من "جنيف" (2)
يتعاظم كل يوم دور منظمات المجتمع المدني في صياغة الواقع الدولي ويضعف
دور الحكومات إلى حد الوهن الشديد، ومن يراقب ما يجري هنا في “جنيف” حيث تتضخم منظمات المجتمع المدني الغربية وتتقزم الحكومات، يدرك أهمية أن تنهض مجتمعات الدول النامية بإعداد أسلحة العصر ومن بينها المنظمات غير
الحكومية. وتنشط الآن في “جنيف” المجموعة الوطنية لحقوق الإنسان في عقد
الندوات وإصدار البيانات وقيام التظاهرات المنددة بفرض الوﻻيات المتحدة
عقوباتها الاقتصادية على البلاد. ونجحت المجموعة الوطنية حتى الآن في
القيام بدور إيجابي جداً في إبراز الوجه السالب للعقوبات. وفي الغرب بصفة
عامة يُصغى في المؤتمرات الدولية لأصوات الشعوب ومنظمات المجتمع المدني
أكثر من خطاب الحكومات، لذلك وجدت الندوة التي نظمتها المجموعة الوطنية أمس الأول في “جنيف” اهتماماً من المنظمات الإقليمية والدولية والمراقبين
والصحافة، ومن أسباب نجاح المجموعة الخبرة المكتنزة في جعبة رئيسها
د.”إبراهيم عبد الحليم” وتنوع وتعدد تمثيلها لكل طيف المجتمع السوداني، ومهنية أعضاء المجموعة واستقلاليتها فلا هي بوق يردد ما تطرب له الحكومة ولاهي شقة مفروشة تستريح في فنائها المعارضة من رهق المسير الشاق. وتضم المجموعة من شرق السودان الأستاذة “هنادي” القلب النابض للمجموعة ومن جبال النوبة الخبير في فض النزاعات د.”حسين كرشوم” والحقوقية “عفاف تاور كافي” والقسيس “جونثان حماد”، ومن دارفور “حليمة حسب الله” ومولانا “النور محمد إبراهيم”، ومن الاقتصاديين د.”بابكر محمد توم” ومن نقابة المحامين د. “عواطف الجعلي”، ومن قدامى الإداريين د.”فاروق البشرى” وآخرين، حيث تشكل المجموعة وحدة متناغمة من الكفاءات السودانية نواة لمستقبل منظمة مجتمع مدني تحظى باعتراف واحترام دولي، إن هي مضت في هذا الطريق ولم تعتريها أسباب الضعف والتلاشي وهي عديدة. وقد حظيت المجموعة الآن باعتراف دولي واستقطبت لصالح السودان أصدقاء من الولايات المتحدة الأمريكية مثل الناشطة في مجال الحريات والحقوق الدينية السيدة “جيينت” ومن فرنسا الناشط “سكلاروف” وقد أثار نشاط المجموعة قلق بعض المعارضين، كما تبدى ذلك من محاولات تصدي للمجموعة مثل محاولة المعارض “محمد جلال أحمد هاشم” إثارة غبار في بلد لا تعرف الأتربة حول المرتدة “أبرار”، وقد تصدى إليه القس “يونثان حماد” وذكر أن هناك مسلماً في أمبدة يدعى “إبراهيم كافي” اعتنق المسيحية ولم يعترضه أحد، لكن “أبرار” لديها نزاع ميراث مع أسرتها. ووجدت نشاطات المجموعة الوطنية في “جنيف” صدى وتقديراً كبيراً إلا أن النشاط الخارجي لا يغني عن ضرورة أن يكون للمجموعة الوطنية دور في الداخل أولاً، بالتصدي للخروقات التي تقوم بها بعض الجهات لحقوق الإنسان، وأن تنهض المجموعة بدور تثقيفي وتوعوي عن ماهية حقوق الإنسان وكيفية إدراجها في المناهج التعليمية لتنشئة أجيال قادمة مسلحة بكل أدوات العصر الحديث.
ونواصل غداً