قرامطة دارفور !
القرامطة وهم فرقة من الشيعة الباطنية ظهروا في القرن الثالث الهجري في منطقة البحرين وما حولها كانوا أول من قطع طريق الحج وقام زعيمهم “سليمان” الملقب “أبو الطاهر” بقطع الطريق على حجاج العراق، كما قطع الطريق للحج على خراسان والمشرق وبعد مئات السنين أتت حركات التمرد بدارفور فعلاً مماثلاً لم يسبقهم إليه أحد متفلت أو معارض أو قاطع طريق صريح، حينما قامت حسب المنقول في الأخبار أمس الأول جماعة دارفورية مسلحة بمهاجمة قافلة حجاج قطاع المحمل الذي يضم ولايتي جنوب وشرق دارفور، المتجهين براً إلى الخرطوم عبر طريق نيالا الفاشر.
مهاجمة قافلة الحجيج السودانيين أسفرت عن معركة استبسلت فيها قوات التأمين المصاحبة للقافلة التي تصدت للمتمردين واحتسبت فيها قوات الشرطة شهيداً وجرح (3) من الاحتياطي المركزي. وكل القصة أن الضحايا مسلمون قاصدين بيت الله الحرام تحركوا متجهين إلى الخرطوم عبر طريق الإنقاذ الغربي بعدد (15) بصاً، وفي منطقة (أبوزريقة) التابعة لولاية شمال دارفور هاجمتهم أحد الحركات المسلحة التي كانت تهدف نهب أموال الحجيج ! وقطعاً وبكل المعايير فإن هذا خبر صادم ويدلل إلى حجم الوضاعة التي وصلت بأولئك الذين يرفعون شعارات الزيف باسم التهميش والعدل كرايات يتخفون تحتها ويسيرون وهم محض لصوص ولصوص بلا أخلاق أو وازع من أي ضوابط تردهم عن هذا السقوط الذي لوثوا به سمعه أهلهم وولاياتهم وقبل ذلك السودان كله.
الجريمة التي ارتكبتها الحركات المسلحة الدارفورية بمهاجمة قافلة الحجاج لم ترتكبها عصابات أو جماعات بطول العالم وعرضه والذي رغم كثافة الأزمات فيه واستعار نيران الحروب والمشاكل وتعدد الثأرات، فقد ظلت مقامات الساعين للشعائر الدينية محل التقدير ولم تجرؤ كثيراً من الجماعات على المساس بتلك الخطوط التي تعتبر حمراء ويخشى أي عاقل المساس بها إلا أولئك الذين ارتبكوا تلك الجريمة البشعة.
إن مجرد التفكير – مجرد – في الإقدام على هذا السلوك يؤكد بشكل قاطع أن تلك الحركات المسلحة المتمردة وصلت حداً من الانهيار وعدم الأخلاقية لا يمكن تبريره إطلاق، ولن تكفى بيانات الشجب والإدانة وإنما المطلوب الاقتناع الآن بأن تلك الحركات لا تمثل إلا فئة ضالة مرقت من العرف الاجتماعي وتردت الآن لتنال حتى من قوافل الحج، وهو فعل لا يقدم عليه إلا شخص أو جهة مجرد وصفها بالسفه مكرمة لا تستحقها، كما أنه من جهة أخرى يؤكد أن التمرد في أقاليم وولايات دارفور يعيش عزلة قطعت عنه كل عون ومدد لدرجة أن الحركات باتت تبحث عن المال والطعام والزاد حتى بين أمتعة المسافرين وإحرام الحجيج، مما يتطلب وعياً وحزماً من السلطات المحلية بكل الولايات، لأن أمثال هؤلاء لا تؤمن بوائقهم وقد تتكرر الحماقات وبشكل أفظع فمن يهاجم حاجاً لبيت الله الحرام بغرض النهب يفعل أي شيء فقد عميت القلوب والبصائر.