نقاط وحروف!!
{ الموت هو الحقيقة الوحيدة. هكذا قال الفيلسوف والأديب الايطالي “البرتومورافيا” صاحب رواية ثلاثة رجال وامرأة واحدة.. في كل يوم تتوالى الفواجع والمواجع برحيل الأصدقاء والمعارف والنجوم في وطن لا ينقصه شيئا ًسوى تجفيف منابع الموت الجماعي.. في الأسبوع المنصرم غيب الموت عن هذه الدنيا الدكتور “محمد الواثق” الشاعر والأديب الذي شغل الدنيا في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي، بعد صدور ديوان شعره (أم درمان تحتضر).. وظل “الواثق” منذ ذلك الزمان البعيد على قطيعة مع أجهزة الإعلام الرسمية والخاصة.. أحياناً خوفاً وجزعاً مما يخطه يراع الرجل.. وأحياناً لأن الرجل بعيد عن الحكومات وغير متوافق مع اليسار واليمين والطائفية والعسكر الذين تبادلوا حكم السودان. وحرمته مواقفه من المشاركات في المهرجانات الإقليمية والوطنية، وحتى مع الغرب كان الرجل على صدام معه حيث رفضت الجامعات الأوروبية إجازة بحثه الذي أثبت فيه أن أصل المسرح (عربياً).. بقي الرجل أعزل من سند يدعمه وظهر يحميه حتى رحل “الواثق” ودفن في مقابر قرية (النية) شمال بحري .. لكن “الواثق” وبشهادة الأديب العالمي “الطيب صالح” يعتبر أشعر شعراء السودان بعد “الناصر قريب الله” .. وأمس غيب الموت في بلاد الهوسا والفولاني د. “تاج السر محجوب سفير السودان بنيجيريا بعد صراع قصير جداً مع الملاريا !! آخر حديث جمعني عبر الهاتف بالسفير د. تاج السر حدثني عن أمنيته الأخيرة.. أن يعود لقريته أو مدينة الرهد أبو دكنة ويستريح من رهق العمل العام تحت ظل راكوبة تهب عليها نسائم الرشاش من جهة جبل الدائر.. رحل د. تاج السر بعيداً عن وطنه وحمل على (تابوت) ليوارى الثرى بمقابر فاروق بعد حياة عامرة بالعطاء الوطني والوفاء لمهنته كمعلم.
{أوقفت السلطات الأمنية الأستاذ “النور أحمد النور” عضو مجلس الصحافة والكاتب بصحيفة (التغيير) ومراسل صحيفة الحياة اللندنية وأحد الصحافيين الإسلاميين الذين ساهموا بأقلامهم في صياغة نظام الإنقاذ منذ أن كان صبياً في المهد .. توقيف “النور” الإفادات الرسمية لأسباب تتعلق بنشره لخبر على توحيد شركات الكهرباء من خلال خدمة رسائل قصيرة تبثها شركة خاصة ينتمي إليها السيد “النور أحمد النور”. وأصدر اتحاد الصحافيين بياناً استنكر فيه اعتقال “النور أحمد النور” وطالب الاتحاد بتقديم “النور” إلى المحاكمة وفق قانون الصحافة.. وكذلك أصدرت المنظمة السودانية للحريات التي تنشط أيضاً في حماية حقوق الصحافيين بياناً ترفض فيه اعتقال “النور”.. إن إقدام السلطات على اعتقال الصحافيين من شأنه الإساءة لسمعة البلاد دولياً ويقدح في كل الجهود التي بذلت لتنقية الأجواء الوطنية من تجاوزات السلطة بحق الآخرين.. إن اعتقال “النور” يشكل خرقاً فاضحاً للقانون والقضية التي أوقف على خلفيتها قضية لا تمس الأمن القومي ولا تهدد سلامة المجتمع، والمتضرر من النشر قطاع محدود جداً من موظفي الحكومة.. أما مسألة نشر قرار لم يصدره رئيس الجمهورية فالعفو في هذا المناخ يجب أن يسود، والرئيس الذي لا يحمل غلاً في صدره ولا حقداً على أحد لن يضيق صدره بنشر خبر كاذب باسمه .. أطلقوا سراح “النور” اليوم قبل الغد فإذا لم تشفع للنور أحمد النور مهنيته وخلقه القويم فلتشفع له إسهاماته في مشروع الحركة الإسلامية الحاكمة.. وإن لم تتسع الصدور للصفح والعفو فالعدل يقتضي محاكمة “النور” بقانون الصحافة.
{في ندوة مجلس الأحزاب السياسية الأفريقية أمس بقاعة الصداقة تحت عنوان دور الأحزاب السياسية في ترسيخ الديمقراطية، قدم “محمد سيف خطيب” ممثل الحزب الحاكم في تنزانيا تجربة بلاده في التوحد عام 1964م بين تنجانيقا وزنزبار، لتكون الاتحاد التنزاني الحالي وكيف ساهمت تنازلات الطرفين في توحيد الدولة بعد خروج المستعمر.. بينما كان أحرى بالحركة الشعبية في دولة جنوب السودان وحزب المؤتمر الوطني في السودان، تقديم تجربتها في تقسيم دولة واحدة إلى دولتين . وما بين توحد التنزانيين وتفرق السودانيين تبدو المفارقة بين نخب تفرق ونخب تجمع وقيادات تمزق بلدها.. وقيادات تجمع شتات دولتين في دولة واحدة.