استدراكات "البشير"..!!
اليوم، وبأرض المعارض ببري، يفتتح المؤتمر العام للمؤتمر الوطني أعماله، صباح (الخميس) الذي يسبق (الجمعة).. (الجمعة) التي أطل في صباحها يومذاك العميد “البشير عمر حسن أحمد البشير” ليتلو على الناس بيان الثورة الأول.. سيصعد المشير “البشير” اليوم إلى منصة الخطاب ليتحدث في المؤتمر العام لحزب تطور مع مرور الأيام والفكرة، بدأ رسماً بياناً وتبشيراً من العقيد “حسن حمدين”، وبإلهام الشيخ “الترابي” ربما، وربما كان باجتهاد ضابط المدفعية النجيب الذي تلاشى بين الصفوف فما عاد أحد يذكره، ولكن (المؤتمر) بقي وتطور ومضى، وظل “البشير” فيه محل الثقة والإجماع، والرقم الذي يقبل القسمة على كل الأطراف، في تجربة سياسية من تاريخ السودان، فيها المحطات البيضاء والمنيرة وفيها مواطن الزلل والضعف والإشكالات، فهي في النهاية جهد بشر واجتهاد جماعة تحسن حيناً وتخفق حيناً.. ومن قال إن الإنقاذ مجردة من الإحسان والإجادة أخفق، ومن قال بذات القدر إنها منزهة عن العيب فإنه لابد مغالٍ وبحديثه شبهة مبالغة.
{ لقد نجحت الإنقاذ في مد ظلال الحكم الاتحادي ولو تنظيراً وتجريباً إلى كل بقاع السودان، ونهضت الولايات بحكمها.. وصحيح أن هذه الجزئية لم تحُز النمرة الكاملة، لكن ذلك مفهوم لضعف البنية السياسية والاقتصادية في الولايات مما جعل الأمر في أغلبه مركزياً وإن تسمى بالحكم الولائي، وغلبت عليه جهوية الديمقراطية ومعايرة القرار في التكليف والتفويض.. في المجال الاقتصادي يبقى إنجاز النفط من أعظم أعمال “البشير”، فهو عمل فشلت فيه كل الحكومات الوطنية المتعاقبة برها وفاجرها.. ومما يزيد من هالة هذا العمل الظروف العصيبة التي نفذ عبرها وخلالها المشروع من حصار اقتصادي صارم وتكالب وصل حد الاعتداء الصريح على السودان، لكن هذا لم يثن العزائم عن المضي بالأمر إلى غايات التنقيب ثم الاستخراج ثم التسويق والكسب الاقتصادي.. ولعل هذا العامل والإنجاز كان هو السبب الرئيس والدافع الأساسي لإرغام الجهات الغربية والقوى العظمى، والحركة الشعبية على خيار السلام وربما يكون عاملاً في رجوع الجنوب بأكمله إلى الشمال والسودان القديم.
{ السلام يظل ويبقى عملاً صالحاً ومنجزاً لا يُنكر، فالإنقاذ يكفيها في هذا الجانب أنها حقنت دماء السودانيين في أطول حرب أهلية يشهدها العالم، وانحسر الدم، وقلت فاجعة الوطن في أبنائه ممن يقضون حرباً.. ورغم أن بعض العراكات لا تزال دائرة وتسقط قتيلاً حيناً وجريحاً حيناً آخر، إلا أن نسبة السلام تتفوق على نسبة الفشل العام الذي كانت تسببه الحرب.. ليست كل المسيرة نجاحات.. بها حالات من الضعف والأخطاء التي تحتاج إلى مراجعة بشفافية عظيمة وبلا خوف ووجل، وبلا تحيزات للخطب الحماسية البعيدة عن النقد والتقويم، والأهم من هذا الإصلاح.. ولكن فضيلة الاعتراف بهذا لا تسقط أبداً وإطلاقاً أن (البشير) سعى للخير، وكان الرئيس الذي قدم الكثير، ولعلها إرادة الله أن يبقى ليكمل بعض البناء خاصة في جانب (استدراك) ما فات وجرى.