من الأحداث وتبدلت نظرة المجتمع إلى كثير من الأشياء لتبقى من الكماليات، مضيفاً: ذلك لا يعني عدم الإقبال بل هو وضع صحي يعيشه معظم سكان السودان في مختلف الولايات، معرباً عن أمله بقوله: نتمنى أن تتعافى البلاد من آلامها حتى تعود العافية إلى أجسادنا، فهذه الوجبات منافعها لا تحصى ولا تعد. فيما أرجعت “نهلة بشير” طالبة جامعية سبب تناميها في الطرقات العامة لتقليل قلق الانتظار قائلة: دوماً ما انتظر خطيبي الموظف في إحدى الدوائر الحكومية، وعندما يطول الانتظار أجد نفسي منساقة وراء رائحة (العيش ريف)، فأذهب دون أن أدري لشرائه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية