(المنطقتان)..!!
بانقضاء هذا الأسبوع ستتضح ملامح اتجاهات الجولة الجديدة المسومة بـ(السابعة) لمسيرة مفاوضات الحكومة ومتمردي قطاع الشمال، التي أعتقد أنها تنعقد في غياب المؤثرات أو المؤثرين السلبيين.. فمن الواضح أن انشغال الجنوب بحرب الفرقاء فيها غيب أيادي كثيرة كانت تؤثر في مواقف قطاع الشمال الذي يدخل الآن (أباطه والنجم)، فعسكرياً هو يواجه إشكالات تورط بعض فصائل الجبهة الثورية في معارك الجنوب، وأما سياسياً فالرياح كلها تدفع الآن سفينة الخرطوم نحو تسوية سياسية لا ترغب في إبعاد أحد منها و”عرمان” ليس غبياً وإن كان متطرفاً ليفوت مثل هذه الفرصة التي حتماً ستجعله رجل المعارضة الأول، لمعارضة تبحث الآن زعيم وقائد بعد أن صار أمر إقالة “فاروق أبو عيسى” مسألة وقت وقليل تهارش إعلامي بين قوى ما يسمى بالإجماع الوطني التي صارت تنوب عن الحكومة وأحزابها في تقويض نفسها وشتم عناصرها، فصار المؤتمر الوطني يكتفي بالفرجة وربما التعجب والإعجاب قطعاً!
الجولة الجديدة لن تكون نزهة رغم انطلاقها في أجواء غير مسممة نسبياً، ولن تكون المهمة سهلة للبروف “غندور” ما لم يقع فصل بين مسارات قطاع الشمال والجبهة الثورية أو فصائل دارفور تحديداً التي تثير فزع “ياسر عرمان” أكثر من الحكومة! الذي إن نجح في انتزاع نفسه من الارتهان لحركات التمرد الحليفة له وتجاوز خوفه منها، الذي يرده كثيراً عن سليم المعتقد في التفاوض إلى سقيم خذلان فيه، فقد تأتي الخاتمة بالحل أو قريباً منه في الاتفاق الإطاري الذي أنجز جله تقريباً ما لم تقع مضاعفات.. كذلك من المنجيات للعملية التفاوضية قدرة الوساطة على أن تكون أداة مؤثرة في ضبط الأمر والعملية من حيث الموضوعات والأجندة، وأن تكون التفاهمات التي يتم التوصل إليها في كل جلسة ملزمة بحيث يتجاوز الطرفان إشكالية كلام الليل يمحوه النهار الذي تمارسه الحركة الشعبية عادة وتبطئ به وتيرة السير للأمام.
آمل وأرجو أن تنطلق جولة المفاوضات السابعة وقد انصرف متمردو دارفور إلى قضيتهم عبر حوار جاد في المسار الذي يخصهم، وأن يكفوا يدهم وأذاهم وقد صاروا مثل اللعنة حيثما حلوا خربوا، وقد سئم الناس منهم وملوا وحان الوقت لرفع بلاهم عن مواطنيهم وأهاليهم في دارفور وبقية أرجاء السودان فكم من مشروع للتنمية والخدمات دمر وعطل العمل عليه، وكم من طريق لسير الحياة قد أُغلق بالنهابين والثوار فارضي الإتاوات وصار في الذخيرة الحية على رؤوس الركاب المدنيين.. وكلها أفعال لا يأتيها متمردون من المريخ.. إنهم أبناء تلك المناطق ذاتها، فكان من الطبيعي أن يعاني المواطن المسكين هناك ويبقى محروماً من نعم المواطنة، بينما القيادات يتمتعون بالسفر والترحال والأموال (المدورة) من عوائد الحرب بين دبي وممباسا، وعائلاتهم قد نالوا الهويات الأوروبية من بريطانيا والنرويج والرعاية بالضرورة، فإن أفسدوا وأضاعوا كل فرص المصالحة بدارفور فعليهم على الأقل منح الآخرين في المناطق الأخرى حق إقرار السلام وتحديداً في المنطقتين.