وتتشابه الأشياء (3)
{ من المظاهر السالبة في الممارسة السياسية في بلادنا بوادر أطلت بوجهها القمئ في الفترة الأخيرة وهي ظاهرة الاغتيال الشخصي لبعض المرشحين لتولي الوظيفة العامة وتسخير وسائط التواصل الاجتماعي والصحافة في إشانة سمعة الناس والنهش في الأعراض بلا أخلاق ووازع ديني بعد أن أصبحت السلطة عند البعض غاية في سبيلها يتعرى الناس في الشارع العام.. ولن نغمض أعيننا عن الحملة المدبرة التي وجهت للأستاذ “السمؤال خلف الله” حينما تسربت أخبار تعيينه مديراً للتلفزيون فطفق البعض يتحدث عن شيعية “السمؤال خلف الله”.. وذلك للحيلولة دون تعيينه في منصب مدير التلفزيون.. ونشرت صوراً للسمؤال خلف الله وهو يرفع يديه بالدعاء أمام ضريح الشهيد “الحسين بين علي” في كربلاء بالعراق وما أسهل التزييف والتلفيق.. وهناك جهة أو جهات أو أفراد اقتضت مصالحهم أن لا تطأ أقدام “السمؤال” مملكة التلفزيون.. وفي الأيام الماضية حينما اقترب أيضاً “علي محمود” وزير المالية السابق من دخول شركة كنانة بديلاً للمرضي بترشيح من بعض القيادات في الحزب والدولة خرج من باطن الأرض محامٍ قال إنه سمسار قد أسند إليه مهمة مطالبة “علي محمود” بدفع عمولة سمسرته في شراء عقار بمليارات الجنيهات في ضاحية الرياض وبعيداً عن صحة ادعاء السمسار وحدوث الواقعة فإن القضية برمتها شكلت عنصر اغتيال مهم لشخصية “علي محمود” السياسية والاقتصادية وشككت في ذمته المالية حتى يخرج من سباق التنافس لمقعد مدير عام شركة سكر كنانة وهو موقع من حيث الكسب والامتيازات الشخصية يغري بتهافت المتهافتين.. وفي صحيفة مملوكة لحزب المؤتمر الوطني تنشر النيابة بولاية الخرطوم أمراً للقبض على شقيق “عمار سليمان” أحد المرشحين الرئيسيين للمنافسة على منصب والي الخرطوم في ظاهر القضية تبدو (عادية) حيث لا يجرمن عمار أو شقيقه وهي سلوك شقيقهم التجاري في السوق إن قبض عليه أو صدرت نشرة من النيابة لإلقاء القبض عليه لكن السودان يجرم الإنسان جريرة شقيقه. وكما قال الراحل “يسن عمر الإمام” من يخوض غمار السياسة في السودان عليه تقبل نشر غسيل جدته القذر إن وجد ومن يتولى المنصب العام عليه تقبل طعن الطاعنين في ذمته وأخلاقه.
ومأزق المؤتمر الوطني الذي وجد نفسه فيه أن الدكتور “فيصل حسن إبراهيم” قد نال ثقة قيادة الحزب في ولايتين هما شمال كردفان وولاية الخرطوم فأين سيضعه الحزب؟؟ هل يمكن إزاحة “أحمد هارون” الذي يعتبر من المقربين جداً للرئيس والفريق “بكري” و”عبد الرحيم”؟؟ أم تسند إلى د.”فيصل” ولاية الخرطوم التي (يتمنى) بعض الكبار أن يطوفون بعرصاتها وهي أغنى الولايات وأكثرها بريقاً؟؟ وواليها الحالي د.”عبد الرحمن الخضر” بات مستهدفاً وتكاثرت عليه سهام النقد والتجريح حتى زهد في المنصب ولم يدرس أحداً تجربة “الخضر” حتى اليوم سلبياتها وايجابياتها ولكن الطمع في المغانم جعل قلوب كثيرة تهفو للموقع.. قد تسند ولاية الخرطوم لدكتور “فيصل حسن إبراهيم” الذي كان من الوزراء الناجحين في الزراعة لسنوات طويلة ولكن القبلية والعنصرية في بلادنا تحول دون وصول د. “فيصل” لمنصب الوالي بولاية الخرطوم وقد شهدت مؤتمرات الشورى والمؤتمر العام مظاهر للقبلية والجهوية حتى في عاصمة البلاد ومركز الاستنارة المفترض فكيف في هذا المناخ تسند إدارة الولاية لفيصل “حسن إبراهيم” أو “محمد طاهر إيلا” الذي رشح ولكنه اختار شرب القهوة في محطة سنكات بدلاً عن متاعب الخرطوم ورهقها.