الشات !
صحيح أنني من أنصار الاستماع إلى السيد “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة وإمام الأنصار ومنحه حيزاً في مشروع البناء الوطني العام، حزب الأمة حزب كبير ما في ذلك شك والأنصار جماعة من السودانيين لا يمكن التقليل من أثرهم ودورهم، ولكن وفي الوقت نفسه اعتقد أن على السيد الإمام وحفيد “المهدي” أن يكون (جاداً) وموضوعياً بالتقدم خطوات عملية إلى الأمام والتخلي عن عادته المميتة في الثرثرة والتي حينما غاب عنه (المايك) استعاض عنها الآن بالكتابة وإرسال الخطابات، فالرجل يرسل إلى رئيس وزراء كينيا الرئيس الكيني “أوهورو كنياتا” مهنئاً ومشيداً بمثوله أمام محكمة الجنايات الدولية، ثم يكتب إلى الأمير “زيد بن رعد بن زيد” المفوض السامي لحقوق الإنسان. وهكذا فيبدوأن سكرتارية الإمام تمضي الساعات أمام محطات الأخبار ثم تقدم مقترحات لسيادته ليختار منها من يراسل حسب الغرض والموضوع. وفي كل هذا يجب أن تجر قدم السودان، وأن يذكر المرسل إليه بأن هذه الحكومة صدرت بحقها نيف وعشرون قراراً من مجلس الأمن الدولي.
المراسلة وهذه من بدع وابتكارات “المهدي” شملت أيضاً خطبة العيد التي أرسلت لجموع الأنصار، وقد اطلعت على نص لها ببعض المدونات فهالني طولها واحتشادها بآراء وقصص وحكايات ومقاربات، لم تترك حتى إشكاليات التغيير المناخي وآخر صيحات الفن. وكانت خطبة مطولة لابد أن من قرأها على المصلين قد أفسد عليهم عيدهم، وبينهم المضطر وصاحب الحاجة والمريض والراجح أن يومها قد نحرت الأضاحي على تخوم صلاة المغرب لأن المصلين يذبحون بعد ذبح الإمام! ولأن البدع لا تنقضي فقد اهتبل رئيس حزب الأمة سانحة المؤتمر العام للمؤتمر الوطني وأرسل خطاباً معنوناً حسب المنقول والمنشور عنه إلى فوج من قيادات الحركة الإسلامية أو الجبهة الإسلامية سابقاً والمؤتمر الوطني لاحقاً، وهو خطاب ليس فيه جديد يذكر أو قديم يعاد وإنما هو تكرار لذات الخطابات السابقة للإمام وإن سكت فيه هذه المرة عن (الكوديسا) !
على رئيس الوزراء الأسبق وعضو نادي مدريد و(كابتن) رياضة البولو وما إليها من نعوت وألقاب، أن يتخذ نهجاً أكثر واقعية، ولهذا أقول إن مكان “الصادق المهدي” (هنا) بالداخل فله حزب يسد قرص الشمس وأنصار ومحبون، وللرجل تاريخ وقدرة على التحرك والعمل وفي الساحة حيز من حريات ونطاق يسمح له بالنشاط إن أراد ورغب، ولهذا ليس مجدياً أن يتحول الحزب إلى مجرد غرفة (شات) للدردشة واستعراض مهارات اللغة وأساليب التداول، فتلك طرائق لا تسقط حكومة أو تقيم عدلاً. “المهدي” يحتاج لتعلم شيء من واقعية الشيخ “حسن الترابي” الأمين العام للمؤتمر الشعبي، ورغم أن هذه المقارنة تثير الإكزيما عند إمام الأنصار وتجعله يغشى عليه من الغيظ والغيرة لكنها الحقيقة، “الترابي” سياسي واقعي للحد البعيد و”المهدي” رومانسي وحالم وخيالي أكثر من اللازم، إن كان من ناصح للإمام فلينقل له هذا.