إعلان سبتمبر
أخبرني صديق أن ما يسمى تحالف قوى المعارضة تمسك في مؤتمر صحفي بالخرطوم بما أسماه بخيار إسقاط النظام الحاكم، وأطلق عقب اجتماع لرؤساء أحزابه (إعلان سبتمبر) الذي نص على الدعوة لتصفية النظام عبر الانتفاضة الشعبية والعصيان المدني، وإقامة بديل وطني ديمقراطي مستقل يلبي طموحات الشعب. وأشار الإعلان إلى أن قوى التحالف غير معنية بأي حوار لا يخلص لتفكيك دولة الحزب الواحد، وحديث طويل من تلك الشاكلة ولم أمنع نفسي بالطبع من الاستفسار عن هوية هذا التحالف من هم ؟! فأخبرني بأنه التحالف الذي يقوده الأستاذ “فاروق أبو عيسى” الذي اختفى لأشهر من البلاد ولم يحس أحد أو يفتقده وهل هو بالداخل أم بالخارج !
موقف “أبو عيسى” وجماعته حديث خارج الشبكة، لأن من يطالع تلك المواقف لابد أن يصاب بالعجب عن أي معارضة يتحدث الرجل الكبير، فكلنا تابعنا معارضة أخرى من “باريس” إلى “أديس أبابا” لم يكن من بينهم أصحاب إعلان سبتمبر هؤلاء والذين لا يمكن وصفهم إلا بأنهم باحثون عن الاستعراض و(الشو)، لأنها لا تظهر إلا في المواسم والأعياد ومناسبات طق الحنك هذه وإلا بالله عليكم أين كان “أبو عيسى” وفريقه لمدة عام كامل منذ سبتمبر الماضي. وقد جرت تحت الجسر مياه كثيرة من مشروع الحوار الوطني وخطاب الوثبة إلى (إعلان باريس) ثم “أديس أبابا”.
كان سيكون أكثر واقعية لو أن تحالف المعارضة والذي هو في واقع الأمر تجمع لحزبين أو ثلاثة مع شخصيتين يمثلون بتاريخهم وثرثراتهم، كان يكون أكثر واقعية لو التحالف اتخذ موقفاً أكثر انسجاماً مع التطورات الجديدة والراهنة وحالة الدفع الإيجابي الذي من الواضح أنها سترسم الملعب السياسي نحو استئناف الحوار، وربما الوصول به إلى بدايات أفضل تقدماً مما سبق. واعتقد أن التواصل الذي قارب بين حزب الأمة والسيد “الصادق المهدي” وبعض مكونات الجبهة الثورية ثم قارب بين هؤلاء ولجنة الحوار الوطني ثم اكتمل الغطاء بترحيب المؤتمر الوطني والرئيس شخصياً. وفي وسط هذه الأجواء لم يكن صعباً أو مستحيلاً، أن يكون لتحالف “أبو عيسى” وضعه ومكانه في هذه الترتيبات كمكون أصيل بغض النظر عن وزنه ومكانته في خارطة التحالفات السياسية.
الصحيح لو أن تحالف إعلان سبتمبر يجيد السياسة أن يقرأ التطورات الماثلة بأفق أكبر اتساعاً وبعداً من مجرد العودة بالجميع إلى مربع التهويش وممارسة المعارضة بأسلوب الخطب الحماسية وافتراض أن الناس قد يثقون في هذا الهراء، لأن أي صاحب عقل يعلم تماماً أن أي تسوية بأي مستوى وحجم يكون طرفها “عرمان” و”الصادق المهدي” مع الحكومة، فإن (السيك) كما يقولون في لعبة الورق سيطال معارضي إعلان سبتمبر والذين سيخرجون من المولد بلا حمص. فالواصلون الجدد لن يتركوا لهم حتى الفتات، ولهذا أتوقع أن تكون معارك فاروق “أبو عيسى” المقبلة مع من باعوا القضية في صفة النضالي.