رأي

مجرد سؤال ؟؟

رقية أبو شوك
نحن مع ثقافة الترشيد ولكن !!!
طالعت تصريحاً مطولاً بصحيفة الراية القطرية عن الموافقة على مشروع قانون النظام المالي للدولة، ووقفت كثيراً على تعديل قانون ترشيد استهلاك الكهرباء والماء لمعالجة الإسراف. القانون نص على(20) ألف عبارة عن غرامة لاستخدام مياه الشرب في غسيل السيارات أو التنظيف، و(10)آلاف غرامة لتاركي الإنارة المثبتة على الأسوار والواجهات نهاراً … (انتهى).
نعم نحن في السودان قد حبانا الله بنيل كبير ومياه عذبة جداً كلها صالحة للشرب ولكن في ذات الوقت هنالك كميات كبيرة مهدرة من هذه المياه التي نحن بحاجة كبيرة إليها ..نتضجر جداً عند انقطاع المياه ولكننا في الوقت نفسه لم نحسن استعمالها. وخلال زياراتي المتكررة جداً لمشروع الجزيرة لاحظت هنالك كميات كبيرة جداً مهدرة من المياه جراء كسر الترع والقنوات،  الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة الحركة للراجلين وأولئك الذين يتجولون بالمركبات …وتضيع  بعد ذلك المياه ويطلق المزارعون صيحاتهم بعدم توفر المياه والعطش الذي لازم الموسم ..ولكن إذا كان هنالك قانون يمنع مثل هذه الأشياء وغرامات حيال هذا العمل، لاستفدنا من كل قطرة من المياه ولم نهدرها ..هكذا تعودنا نحن في السودان على هذا الواقع.
أقول هذا وفي خاطري موظف تحصيل رسوم المياه قبل أن يكون تحصيلها مشتركاً الآن مع الكهرباء، جاء في الحي للتحصيل واستقبلته وقلت له (هي أصلا ما في موية عشان أنت تتحصل الرسوم). وكان حينها قطوعات المياه المتكررة .. الموظف رد علي بالقول (طيب دي شنو الموية المدفقة برة دي)،  وبالطبع كانت هنالك كمية كبيرة من المياه (مدفقة) بالشارع العام.
أيضاً الكهرباء هنالك الإنارة الليلة بالشوارع وإن كانت بسيطة جداً ولكننا قد نجد الإنارة في وضح النهار، ولا يكون هنالك من يحاول أو يقوم بإطفائها.
نحن في السودان نفتقر لثقافة الترشيد في كل شيء ..نحتاج لترشيد الكهرباء ولكننا نقوم بإنارة كل المنزل من قبل مغيب الشمس، ونغضب جداً عندما ينقطع التيار الكهربائي ونتضجر من التصريحات التي تؤكد ضرورة الترشيد، بالرغم من أن هذه التصريحات تصب في المصلحة العامة .. نتضجر لأننا لم نعرف الترشيد وتعودنا على الإسراف الذي نهانا الله عنه …فالوضوء نفسه يجب أن نرشده حتى وإن كنا نتوضأ من النهر وليس من حنفية المنزل.
صحيح أن السودان عانى ما عانى من قطوعات في الكهرباء قبل قيام سد مروي، ولكننا الآن نعيش في نعمة نحمد الله عليها كثيراً ..فيجب المحافظة على هذه النعمة بالشكر والترشيد.
فعلى الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء غرس روح الترشيد في قلوب المواطنين وإقناعهم بأهمية الترشيد، لأن المواطن السوداني اعتاد على الإسراف في كل شيء كما قلت، ولا يحسب حساباً للكهرباء التي يدفعها من حر ماله حتى وإن كان لا يمتلك قوت يومه، المهم هو أصلاً اعتاد على كدة. ولعمري هذا الإقناع سيكلف الكثير من الوقت ولكن إذا كان هنالك قانون يؤكد ذلك فسنلتزم به لأننا شعب يحترم جداً القوانين.
أيضاً هنالك ثمة ملاحظة بالرغم من قناعتي بمبدأ الترشيد ..الملاحظة تنصب في ضعف الإنارة في الشوارع بولاية الخرطوم ..بدأت في بعض الشوارع ولكنها للأسف لم تكن بالمعنى المطلوب، حيث مازالت ضعيفة وضعيفة جداً، الأمر الذي يؤدي إلى الحوادث الليلية، فلماذا لا تكون هنالك خطة كبيرة لإنارة الخرطوم، وتكون في نفس الوقت هنالك محاسبة إذا وجدت الإنارة بالنهار …أتمنى أن تنار كل الطرق ليلاً وما أظن هنالك مشكلة في الكهرباء، فحتى وإن وجدت لا أظنها بالحجم الكبير الذي يجعل شوارعنا وكأنها في نفق مظلم.
إذاً نحن مع الترشيد والمحاسبة ولكننا في ذات الوقت، مع ضرورة الإنارة الليلية لكل شوارع الخرطوم  ليلاً بلا استثناء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية