أخبار

الجيش خط أحمر

تجدني من أشد المطالبين بردع حاسم وعاجل سياسي وأمني واجتماعي لتفلتات بعض القبائل التي يبدو أنها، استمرأت الخروج عن النص وصارت تتجه لتكون دولة داخل دولة. ولا أسمي فئة بعينها وإنما أتحدث عن عموم ظاهرة جعلت بعض مناشط القصر الجمهوري مخصصة لجلسات الصلح والأجاويد بين قبيلة وأخرى، وصار من المألوف والمعتاد أن تسمع وترى فوجاً من أصحاب الجلابيب والمراكيب في حضرة مستشار أو مساعد بالقصر يتحدثون عن مؤتمر لإصلاح في الجهة ومصالحة بالجهة كذا، والدماء تسيل والأرواح تزهق وتتعطل مسيرة التنمية لأن أحدهم وطأت له مزرعة صغيرة أو لأن فرداً اعتلى فرس آخر. وصحيح أن الجرائم تقع والمخالفات تقوم لكن هذا يجب ألا يعني أن تتحول كل قبيلة إلى جهة تقرر بنفسها وتصدر الأوامر، ويجب أن يطال القانون الجميع لا مفاضلة في ذلك بين شيخ مبجل وزعيم متوج، الحكم والفيصل للقانون والحراسات تسع الجميع وبلاش كلام فارغ. ولأن التسامح أحياناً يغري الناس فقد أسفت أن يتعرض قائد عسكري برتبة العميد (الأصلية) لاحتجاجات بعض الأهالي بالضعين، بل أكثر من ذلك امتدت يدهم إليه. وغض النظر عن ملابسات ما جرى ودوافع القوم فإن هذا مسلك خطير يجب أن يردع، والقوات المسلحة السودانية خط أحمر و(نار منقد) لا يجوز العبث معها، فما كانت يوماً تلك القوات خصيمة الشعب أو عدوة المواطنين. ولطالما كانت حصونها وصدور رجالها هي الملاذ لهذا الوطن في كل البقاع، وهي عادة تحضر وتتدخل لتحل العقد وليس مطلوباً منها في شرق دارفور أو السماء الأحمر، أن تتنازل عن كبريائها وعزتها لإرضاء توهمات البعض حول حدث أو واقعة معينة، ولهذا فإن حتى مجرد احتجاز قطار قادم من “نيالا” إلى الخرطوم لأي سبب ما سلوك همجي، مع إقرارنا بأن من حق المواطن – أي مواطن – إبلاغ السلطات بأي شيء يثير الريبة لكنه دوره ينتهي هنا، ومن بعدها تمارس السلطات القانونية والعسكرية أعمالها دون التقيد بما يراه المواطن المبلغ أو يعتقده.  إن الذين تعرضوا لقائد الفرقة (20) بمدينة “الضعين” وعلت أصواتهم عليه يجب أن يحاسبوا فهذه دولة ولها حكومة، وغض النظر عن رأي ورأيك فيها فإنها يجب أن تحترم ومؤسساتها ومن لا يجد في نفسه قدرة على هذا فليذهب حيث ألقت الريح. وعلى أهلنا في دارفور اتقاء الله في هذا البلد فليس من المقبول واللائق أن يتحول اسم هذا الإقليم إلى قرين دائم بالأعمال الفظة، فكل قتل وسلب وخرق مصدره دارفور حتى صار الأمر ظاهرة مزعجة مثل اللعنة، هذا الحديث قاس وموجع لكنه الحقيقة التي يتلطف البعض في إيرادها والجهر بها أملاً في إصلاح الحال ولكن هيهات، فكلما قلنا إن الحال قد تبدل اكتشفنا جميعاً أن الفوضى هناك صارت نهجاً وممارسة لا تضع اعتباراً لأي شيء سوى الانتصار للذات. إني كمواطن يحب الجيش ويحترم القوات المسلحة (اعتذر) عما جرى، وسيظل جيشنا فوق العين والرأس وفي ثنايا الفؤاد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية