(المجهر) تتحصل على رسالة مثيرة من الطيب سيخة للمؤتمر الوطني حول الوضع الاقتصادي
د. الطيب لـ(الامين الاقتصادي): رفع الدعم يساوي ردم الشعب وفتح الجرة
الحديث الان عن هذه السياسة حري بان يعصف بالتيم الاقتصادي إلى مذبلة التاريخ
الخرطوم – المجهر
تحصلت (المجهر) على رسالة ساخطه وناقدة بعث بها القيادي الاسلامي دكتور الطيب ابراهيم محمد خير (سيخة) ، الى الامين الاقتصادي للمؤتمر الوطنى د. حسن احمد طه حول سياسة رفع الدعم التى يتجه المؤتمر الوطني لتنزيلها.
الطيب سيخة اعتبر في الرسالة المفتوحة حديث الامين الاقتصادي د. حسن احمد طه في حوار سابق مع (المجهر) عن حتميه خيار رفع الدعم ، هذا الحديث في الوقت الراهن فشل في الميدان الاقتصادي حري بان يعصف بالتيم الاقتصادي الذي جاء بسياسة رفع الدعم إلى مذبلة التاريخ غير مأسوف عليه.
وحذر د. الطيب من ان الناس اليوم غير أولئك آنذاك عندما طبقت السياسة وان درجة تحملهم غير تلك آنذاك وردة فعلهم يعلمها عالم الغيب .
إلى أمين أمانة الاقتصاد بالمؤتمر الوطني
لعناية الأخ د. حسن أحمد طه
تحياتي
الموضوع: رفع الدعم = ردم الشعب وفتح الجرة
بالإشارة إلى حوار في العدد (819) بصحيفة (المجهر) وفي حلقتين، عناوينه الرئيسية هي:
– لا خيار غير رفع الدعم
– أي بديل غير رفع الدعم سيؤدي إلى حالة تضخم
– الحكومة لم تنتبه لرفع الدعم إلا بعد عجز الدولة
– نحتاج لإجراءات اقتصادية صعبة
ويكفي ذكر مثل هذه العناوين مع مضمون الحوار أن تشعل فوران الأسعار، وتزيد التضخم، وتصعد حراك الدولار، وتحبط معنويات الشعب، وتنشر روح اليأس بين مكوناته، ذلك أن رفع الدعم الذي بدأ قبل ثلاثة وعشرين عاماً ما أن يذكر إلا وتذكر معه هذه الصواعق المحبطة، وتلك التبريرات المحفوظة التي تشبه (حجوة أم ضبيبينة) ويزداد الناس غضباً وكراهية، ويتوجهون إلى خالق البرية أن يفرج الهمّ ويزيل الغمّ، ويقصي زمرة الاقتصاد الفاشلة التي تولت إدارته من قبل (نيفاشا) ومن بعدها، لتحدث الناس بعد (23) سنة عن اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة!! غير آبهين بالمتغيرات الكبيرة في الساحة: فالناس اليوم غير أولئك آنذاك، ودرجة تحملهم غير تلك آنذاك، وردة فعلهم يعلمها عالم الغيب. وأنت تأتي لتقول لهم: (فقدنا للبترول أوجد فجوة تراوحت بين “80-90%” في مورد النقد الأجنبي). والسؤال الذي يوجه إليكم: لماذا لم تتخذوا التدابير اللازمة لمنع ذلك باتفاقية اقتصادية قبل تقرير المصير تحافظ على ارتباط الاقتصاد بالبلدين، كما فعلت بريطانيا عندما خرجت من هونغ كونغ وعقدت اتفاقية تحافظ على ارتباط الاقتصاد في البلدين لمدة (25) سنة؟! وكيف تقول ذلك وأنت اقتصادي قيادي في الدولة كأنما كنتم- كاقتصاديين في نومة أهل الكهف لخمس سنوات مدة تطبيق اتفاقية (نيفاشا) ثم صحوتم فجأة لتجدوا الأمور هكذا، بل أعلنتم في وسائل الإعلام أن الاقتصاد لن يتأثر بفصل الجنوب، ولن تنضب مخازنه من العملة الحرة، وتأتي الآن لتقول لنا: الحكومة لم تنتبه لرفع الدعم إلا بعد عجز الدولة؟! فكونكم لا تتوقعون ما يمكن أن يحدث بعد فصل الجنوب فهذه جلطة وتقصير، وكونكم تصرحون بعدم تأثر الاقتصاد بفصل الجنوب فهذه خبطة وخيانة، وكونكم تأتون الآن لتتحدثوا عن قرارات اقتصادية صعبة فهذه صاخة وطامة، وفشل في ميدان الاقتصاد حري بأن يعصف بالتيم الاقتصادي المُسير للأمور آنذاك إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه.
أخي دكتور “حسن” ودون ما اعتبار لكل ما ورد تأتوا لتقولوا لنا لا خيار غير رفع الدعم!!
وكلنا نعلم أن الاقتصاد علم البدائل، لذلك لابد أن تكون هنالك عدة بدائل، ولكن أنتم تختارون الأسهل دون اعتبار لمضاعفات هذا القرار في هذا الوقت.. أقول هذا وفي ذاكرتي قرارات الأخ “علي محمود” (الوزير السابق للمالية) لرفع الدعم وأنه البديل الوحيد كما قال، فقلنا له هنالك بدائل طرحها الأخ “عبد الرحيم حمدي” في أربع صفحات (فلسكاب) لم يتم الأخذ بها وصدرت القرارات وترتب عليها من الخراب والدمار ما هو معلوم.. ولنقرأ نتيجة تلك القرارات بحساب اليوم لجالون البنزين كالآتي:
{ سعر جالون البنزين آنذاك (12) جنيهاً تقريباً.
{ سعر الجالون (مقدر عالمياً آنذاك) (32) جنيهاً، ورفع الدعم (50%) (آنذاك) ليصبح سعره (22) جنيهاً، ووعد بأن يرفع النصف الثاني في العام القادم كأنما سعر الدولار سيكون ثابتاً وسعر الجنيه سيكون ثابتاً، ينتظران سيادته كما هما ليجدهما العام القادم كما هما!! ولكن حصل الآتي:
{ سعر الجالون الآن (22) جنيهاً.
{ سعر الجالون (مقدر عالمياً الآن) (52) جنيه، فكان على وزير المالية السابق “علي محمود” لكي يرفع الدعم أن يزيد سعر الجالون الآن بنسبة (150%) بمعنى زيادة (30) جنيهاً إلى سعره الحالي وهو (22) جنيه حتى يصبح (52) جنيهاً. ما هذا الطيش وعدم والواقعية والقفز في الظلام والتمسك بآراء محدودة تظهر تقدمنا كخبط العشواء؟ فاتقوا الله في عباد الله وخافوا حسابه قبل أن تحاسبكم قيادة الدولة العليا بالحساب وقطع الرقاب مضاء لسُنّة الخالق في الذين يعسرون ولا ييسرون، وينفرون ولا يبشرون، ويقسون على الرعية ببرود من لا يهمه رد فعلهم ولا يأبه لفعل ربهم المكافئ. فهم يظنون أنفسهم على حق ما داموا ينفذون وصفة البنك الدولي، ذلك الذي أوقف دعمه للسودان منذ 1/1/1984م، عقاباً له على تطبيق قوانين الشريعة في سبتمبر 1983م، وهم على حق ما داموا يطبقون الوصفة على الأمة السودانية دون أي دعم من مؤسسات البنك الدولي مثلما يفعل في البلدان الأخرى، فيصبحون كمن يجري عملية جراحية كبيرة بدون (بنج).. اتقوا الله وكفوا عن مجاراة البنك الدولي ونصائحه التي لن توردنا إلا الهلاك.
ودعوني أخاطبكم من (مركز التنوير المعرفي) وهو مؤسسة فكرية تراقب الواقع وتقترح الحلول وتسدي النصائح، وأخاطبكم كمواطن سوداني يعيش غلاء الأسعار، ويكابد عسر المعيشة، ويؤمن بالبدائل، ويتمسك بالأمل، ويتقوّى بمعية الله ولا ييأس، فإنها ما ضاقت إلا لفرج وإن مع العسر يسرا.
وأخاطبكم كشاهد على العصر، وأقر وأعترف كما يقر ويعترف شهود العصر والعلماء من خارج البلاد، وتقر وتعترف مؤسسات الاقتصاد الدولية بما فيها البنك الدولي.
إن الشعب السوداني تحمّل تبعات برنامج التحرير الاقتصادي كما لم يتحملها أي شعب آخر في تاريخ العالم اليوم، رغم أن حكومته قد طبقتها بطريقة الجراحة بدون (بنج) بقرارات لم تجرؤ حكومة في عالم اليوم على إصدارها بهذه الكيفية. فتحية إجلال وتقدير لهذه الأمة الصامدة، ولكن للصبر حدوداً، وإن كانت الشجاعة صبر ساعة، ولكن لا تضغطوا الشجاع حتى يخرج عن طوره. وتعلموا من مدرسة محمد “صلى الله عليه وسلم” عندما أراد أن يهدم الكعبة ويقيمها على أركان إبراهيم فعدل عن ذلك مراعاة لشعور مواطنيه عندما قال: (يا عائشة لولا قومك حديثي عهد بالإسلام لهدمت الكعبة وأقمتها على أركان إبراهيم).
فقد طّبق النبي “صلى الله عليه وسلم” في ذلك نظرية التفاعل مع المجتمع لمعالجة قضاياه على طريقة النظرية (Z) وليس على طريقة النظرية (د) التي ينتهجها ديناصورات بلادي في القرن الحادي والعشرين غير آبهين بمشاعر أمتهم، فانتبهوا سادتي للنصائح التالية:
نصائح أوردها وأعترف بعدم خبرتي في علم الاقتصاد إلا بقدر إدارة قفة الملامح في داخل أسرتي الصغيرة، ولكن مهنتي كطبيب علمتني منهجية الرصد والتحليل والاستقراء والاستنباط لأشخص المرض وأقترح المعالجات. ولا أرى في نصائحي لكم هنا إلا قدراً من لفت النظر إلى أشياء: ذكرها والإعلان عنها سيرفع المعنويات ويعين في تقوية روح الصمود عند المواطن، وتطبيقها سيصل بمشروعنا الاقتصادي إلى بر الأمان. والتوسل بها إلى مواطننا سيورثنا رضاه خاصة وأنه من أمة قالوا عنها:
أمة عزيزة لا بتتهن ولا بتنغش
بتمرق لي البسوم صولاتا عشرين وش
بتضرب صو وتهدم دو وتكسر كش
وحيلك يالمدوبل لومني كان تنفش
ونرصد التوصيات في الآتي:
1/ إيقاف أي حديث أو تصريحات أو إعلام عن سياسة رفع الدعم لأثره السالب جداً على السوق، وأثره المعنوي السيئ جداً على المواطن. ذلك: لأن المواطن عرف بالتجريب أن رفع الدعم معناه تبعات اقتصادية ومعيشية ليس في إمكانه تحملها الآن، وبالتالي ذبول بذرة الأمل في نفسه الذي قد يصل به مرحلة عدم الإحساس بالفرق بين الموت والحياة.
ولتعرف التأثير القاتل للتصريحات والحديث والكلام والصوت فارجع إلى كتاب “عصمت حسن زلفو” عن (معركة شيكان) لتعرف قصة (تبلدية البروجي). وأخشى عليك من الاستمرار في التصريحات عن رفع الدعم فيدمغك الشعب السوداني الصامد بلقب: بروجي رفع الدعم!!
2/ أن تكفوا عن الحديث عن التبريرات والتعليلات التي ظللتم منذ أوائل التسعينيات تعرضونها كأسباب للتردي الاقتصادي، فتقولون: (الوقود المدعوم يذهب لدول الجوار بالتهريب) وتقولون: (ودعم الكهرباء يذهب للغني والفقير وحتى الأجانب)، وإنكم تقترحون معالجات تتمثل في (زيادة الإيرادات وخفض الإنفاق الحكومي ورفع الدعم ومنع التهريب ورفع الدعم من الأغنياء وتحويله إلى الفقراء.. ولا خيار غير رفع الدعم). هذه الروشتة الطويلة التي حفظها حتى خفراء وزارة المالية، التي ظل يطرحها خبراء البنك الدولي في كل مرة يزورون فيها البلاد، هذه الروشتة لا تطبقون منها إلا رفع الدعم، وفي كل مرة تأتون لنا ببرنامج اقتصادي ثلاثي وخماسي وسداسي وسباعي وإحباطي وتدميري وتخريبي.. ولا نرى لها محصلة في كل مرة غير رفع الدعم وارتفاع التضخم وتصاعد سعر الصرف، واشتعال الأسواق غلاء وفوضى.. فلماذا لا تعملون بمبدأ: (قضايانا التقليدية نعالجها بطرق غير تقليدية) مثلما يعمل علماء الاقتصاد العظام في الدول العظيمة، فيرفعوا أممهم (من اليأس إلى الرأس) و(من القاع إلى القمة) في ظرف عقد أو عقدين من الزمان.. مثلما فعلت كوريا واليابان وماليزيا وتايلاند.. ما يجعل الإنسان يخجل من نفسه عندما يسمع تصريحاتكم بعد ثلاثة وعشرين سنة تتكلمون عن (نحتاج لاتخاذ قرارات اقتصادية صعبة) و(الحكومة لم تنتبه لرفع الدعم إلا بعد عجز الدولة) و(ولا خيار غير رفع الدعم).. فما هذا الحديث؟! كأننا في خط البداية.. فيا اقتصاديي بلادي وحدوا جهودكم وتعاضدوا لنحقق الآتي:
(أ) السعي الحثيث للاكتفاء الذاتي من السلع ذات الدعم الأكبر وهي القمح والمحروقات والكهرباء ببرنامج زمني، ونحاسب نهاية كل عام من يعمل على إفشاله.
(ب) دعونا نقفل دولتنا ضد كل الكماليات التي تستورد بالدولار وذلك لمدة سنة أو سنتين حتى يتحسن الاقتصاد ويستقيم ميزانه التجاري. ذلك كما فعلت دول قبلنا مثل كوريا وكوبا واليابان.
(ج) دعونا نولي ظهورنا لأمريكا ومؤسساتها وبنكها الدولي ونكف عن إرشاداتهم وروشتاتهم فهم قد صنفونا أعداء وإرهابيين، وقذفونا بالصواريخ، وخان رئيسهم عهوده معنا، وأسرفوا في ذلتنا بتقديم رئيسنا لمحكمة لاهاي. فإرشاداتهم لنا لن تكون غير (لبن السحارة- الغولة- الذي يكبل الأرجل ويقوّم السناكيت) كما تقول الأسطورة في قصة (فاطمة السمحة).
فدعونا نبدلهم بالتوجه شرقاً لنتعامل مع اقتصاد مجموعة (BRICS) ويا حبذا لو انضممنا إليهم لتصبح المجموعة الـ(BRICSS) ونتعامل مع بنك المجموعة الموجود في الصين، نقترض منه ونستثمر عبره ونرجو أن يفتح الله علينا عبر أسبابه أبواب رزقه التي لا تحد، وحينها يمكننا أن (نمد ألسنتنا للبنك الدولي!!!).
(د) وأثق في قدرة قيادتنا العليا في الدولة في استقطاب مزيد من المنح والتسهيلات والقروض والاستثمارات لتقوية اقتصادنا المعلول حتى يستوي واقفاً، وحينها لن يعجزنا رد الدين، فالحياة معاملات ومصالح تحكمها إرادة القدرة ويجريها الله كما يشاء لمن يتوكل عليه.. فاللهم إننا توكنا عليك فلا تكلنا إلى من سواك.
(هـ) الالتفاف إلى آليات الاقتصاد القاعدي نشجعها للإنفاق. ونرعى عمليات الاقتصاد الجماعية كالجمعيات التعاونية والجماعات الخيرية. ونعمل على تقييد المضاربات الجشعة بالمنافسة معها عبر أدوات تنافسية حرة ترعاها الدولة باعتبارها التاجر أو الاقتصادي الأكبر. وهذه قطعاً ستنجح في كبح جماح الأسعار للمنتجات والمستهلكات المحلية خاصة، وكمؤشر للإيضاح أقول: لو كانت الدولة تريد الحفاظ على سعر جوال الذرة في حدود قدرة المستهلك لما غلبها ذلك نظراً إلى أنها صاحبة المخزون الأكبر من الذرة في السودان، هنا حيث تنتج الذرة. وهنا أسألك يا دكتور ببراءة: هل يعني تحرير الأسعار وتركها لقانون العرض والطلب، هل يعني هذا أن تسعّر بمزاجك كيفما تريد وحيثما تريد ومتى تريد؟! وإن كان التحرير هكذا بلا ضابط ولا رابط فلماذا يسعى البنك المركزي لضبط وتحديد سعر سلعة واحدة هي (العملة!!)؟؟ أقول هذا وأعلم أن دولاً عظمى تنتهج سياسة تحرير الاقتصاد وتضبط الاقتصاد مستقراً بمنع فوضى التسعير بطرق وأدوات وقنوات مبتكرة ومبدعة. ثم أسألك: أين (قانون تنظيم المنافسة) الذي أجيز منذ 1999م ولم يتم تفعيل العمل به حتى الآن.. وهو كفيل بأن يضع حداً للفوضى المزاجية الضاربة بأطنابها الآن في حياتنا وأسواقنا وهو قانون مكمل لآليات اقتصاديات السوق الحر؟! أم أنكم تخشون بتطبيقه أن تثيروا غضب البنك الدولي.. ومن ثم تلجأون للساهل الماهل: رفع الدعم؟!
(و) إنني أثق في قدرة الاقتصاديين السودانيين في أن يقترحوا الحلول والبدائل لعلل الاقتصاد. أقول هذا وفي ذاكرتي ما قدمه الأخ “عبد الرحيم حمدي” من بدائل لمقترحات الأخ “علي محمود” لرفع الدعم في العام الماضي، والتي لو كانوا عملوا بها ما كان حدث ما حدث أو يحدث ما هو أفظع لولا لطف الله.
فالبلاد مليئة بأهل الرأي مناط الحل والعقد. فقط علينا أن نحيد عن نهج ومسار فرعون ومقولته التي أوردته الهلاك وأبادت قومه غرقاً لطاعتهم له، وذلك حين قال: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، فحواء السودان ولود وعباقرة السودان يتلألأون كالنجوم في كل مجال وفي جميع الأمكنة. فهم أحفاد “مأمون بحيري”، و”الشريف حسين الهندي”، و”عبد المنعم منصور”، و”عبد الوهاب عثمان” فيا أخي: عليكم أن تستنفروا الاقتصاديين السودانيين وتفجروا تلك الطاقات المبدعة في لقاءات ومجموعات توصي ثم تأتمر ائتماراً عاماً تجدني أجزم بأن مخرجاته ستوصلنا إلى بر الأمان رغم ظروف الحصار المضروب علينا، الذي رغم حوبه وحدته إلا أننا نتفاءل به، ذلك لأنه خطوة في مسار الحبيب خير البشر، يتوقعها من يسلك دربه ويسير على هداه. ففظاعة وشدة الحصار في شعب أبي طالب قد بانت في اضطرار المحاصرين أن يأكلوا القديد جوعاً، فعليهم السلام، ونسأل الله لنا ولبلدنا العفو والعافية. فهم قد حاصرهم الكفار والمشركون، ونحن في السودان الآن تحاصرنا التصريحات المفخخة والتبريرات الممجوجة والمعالجات التقليدية في الظروف الاستثنائية، وقد ينتج عن ذلك عسر وضيق وفقر وجوع والجوع كافر: فالكافر هناك يبدأ وهنا يسعى ويختم. والكافر هو الكافر!!
وأذكركم في الختام بأن تعلموا أن الضرائب الفاحشة والأوضاع المعيشية المزرية هي الأسباب الرئيسة لسريان سنن الخالق في الحكم وتغيير السلطان في السودان وخارج السودان.. وعلى مر الأزمان. لذلك فقد ورد الأمر بأن: يسروا ولا تعسروا، بشروا ولا تنفروا، واللهم ارفق بمن يرفق بأمتي وضيّق على من يضيّق عليها. وإن كنتم تصرّون على صحة سياسة رفع الدعم فاعلموا أن هذا ليس زمانها ولا مكانها، وإن تم الإصرار على تطبيقها فاعلموا أنها ورقة حسن أبو الحصين للضبعة يوم سوقها فأوردتها الهلاك بين كلماته المشهورة (مين يقرأ لمين يسمع)!!
أخي د. “حسن” استهدوا بالله وثقوا في أمتكم وشاوروا علماءكم، فبيت الشورى ما خرب. أما نحن- فما زال في جعبتنا سهم وما زال في جيبنا حل، وما زالت أمامنا فسحة أمل، ونبقى في معية الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)، فنحن في (مركز التنوير المعرفي) وبقية مراكز الفكر والإجابة لن نكف عن معاونتكم للوصول بشعب السودان إلى بر الأمان للبقاء في حرية ورفاه تحت القيم الفاضلة.
وفقكم الله وسدّد خطاكم ودمتم في رعايته وحفظه.
أخوك الطبيب الأستاذ/ الطيب إبراهيم محمد خير
رئيس مجلس أمناء مركز التنوير المعرفي