تقارير

نص كلمة السيد رئيس الجمهورية أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني

الخرطوم – المجهر
فيما يلي تورد (المجهر) نص كلمة المشير “عمر حسن أحمد البشير” رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني في افتتاح جلسات المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني الذي ينعقد بأرض المعارض ببري:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين ..
الضيوف الأعزاء ..
الإخوة والأخوات أعضاء المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
باسم الله العلى القدير مالك الملك والتدبير، نفتتح أعمال المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني، ونبادر بالتحية والتقدير لضيوفنا الذين يشاركوننا جلسات هذا المؤتمر من الأحزاب والتنظيمات السياسية من الدول الصديقة والشقيقة، كما أرحب بممثلي المجتمع السوداني من أحزاب ومنظمات سياسية ورموز وطنية وقيادات دينية ومجتمعية، والتحية لكم إخوتي وأخواتي أعضاء المؤتمر الرابع، الذي يأتي انعقاده دليل عافية، وتعبيراً قوياً عن حيوية هذا الحزب وحركته الدافعة، والتي تجلت طوال الأسابيع الماضية في انعقاد المؤتمرات القطاعية والولائية بمشاركة واسعة وحضور فاعل، ويجيء هذا الانعقاد إيذاناً لبدء دورة جديدة لمؤسسات الحزب التي بنيت على معالم الشورى وأُسس الاختيار والتعبير الحر. كما يجيء انعقاده في مرحلة مفصلية للمشهد السياسي العام، الذي يشهد حراكاً واسعاً بين يدي الانتخابات العامة مطلع العام المقبل .
الإخوة والأخوات المؤتمرون ..
لقد أفرز المؤتمر العام الثالث لحزبنا جملة من الالتزامات الوطنية والتنظيمية، جسدها الشعار المرفوع (حزب قائد لوطن رائد) حوت جميع مجالات عمل الحزب على الصعيد التنظيمي وعلى صعيد الحياة العامة، وظلت هياكل الحزب وأطره التنظيمية ومؤسساته في حال انشغال مستمر لتنفيذ تلك الواجبات المعلنة، وقد أثمر ذلك نجاحات عديدة على مستوى الحزب وفي ساحة الأداء العام سياسياً وتنفيذياً رغم ما اعترت مسيرته من تحديات تصاعدت وتيرتها كلما تنامت مسيرة البناء الوطني، وقد مهدت تلك النجاحات الطريق إلى مؤتمرنا الرابع هذا، وهو طريق يؤكد رسوخ التقاليد الشورية للبناء التنظيمي للحزب والتطور الفكري لأطروحاته وبرامجه في ظل تماسك وتفاعل مؤسساته التي امتلكت قدرة المفاضلة الحكيمة لتبني الآراء التي طرحتها عضويته على المستويات كافة وصولاً للمؤتمر العام 
الأخوات والإخوة الكرام ..
الحضور الكريــم..
لقد أكد الإعداد لهذا المؤتمر والذي جرى بعد وثيقة الإصلاح والتجديد على إعادة بناء مؤسسات الحزب على مبدأ الشورى ابتداءً بمؤتمرات الأساس والمناطق والمحليات والولايات ثم المستوى القومي، بالإضافة لمؤتمرات القطاعات الوظيفية والفئوية من المرأة والشباب والطلاب وشهدت جميعها نهجاً واضحاً من الممارسة الشورية والحوار الحر، مما أفسح المجال لاستيعاب أعداد كبيرة من العضوية الجديدة التي آمنت واقتنعت بأطروحات ومواقف المؤتمر الوطني سواء في أدائه العام أو مغالبته للتحديات التي واجهت بلادنا في مسيرتها القاصدة نحو التطور والنماء. وقد حقق ذلك الحراك وفاعليته رؤى جامعة متفق عليها داخل تكوينات الحزب القاعدية وأجهزته القيادية، فضلاً عن وضوح النهج السياسي لمعالجة قضايا الحزب والدولة وفق مسيرة تتخذ التحليل والتقويم والمراجعة والمحاسبة نهجاً يعزز الايجابيات ويعالج السلبيات. وتجدون تفصيلاً لأداء الحزب في التقرير الذي سيقدم لكم إخوتي المؤتمرين لتقوموا بدراسته وتقويمه واتخاذ التوصيات اللازمة حوله وفق هذا النهج الذي أشرنا إليه .

الأخوات والإخوة الكرام ..
الحضور الكريـم..
على صعيد الأداء التنفيذي للدولة فلقد واجهت بلادنا خلال الحقبة المنصرمة تحدياً كبيراً بما أفضى إليه انفصال جنوب السودان واختيار أبناء الجنوب بالاستفتاء منتصف 2011م قيام دولة لهم، ورغم الأثر السالب الناجم عن ذلك في الاقتصاد الوطني ورغم الضيق الذي حدث في الموارد واستمرار العقوبات الجائرة، وتعمد استمرار الحرب في بعض مناطق السودان كجزء من المخطط الذي قصد ويقصد أن يرهق بلدنا، وأن يصيب التعب مجتمعنا، إلا أن ذلك التحدي والصعوبات كانت دافعاً لنا ورافعة لهمتنا لاستنباط حلول مبتكرة وناجعة لتوظيف ما هو متاح مما ساهم في إكمالنا مشروعات البناء من سدود وكهرباء وطرق وبنى تحتية واستكشاف موارد جديدة من آبار نفط جديدة ومعادن وجذب استثماري وتحقيق نمو اقتصادي، وشهدت الفترة الماضية إنجازات عديدة على مستوى التنمية بالولايات، حيث ارتقت الخدمات وازداد عدد المدارس والمستشفيات والطرق الداخلية والعابرة والرابطة للسودان بدول الجوار شرقاً إلى “أثيوبيا” و”أرتريا” وغرباً نحو “تشاد” و”أفريقيا الوسطى” وشمالاً نحو “مصر”. ويحوي التقرير التنفيذي المقدم ضمن أعمال مؤتمركم تفصيلات مما أنجز لتعملوا فيه ذات النهج تحليلاً ومراجعة وتطويراً ..
الإخوة والأخوات أعضاء المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني .
استهلالاً لأعمال دورتنا الجديدة فإنني أود أن اطرح أمام مؤتمركم عدداً من التحديات التي تقتضي وضوحاً في الرؤية، وشحذاً للعزم والإرادة للتعاطي معها وتجاوزها بما يحقق هدفنا في تطوير تجربتنا السياسية نحو آفاق أكثر رشداً وتوافقاً، وبناء دولة تنعم بالتنمية والازدهار الاقتصادي وتوفر الحرية والعدالة الاجتماعية للمواطنين وفق منظومة من القيم التي تحقق الحكم الرشيد ..
أولاً: تحدي استكمال التوافق والتراضي الوطني ..
تأسيساً على وثيقة الإصلاح والتجديد التي أقرتها مؤسسات الحزب فقد قمنا بطرح مبادرة للحوار الوطني، وأدرنا حولها حواراً سياسياً واسعاً، وعملنا على ترسيخ المشتركات والثوابت، وتوسيع دائرة القواسم المشتركة التي تربط كل أبناء الوطن، مع التأمين على نجاعة السلام بديلاً عن الخلاف والاحتراب، وتأكيد أن الحوار هو سبيل حل المشكلات المتعلقة بالمشاركة السياسية، وتحقيق معدلات عالية من الوفاق والوئام الاجتماعي والسياسي. وقد قطعنا شوطاً مقدراً في مشوار الحوار الذي تفاعلت معنا فيه الكثير من القوى السياسية والمجتمعية رغم العثرات التي أبطأت بمسيرته بعض الوقت، وستشهد مبادرة الحوار تطورات مهمة في غضون الأيام المقبلة، حيث تمت الدعوة لاجتماع الجمعية العمومية للحوار الوطني للانعقاد في الثاني من نوفمبر المقبل لإجازة تقرير عمل اللجنة للفترة الماضية، واعتماد خارطة الطريق، واعتماد (وثيقة أديس أبابا) التي تُمهد للحوار مع المجموعات التي ما تزال تحمل السلاح، وتشمل كذلك النظر في معالجة المسائل الإنسانية. وسينظر اجتماع الجمعية العمومية في تحديد موعد انعقاد الحوار الجامع الذي يشمل كل هذه الأطراف. ومن هنا أدعو الأطراف حاملة السلاح أن تستجيب لنداء الوطن، وأن تشارك في الحوار من أجل تحقيق التوافق والتراضي الوطني. كما نجدد التزامنا أن نبلغ بالحوار غاياته ما دامت الأطراف تتحلى فيه بالموضوعية وتعلي قيمة الوطن فوق المصالح الشخصية الحزبية والجهوية. ويسعدني في هذا المقام أن أٌحيي إخوة كراماً عادوا إلى ساحة الوطن بعد أن اختاروا نهج الحوار والسلام بدلاً عن الحرب، أُحيي حضورهم معنا في هذا المؤتمر وأؤكد حرصنا على إقامة علاقات سياسية عامرة بيننا وبينهم تقوم على السعي المشترك لنشر ثقافة السلام ونبذ العنف وبث روح التسامح والتعايش وتأكيد حرمة الدماء والاقتتال.

ثانياً: تجويد الحكم اللامركزي ..
لقد اتخذنا ترتيبات في مجال الحكم والإدارة نشأت بموجبها ولايات جديدة وأعدنا ترتيب عديد من الإدارات على مستوى المركز والولايات، ونحن إذ نؤكد التزامنا وتمسكنا بمنهج الحكم اللامركزي إلا أن ذلك لا يمنعنا من الإشارة والاعتراف بحدوث بعض الآثار السالبة التي تمثلت في إقحام القبلية والاستنصار بالبعد العرقي والجهوي مما بات يشكل خطراً على النسيج والترابط الاجتماعي وربما أمننا القومي، مما يستدعي وقفة مراجعة تنصح لله وترعى مصلحة الوطن وأمنه واستقراره، وإنني لأدعو مؤتمركم أن يعمل نظراً فاحصاً صريحاً يشمل كل جوانب الممارسة والتطبيق بما يعين على اتخاذ القرارات التي تبسط العلاج وتقوّم المسار للارتقاء بنظام الحكم اللامركزي توسيعاً للمشاركة، وتأكيداً لدور المواطن في إدارة شأنه المباشر في مجال الخدمات والتنمية في إطار المواطنة والولاء للوطن ..
ثالثاً: تحدي الاقتصاد والتنمية والمعاش ..
إن تأمين ضرورات وحاجات الناس من مأكل ومشرب وملبس ومأوى وخدمات صحية وتسهيل سبل العيش الكريم هو تحدٍ حقيقي وكبير يقتضي إحداث نقلة نوعية تتجاوز معدلات الإنجاز الذي تحقق، تقوم عليها أجهزة الحزب المتخصصة بطرح مبادرات واقتراح سياسات ناجعة لتجاوز مظاهر المشكلات الاقتصادية، وإنفاذ مشروعات التنمية وتسريعها، وابتكار أساليب مجدية لرفع القدرات والكفاية الإنتاجية، ورفع معدلات الأداء واتخاذ معالجات محفزة لتشجيع الاستثمار وتحريك القطاع الخاص وتفعيل الخدمة المدنية وتحسين شروط خدمتها وتحسين الأجور والعمل على استيعاب طاقات الشباب والخريجين وفتح آفاق العمل لهم، والحد من البطالة وتوفير خدمات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي بما يرتقي بنا إلى مستوى المؤشرات الإقليمية والدولية.. قاصدين بجهدنا هذا أن نعبد الله وحده، مبتغين به الدار الآخرة..
رابعاً: تحدي العلاقات الخارجية الأوسع..
رغم المحاولات الظالمة لتعويق علاقاتنا الخارجية مع دول العالم إلا أننا استطعنا بفضل الله وقدرته أن نحافظ على علاقات خارجية راسخة في بحر متلاطم من التطورات التي حدثت في العالم من قيام أنظمة وسقوط أخرى، وحدوث فتن وحروب داخلية واقتتال أهلي في أقطار شتى بصورة غير مسبوقة. إن المشاركة الكبيرة من الدول الشقيقة والصديقة عبر ممثلي أحزابها وتنظيماتها السياسية في هذا المؤتمر تؤكد نجاح مواقف ورؤى المؤتمر الوطني على صعيد سياساته الخارجية المبنية على الانفتاح في العلاقات مع مكونات المجتمع الدولي والإقليمي وفق منظور حرية الإرادة واستقلال القرار وصيانة السيادة الوطنية وتطوير موارد البلاد ومقدراتها وفق مبدأ تبادل المنافع وتحقيق المصالح المشتركة، وهو الأمر الذي وفر للسودان حضوراً مقدراً على الصعيدين الدولي والإقليمي مسانداً لسيادة قيم الحق والعدل ورفضاً للظلم والعدوان وازدواجية المعايير .
كما أننا نجحنا في تمتين علاقاتنا مع الكثير من الدول في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وشهدت بلادنا قيام مؤسسات للتعاون السياسي وصارت مقراً لاستضافتها مثل مجلس الأحزاب الأفريقية ورابطة الصداقة العربية الصينية. وانفتحت مجالات للتعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري، ولله الحمد فإن حجم الاستثمار في بلادنا بلغ بنهاية العام 2013م حوالى (31) مليار دولار شملت قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات من مصارف واتصالات وفنادق. كما إننا نجحنا في تجاوز محاولات تطويق علاقاتنا العربية بوجه خاص وأحرزنا اختراقاً كبيراً بزياراتنا الأخيرة الناجحة إلى كل من الشقيقة “المملكة العربية السعودية” والشقيقة “مصر” وستتبع ذلك تطورات إيجابية أخرى قريباً إن شاء الله .
ويسعدني أن أحيي مجدداً الحضور الكبير من ضيوفنا الحاضرين من دول العالم لهذا المؤتمر، فحضوركم إخوتي الضيوف دلالة قوية، وشاهد عملي، على امتداد علاقاتنا ووثوقها، وأؤكد لكم حرص المؤتمر الوطني أن يرد مشاركتكم وتحيتكم بعزم أكبر على توسيع دائرة التعاون والتواصل لآفاق أوسع تشمل كل المجالات.
الإخوة والأخوات أعضاء المؤتمر الرابع للمؤتمر الوطني..
سيكون من مهام هذا المؤتمر وواجباته انتخاب رئيس المؤتمر وهيئة الشورى والمكتب القيادي يكتمل بهم البناء المؤسسي، وعليهم تقع مسؤولية وضع الرؤية الشاملة للتعامل مع التحديات سابقة الذكر، وتحديد آليات تنفيذ السياسات والبرامج الموضوعة وفق مبادئنا الفكرية القائمة على نهج التجديد والتصحيح والإصلاح، وبعث طاقات الشباب للإسهام في الفعل الحضاري والثقافي في وسطنا الإقليمي والعالمي، وربط المجتمع بتقانة العصر والحداثة، دون تفريط في هويتنا وعقيدتنا السمحة التي تقوم على الاعتدال والوسطية دون غلو أو تطرف، إنكم إخوتي المؤتمرون تمثلون حزباً شعاره القيادة والريادة، والتحية نبذلها لهذا الشعب الذي صبر وصابر وبذل وضحى، قدم الشهداء من صفوفه العسكرية والمدنية دون منٍ أو أذى من أجل الأمن والاستقرار والسلام، شعب يتمتع بوعٍ سياسي متقدم فوضكم أكثر من مرة لقيادته وإدارة شأنه، علينا أن نعزز هذه الثقة وأن نبادله إياها بما يجسدها من تواضع، وتجرد، وإخلاص، ونكران ذات، وأن نبسط له مخرجات جهدنا الفكري والسياسي بعد انفضاض أعمال هذا المؤتمر في حوار مجتمعي تتهيأ له الآن قطاعاته وشرائحه المختلفة لنصوغ رؤية اجتماعية ثقافية فكرية حافزة ودافعة تجدد خير ما فينا لنصل إلى أفضل ما تكون عليه الشعوب والأمم من التقدم والرقي والتماسك والوحدة، مستعينين بعون الله مستنصرين بتوفيقه ..
سدد الله خطاكم وأعانكم على ما أنتم عليه مقبلون
من أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة ..
والسلام عليكم ورحمة الله بركاته،،

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية