إمبراطورية الغش التجاري
آخر الأسبوع الماضي بدا مزعجاً انتشار خبر منقول بالصور والروايات والإضافات بشأن ضبط السلطات لمصنع يستخدم الزيت (الراجع) ويصنعه مرة أخرى ليباع بكونه إنتاجاً جديداً، والعرض مختصر مني حتى لا نقلب مواجع الذين صدمهم الخبر والذي يعني في نسخته غير الملطفة، أن أحدهم أو مجموعة أشخاص ربما أقدموا على ما هو أكبر وأفظع من بيع الزيت الراجع والمنتهي الصلاحية وغير الصالح للاستخدامات في الأطعمة وغيره. فقد يكونوا حشدوا شحوماً وبقية مخلفات أخرى لجعلها كزيت للطعام وغيره ! والخبر مقروءاً مع ما سبق ضبطه من لحوم وذبيح اتضح أنها لحيوانات غير المحلل بأكلها للآدميين وهى الواقعة التي جعلت أغلب سكان الخرطوم نباتيين، لدرجة أن أسعار اللحوم انخفضت إلى النصف ولا يقربها المواطنون. واكتشف التجار وعرفوا فجأة أنهم يمكن يخفضوا السعر للنصف ومع هذا لم يعد أحد يرغب في أن يشتري منهم شيئاً !
من قبل طالبنا بأن يعرض الجناة في مثل هذه التجاوزات على الملأ، وأن تكون محاكمتهم منقولة ومتاحة، وأن تكون من بعد عقوبتهم رادعة وصارمة. وفي كل الدنيا فإن عرض أغذية مغشوشة تحاكم وفقاً لقانون مراقبة الأغذية أو أي مسمى آخر، ولا يتم التساهل إلا في حال ثبوت حسن النية وهو في حالة لحوم الحمير ومصنع الزيت المغشوش ليست هناك نية حسنة، وإنما هي جريمة كاملة الأركان أخشى أن ما يؤخر البت في أمثالها ويجعلها عرضة للتكرار. ما أشارت إليه بعض الجهات أن القانون الخاص بمثل هذه الوقائع والتابع عرفاً لمفهوم حماية المستهلك يتم التلكؤ في إصداره وإقراره، إذ لا يزول في أضابير المكاتب جائلاً بين المجلس الوطني ووزارة العدل ومجلس الوزراء، وهو قانون لحماية المواطن المسكين والذي بعد حربه مع الغلاء والفاسدين يحارب الآن من يزرعون في جسده الأمراض والعلل والأوبئة، وبالتالي فإنه قانون يتطلب التعامل بروح الاستعجال والإجازة الفورية فهو ليس محاصصة لقسمة سلطة أو ثروة وغيرها من حذلقات السياسيين ليتم فيه كل هذا التأخير !
لابد من إحكام رادعة وفورية ومعلنة، للجناة والمدانون في مباشرة مثل هذه النشاطات الخطرة. والأهم من هذا كشف الجهات والأشخاص التي تقف وراءهم، والمصنع الذي ضبط بأحد محليات الخرطوم ليس دكاناً في حي شعبي يمارس فيه مواطن عادي نشاطه الإجرامي، هو مصدق كمصنع ويعني هذا بالضرورة أنه معروف لأكثر من جهة أشرفت على تصاديق عمله وإجازته من حيث الترتيبات الإدارية ومطلوبات مباشرة العمل، وكل هذه الجهات واضح أنها نامت أو نومت بعد أن باشر نشاطه، وبالتالي فهي شريكة إما بالعلم وعدم التحرك وإما بالإهمال، حيث جرى العرف أنك إن كنت تاجراً أو صاحب عمل، فطالما أنك تكرم الجهات المشرفة عليك رقابياً فالراجح أن أي منها لن يقرب مباني نشاطك، ولهذا فإن المطلوب توقيفهم في هذا الجرم كثر.
إجمالاً ندعم ونؤيد جمعية حماية المستهلك في حربها المجيدة لصالح الناس والبسطاء ضد إمبراطورية الشر والغش التجاري.