المؤتمر الرابع.. هل يتكرر سيناريو مؤتمر الحركة الإسلامية؟؟
المراقبون توقعوا إعادة ترشيح “البشير”
الخرطوم – فاطمة مبارك
الأيام تقترب من الموعد المضروب لقيام المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني، الذي حدد له يوم 23 من هذا الشهر (أكتوبر)، والمراقبون والصحفيون يوجهون أسماعهم وأبصارهم صوب مطابخ القرار هناك للظفر بمعلومات أو مؤشرات حول من هو مرشح رئاسة الحزب القادم الذي سيكون مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية. لكن رغم انتظار الساحة لهذا الحدث المثير وحديث الحزب عن أن الأمر متروك لأجهزته، إلا أن هناك ثمة إشارات وحيثيات ظهرت في حديث بعض القيادات المسؤولة مؤخراً استبعدت عنصر المفاجأة في هذا الموضوع، حينما أكدت تصريحاً أو تلميحاً أن موضوع مرشح الرئاسة للمؤتمر الوطني أصبح شبه محسوم لصالح المشير “عمر البشير”.. ومن بين هذه التلميحات كان حديث مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب بروفيسور “غندور” في مؤتمره الصحفي الذي عُقد بشأن إحاطة الإعلام بالترتيبات التي أعدت لمؤتمرهم العام الذي نفى فيه وجود تعارض بين الدستور وإعادة ترشيح رئيس الجمهورية لفترة رئاسية أخرى إذا ما قرر ذلك المؤتمر العام للحزب. ولم يكتف بذلك، بل أبدى استعداده لإثبات ذلك بما هو متوفر من تفسير للقانون والدستور، وقال: (جاهزون لإثبات ذلك حتى أمام المحكمة الدستورية).
ومن جانبه، انتقد بروفيسور “الطيب زين العابدين” استباق “غندور” لقرارات الحزب في المؤتمر العام وحديثه عن جاهزيتهم للدستورية، ما يعني أن موضوع “البشير” كمرشح لرئاسة الحزب ومن ثم رئاسة الجمهورية أصبح أمراً محسوماً. وقال “الطيب” لـ(المجهر) أمس عبر الهاتف إن الرئيس “البشير” عازم على الترشح لدورة رئاسية قادمة رغم تعارض ذلك مع قوانين دستور البلاد الذي يمنع الترشح للرئاسة لأكثر من دورتين، ومهد لذلك بإزاحة قيادات الصف الأول مثل الأستاذ “علي عثمان” و”عوض الجاز” ودكتور “نافع علي نافع”، عاداً هذه القيادات من المؤسسين للإنقاذ وذوي الخبرة الذين يمكن أن ينافسوا إذا طرحوا كمرشحين.. ووفقاً لـ”الطيب” فإن الداعمين لخط ترشيح الرئيس رتبوا من وقت كافٍ كعمل احتياطي موضوع أن يكون “بكري حسن صالح” نائباً أول للرئيس ونائب أمين للحركة الإسلامية رغم اشتهاره بالعمل الإداري والأمني طيلة سنوات الإنقاذ، ولم يعرف عنه مشاركته في العمل السياسي، وكانت هذه بمثابة المرحلة الثانية من مراحل الترتيب لترشيح “البشير” لدورة قادمة وفقاً لـ”زين العابدين”.
ويشار إلى أن “بكري حسن صالح” من الشخصيات المقربة من الرئيس “البشير”، ويخصه بأدق الأسرار.. و”بكري” يعدّ الملازم الوحيد للرئيس “البشير” في معظم رحلات مرضه الخارجية إن لم يكن كلها، وحتى العمليات التي أجريت له مؤخراً بالسودان كان “بكري” على علم بها من بعد أسرته.
بروفيسور “الطيب زين العابدين” في إطار تأكيده لموضوع عودة “البشير” للحزب والرئاسة قال: (أعتقد أن هناك توجيهات صدرت لعدد من العضوية التي تؤثر في مسألة اختيار البشير بإعادته إلى موقعه).
وهناك بعض الشخصيات الداعمة لترشيح “البشير” داخل الحزب أمثال بروفيسور “غندور” ودكتور “مصطفى عثمان إسماعيل”، وتستطيع التأثير على المجموعات المؤثرة في اختياره، ولهذا السبب حصل ولاة الولايات على أعلى الأصوات حتى يكونوا أكثر عدداً باعتبارهم من المساندين لتيار “البشير”، وأشار “الطيب” إلى أن (75%) من العضوية المطلوبة لفوز “البشير” ستأتي من الولايات، منوهاً إلى أن هذا (المقلب) كان قد جاء به “الترابي” في وقت سابق حيث جعل النسبة الأكبر للولايات.
وفي سياق حديثه عن توجيه العضوية، توقع “الطيب” أن يتكرر سيناريو المؤتمر العام للحركة الإسلامية في المؤتمر العام الرابع عندما تم توجيه العضوية، وبناءً على ذلك أجازوا الدستور والقانون الذي يريدونه، وأشار إلى أن “الترابي” أيضاً قام بهذا الأمر في مؤتمر 1998 عندما أسقط الشخصيات الموقعة على مذكرة العشرة، ما أضطر آنذاك المرحوم “مجذوب الخليفة” وآخرين إلى معالجة الموضوع والإتيان ببعضهم عن طريق مؤتمر ولاية الخرطوم. واستبعد “الطيب” ترشح قيادات من المؤتمر الوطني حال ترشح الرئيس.
إلا أن القيادي البارز في حزب المؤتمر الوطني الحاكم “نافع علي نافع” مساعد الرئيس السابق، كان قد كشف في حوار له عن سعي مجموعات داخل الحزب للدفع بمرشح بديل للرئيس “عمر البشير” لانتخابات الرئاسة المقررة في أبريل المقبل. وسيخوض الحزب اختباراً صعباً خلال الشهر الجاري عندما يحين موعد انعقاد مؤتمره العام الذي سيختار مرشحه لانتخابات الرئاسة.. ونقلت شبكة (الشروق) السودانية عن “نافع” القول في حوار نشرته صحيفة (الرأي العام) إن تلك المجموعات التي تسعى للدفع بمرشح بديل سعت حتى للتأثير على هياكل المؤتمر الوطني لتضمن فيها الغلبة، وأضاف: (هناك أناس سعوا إلى ترشيح البشير لولاية جديدة وهؤلاء هم الغلبة، لكن هناك أناساً كانوا يتمنون مرشحاً غير البشير، ويمكن أن يكونوا غير متفقين على مرشح بعينه، لكن الذين يؤيدون ترشيح الرئيس قاعدة كبيرة والذين يرون غير ذلك يرونه من منطلق قناعاتهم وليس فزاعة من الانقسام).
من ناحيته، أطلق القيادي بالمؤتمر الوطني “أمين حسن عمر”، وهو من بين المحسوبين على تيار عدم ترشيح “البشير”، أطلق تصريحات مثيرة قال فيها إن التجديد للرئيس “البشير” لدورة قادمة يتنافى وروح التجديد في المؤتمر الوطني، وحينها سارعت قيادات وكتاب محسوبون على التيار الداعم لـ”البشير” داخل حزبه للقول إن “أمين” يتحدث كمفكر ومثقف وليس كناشط سياسي.. وأياً كان الهدف، فإن ما يدور من حراك داخل الحزب الحاكم يدل على وجود تباينات حول جملة من القرارات ستتخذ في المؤتمر العام، ربما تقود إلى انشقاق المجموعة التي تقف ضد ترشح الرئيس مثلما فعل “غازي صلاح الدين” قبل ذلك.
لكن “الطيب زين العابدين” استبعد أن يقود اختيار “البشير” لدورة رئاسية قادمة إلى انشقاق الحزب، عازياً ذلك إلى خلو الحزب من رجل شجاع مثل “غازي صلاح الدين”.. وبدوره نفى “غندور” في مؤتمر صحفي عقده بقاعة الشهيد الزبير (الثلاثاء) الماضي صحة ما تردد عن أن اختيار مرشح رئاسي للمؤتمر الوطني، سيثير انشقاقات أو خلافات في المؤتمر العام القادم وأضاف: (الأمر الوحيد الذي لم نتخوف منه أو نناقشه هو حدوث انشقاقات)، وقال “غندور”: (فيما أعلم لن تكون هناك مجرد نسبة “1%” للانشقاق ولو ترشح ألف عضو للرئاسة).
من جانبه، قرأ “حسن مكي” ما تتداوله الساحة حول المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني من زاوية أخرى، عادّاً المؤتمر الوطني نفسه يقف في مفترق طرق وعليه أن يجيب عن أسئلة جوهرية قبل إقدامه على خطوة اختيار رئيس المؤتمر الوطني القادم ومرشحه لرئاسة الجمهورية من شاكلة: هل هو حزب سياسي أم حزب الرجل الواحد.. مثلما كان الحال بالنسبة لرئيس مصر الأسبق “حسني مبارك” وأحزاب الرجل الواحد في الدول الاشتراكية التي انهارت؟ وهل هناك كيان اسمه المؤتمر الوطني؟ وأجاب قائلاً: (المؤتمر الوطني كتب شهادة الوفاة لنفسه، والقيادة أصبحت تفتقد الشرعية)، وأضاف إن الحزب الحاكم فشل في إدارة أزمات البلاد، لذلك لن يستطع فعل شيء في المرحلة القادمة.
وأوضح بروفيسور “حسن” أن من بين مشاكل الحزب قيامه على الشخصنة التي أبعدت عنه صفة حزب الجماعة وتفكيرها، وإذا مضى في اتجاه الجهوية والذاتية والقبلية سيُختار الرئيس وفقاً لتقديرات شخصية بعيدة عن تقديرات المرحلة، وحينها سيضرب المؤتمر الوطني بالدستور عرض الحائط ويعطي انطباعاً بأن أي شخص يفعل ما يريد والحكم لمن غلب، وهذا يعني جواز الانقلابات العسكرية والأدوات الأخرى، التي من شأنها أن تقود إلى اضطرابات، ويعني كذلك أن منطق الحزب أصبح عاجزاً ولم يفكر في تجديد أفكاره وعدّ نفسه مثله ومثل التوريدات الصوفية وشيخ القبيلة والسجادة.