أخبار

رسالة للمؤتمرين (3)

{ لو كان النظام الفيدرالي بصيغته الحالية ناجحا ًلتوقفت الحروب ونهضت الولايات واعتمدت على نفسها .. ولو كان المؤتمر الوطني نفسه مقتنعاً بالفيدرالية لطبقها على نفسه فالحزب الآن مركزي قابض، بينما النظام فيدرالي ولكنها فيدرالية خادعة..وحتى يتم التوافق مع حاملي السلاح والقوى السياسية المعارضة على دستور جديد، فإن المجلس الوطني قبل أن ينصرف أعضاؤه ليعودوا في مايو القادم مطالبين بتعديل في نصوص الدستور بإعادة سلطة تعيين الولاة للرئيس ومن حق الرئيس اختيار جميع ولاة السودان من محلية واحدة.. فإذا كان الوالي عادلاً ونزيهاً وقادراً على انتزاع حقوق مواطنيه من قبضة المركز فإن الشعب غير معني بالجهة التي جاء منها ولا القبيلة التي ينتمي إليها .. وليس بالضرورة أن يتم تعيين والٍ من كل ولاية .. لأن إيجابيات التعيين في أن الوالي المعين بالضرورة من خاصة الرئيس الذين (يعرفهم) وخبرهم ومؤتمنين لديه.. فهناك ولايات بأجمعها قد لا يجد الرئيس مواصفات الوالي الذي ينفذ له برنامجه، وبالتالي يصبح مكان ثقته .. لقد شبعت الولايات في حكم أبنائها ولكنها ذرفت الدموع وانتحبت لفشلهم في إدارة شؤون أهلهم بعضهم تعوزه الفكرة.. وبعضهم تعوزه البصيرة.. وآخرون يبغضهم ولا يستلطفهم صناع القرار والقابضون على مفاتيح خزائن الأرض في مالية الخرطوم.. ويبقى خيار التعيين إلى حين اتفاق أهل السودان على نظام الحكم الذي يريدون!!
{ ومن المشكلات التي تخصم من رصيد الحكومة وحزب المؤتمر الوطني قضايا الفساد الإداري والمالي .. وهي من القضايا التي (تثير) (حساسية) الحكومة وتجعلها تتحسس كراسيها ومسدساتها وتشهر سيف القانون في وجه من يكشف مواضع الفساد، لا من ينهب المال العام ويتطاول في البنيان حتى غدت الدولة كالمتصالحة مع الفساد .. وفي زيارة واحدة لمنزل والٍ أو وزير في الخرطوم تفوح رائحة الفساد من مبردات الهواء والمقاعد الوثيرة والأواني المنزلية المستوردة من بلاد الطليان، والسجاد والموكيت القادم من بلاد فارس يترامى في بيوت المسؤولين شاهداً على فسادهم وإفسادهم. وقبل شهور عاودنا مسؤولاً كبيراً في منزله بحي (الخواجة) السوداني “عزيز كافوري” بضاحية بحري لمشاركته العزاء في وفاة شقيقه، وتصادف وجودنا والإخوان “عادل الباز” و”الصادق الرزيقي” و”رحاب طه” مع وصول الرئيس “البشير” والفريق “عبد الرحيم محمد حسين” لأداء واجب العزاء للمسؤول الذي يمتلك عمارة سامقة من ثلاثة طوابق، وبها حدائق وأعناب وتئن مبردات الكهرباء من مغالبة مناخ الخرطوم الساخن لتنفث البرودة في الأجساد التي نعمتها النعمة!! وقد كان المسؤول المعني مدرساً في مرحلة الأساس بإحدى قرى دارفور النائية، ولكن نعيم السلطة ومالها حمله من هناك إلى حي “عزيز كافوري”.. وقد مات المرحوم “محمود الفضلي” وزير مالية حكومة “الأزهري” ولا تملك أسرته سيارة أو منزلاً!! ورحل “أحمد عثمان مكي” أحد الذين شيدوا نظام الإنقاذ بالفكرة، ولا يملك في الدنيا داراً غير منزل لأسرته في ضاحية الكلاكلة جنوب الخرطوم.
والفساد اليوم ما عاد ظاهرة تتحدث عنها الصحافة على استحياء خوفاً من أن تنالها سيوف الإيقاف الأبدي والغياب القسري، ولكن قد أصبح الشريف النظيف هو الاستثناء في الدولة التي تتأبط مشروعاً قالت إنه حضاري، من أجل تغيير واقع الناس وتبديل حياتهم في سنوات معدودة، والآن يمنح المؤتمر الوطني نفسه وقائده “البشير” خمس سنوات جديدة لحكم البلاد، فهل يمضي بذات النهج القديم؟؟ أم يجدد الحزب برنامجه وخططه ومشروعاته من أجل مكافأة هذا الشعب الذي صبر على كل شيء من أجل شيء لا يزال في رحم الغيب يتشكل !!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية