رفاعة تشيّع شاعر (أنا سوداني) في موكب مهيب
غيبه الموت أمس الأول (السبت)
الخرطوم – يوسف بشير
شيعت أعداد كبيرة من مدينة رفاعة في موكب مهيب، يوم أمس (الأحد)، الشاعر السوداني العتيق “محمد عثمان عبد الرحيم” صاحب أيقونه الفخر الخالدة (أنا سوداني أنا)، الذي رحل إلى الرفيق الأعلى أمس الأول (السبت) عن عمر ناهز المائة عام. وقد هل مولده برفاعة عام 1914م، بمدينة رفاعة، وخطى خطوات تفوقه الأدبي من عمق الباطن المعرفي وظاهر القراءات التراثية، مروراً بكلية (غردون) التذكارية، وشاء حظه أن يكون ضمن مجموعة من الطلاب الذين كان لهم دور كبير في تاريخ البلاد الأدبي والسياسي والفكري وأصبح أحد ناشطي جمعية (الزعفران الوطنية)، الجمعية التي كانت تقود النشاط السياسي بالكلية.. وتحديداً في الفترة ما بين 1931م وحتى 1942م، وهي فترة بدايات معرفته كشاعر صغير في السن.. وفي 1933م عمل الشاعر “محمد عثمان عبد الرحيم” معلماً بمدرسة (الشيخ بابكر بدري) لعامين، ومن ثم التحق بالعمل بالسكة الحديد بعطبرة موظفاً.وتوفر على كتب التراث والأدب العربي، فقرأ لفحول شعراء العربية “المتنبي”، “أبو العتاهية”، “الأخطل” و”أبو العلاء المعري”.
من أولى قصائده العاطفية:
الدرة الفريدة هاجراني هالكني ريدا
بشرح قصيدة كالقنديل بارز نهيدا
عيناها صيدة شن شافت لسه وليده
وفي عام 1946م كتب الشاعر أيقونته وأيقونة الشعر الوطني السوداني (أنا سوداني):
كل أجزائه لنا وطن
إذ نباهي به ونفتتن
نتملى جماله لنرى
هل لترفيه عيشه ثمن
وفي عام 1942م شارك في مسابقة القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية في الشعر، فكان أن أحرز المركز الثاني بعد الشاعر السوري “بشارة الخوري” (الأخطل الصغير). و(أنا سوداني أنا) هي القصيدة التي يتغنى بها كل السودانيين تعبيراً عن حب الوطن، وقاد ذلك لتسمية الشاعر بـ(أب السودانيين). وللشاعر تاريخ ناصع في مقارعة الاستعمار بالكلمة، فكان أن أودع السجن مرتين، الأولى عام 1944 والثانية عام 1948. وظل الشاعر العظيم حتى وفاته متقد الذاكرة قوي الإصرار على العيش في كبريائه كما كان في الأربعينيات والخمسينيات.