ثم ماذا؟!!
كانت (بري) صباح أمس مكاناً لحدث مهم، الدورة الرابعة للمؤتمر العام للمؤتمر الوطني، حدث سياسي مهم لا سبيل لإنكار ذلك، ومكابر من يقول إن ما يجري منشطاً حزبياً لا أثر له أو تتبع، كان المحفل قبلة أنظار السودانيين والمراقبين والضيوف، من وسعه المكان مضى إليه ومن لم ينل ذلك اتخذ إلى المتابعة طريقاً ووسيلة، وهو اهتمام سيلقي بأعباء ثقيلة على الحزب الكبير، إذ ليس مطلوباً أن تكون المناسبة حدثاً عابراً بقدر ما أنها يجب أن تؤسس لمشروع إكمال كثير من المطلوبات التي بشر بها كامل المشروع السياسي للحزب الحاكم بتطوراته المختلفة في مراحل شتى، فهموم العيش والتنمية والسلام وجمع الصف الوطني كلها مسؤوليات إن كان للآخرين فيها سهم ومسؤولية فإنها بالأكمل على عنق الرئيس “البشير” وإخوانه في المؤتمر الوطني، وهي هموم تتجاوز نطاق هموم الحزب لتكون هموم بلد، لذا فالأمانة ثقيلة والأعباء أثقل.
إن التحدي الذي يلي مرحلة مهرجان الانعقاد التوصل إلى توصيات بل قرارات وشكل جديد حيوي ونشط، فالحزب يفترض به أن يضع خططاً للعمل، وبيانات للسعي فيها وهو الجزء السهل في أي عمل كهذا، ولكن المحك سيكون في القدرة على تنزيل الشعارات إلى أرض الواقع، والظروف معقدة والتحديات تتصاعد، والأخطاء موجودة في التجربة السابقة وأوجه القصور أيضاً، لذا فإنه من المهم للغاية أخذ الأمر بحقه جدية وهمة ونشاطاً متصلاً أهم مطلوباته استصحاب الآخرين في الصف الوطني، بلا تصنيفات مسبقة أو مرارات دفينة، لكل منا سهمه ودوره كبر أم صغر، ولئن كان الوطن يسع الجميع للعيش والتعايش بسماحة السودانيين الأثيرة، فإنه يسعهم في البناء والنهضة وإدامة السلام.
لقد أكبرت بالأمس في الشيخ “حسن الترابي” الأمين العام للمؤتمر الشعبي حرصه على المشاركة وصعوده منصة الخطاب، والكبير يظل كبيراً وقد تجاوز (حزازات) النفوس منطلقاً من رؤية بعيدة تقدم صالح البلاد على صغائر المزايدات الحزبية، ولو كنت رئيساً لحزب بالمعارضة أو المولاة لما ترددت أصلاً في المشاركة، فمناسبة مثل هذه تسقط بالضرورة حالات القطيعة، والمعارض المسؤول هو من يدير أمر مناولته لخصمه بنبل لا يخلط فيه الأوراق، وقد دخل “الترابي” أمس باحة المؤتمر العام للمؤتمر الوطني، لكنه يظل معارضاً ومناهضاً للحكومة ومعارضاً من طراز شرس ومبدئي لا تجعل منه المشاركة في منشط حزبي لخصمه متوالياً معه أو نصيراً لأنه حتماً شارك وعينه على ما يجمع لا ما يفرق.
إن على الرئيس “البشير” الآن المضي قدماً في كل سوانح التماسك الوطني، وواحدة من الميزات التفضيلية التي رجحت وجوزت تكليفه مرة أخرى كون أنه محل التقارب مع كل الأطراف ومظنة توثيق الإجماع وثقته، وأعتقد أن المؤتمر العام فرصة لإرسال رسائل ايجابية تطال بسماحتها وعفوها كل الواقفين في الضفة الأخرى، وأظن أنه سيردون التحية بأحسن منها وأعني اسماً وعيناً الإمام “الصادق المهدي”.