شهادتي لله

الحوار مع (جبهة) واحدة أفضل من (سلام القطاعي)

اتفاق المبادئ العامة للحوار الوطني الذي وقعته في”أديس أبابا” آلية الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى بقيادة الرئيس “ثابو مبيكي” مع ممثلي لجنة (7+7) “الدكتور غازي صلاح الدين” رئيس حركة (الإصلاح الآن) والأمير “أحمد سعد عمر” القيادي الاتحادي وزير رئاسة مجلس الوزراء من جهة، ومع رئيس (الجبهة الثورية) السيد”مالك عقار” وزعيم حزب الأمة (القومي) السيد “الصادق المهدي” من جهة ثانية، يعتبر تطوراً سياسياً إيجابياً مهماً وعلى (المؤتمر الوطني) التعاطي معه بحكمة وحنكة، واهتبال هذه الفرصة الذهبية التأريخية، التي قد لا تتوفر بهذه الكيفية وهذا الإجماع لقوى (المعارضة) المدنية والمسلحة مرة أخرى. (علمت أن “غازي” و”أحمد سعد”هما اللذان تحفظا على التوقيع المباشر مع (الجبهة) لأنهما غير مفوضين من الخرطوم،  بينما كنا نعتقد أن الرفض جاء من الطرف الآخر!!).
من مصلحة المؤتمر الوطني أن تتوحد فصائل المعارضة على صعيد (واحد) ليدلف مباشرة إلى حوار منتج ومثمر وتحقيق النتائج المرجوة تجاه السلام والاستقرار والديمقراطية (بضربة واحدة) وانتهى الأمر، ليتفرغ شعب هذا البلد الصابر الكادح للبناء والتنمية، وتجاوز مربعات الحرب والاقتتال والتوترات السياسية والأمنية، واحتمالات (الانفجار) المفتوحة بدون ميعاد!!
أنا لا أعرف سنداً لمنطق البعض في الحكومة والحزب الحاكم في رفض الحوار مع (الجبهة الثورية) ككيان واحد، وتفضيل فصل (المنابر)، “الدوحة” لحركات دارفور، و”أديس أبابا” لقطاع الشمال والخرطوم لأحزاب السيد “عبود جابر”.!!
في “أبوجا” في العام 2006 كانت الحكومة مع (الوسطاء) الدوليين ومن بينهم المبعوث الأمريكي تشقى وتكابد من أجل (توحيد) وفد الحركات (خليل، مناوي وعبد الواحد)، واتفقت الحركات (الثلاث) التي صارت من بعد ذلك (عشرين) حركة !! اتفقت على شخصية الفريق أول “إبراهيم سليمان” والي شمال دارفور السابق ورئيس آلية بسط الأمن وهيبة الدولة بالإقليم!!   كان ذلك مدهشاً بالنسبة لي وما يزال محيراً. . كيف اتفق زعماء (التمرد) الثلاثة على شخص عضو المكتب القيادي للمؤتمر الوطني، وأعلى رتبة عسكرية في الجيش السوداني حينها بعد المشير “البشير”!!
لكنهم رغم ذلك لم يتفقوا ولم يتحدوا، فوقعت الحكومة ممثلة في الراحل الدكتور “مجذوب الخليفة أحمد” (اتفاقية سلام دارفور) مع رئيس حركة التحرير “مني أركو مناوي”، بينما كان الأقرب للتوقيع رئيس الحركة قبل انقسامها “عبد الواحد محمد نور” حسب ما أفادني مسؤول رفيع بالدولة لاحقاً .
في زمن السياسي المحنك “مجذوب الخليفة” كنا نسعى لتوحيد الحركات لإنهاء الحرب تماماً، وقفل الملف.
في زمن من هذا . . لا أعلم . . صرنا نصر على (تقسيم) المنابر  كتوزيع أكوام (المرارة) في عيد الضحية!!
وهب أن الحكومة وقعت اتفاقاً آخر غداً مع “مناوي”، هل ستنتهي الحرب، ولماذا لم يحدث ذلك في 2006 ؟
وهل تنتهي الحرب لو وقعنا مع “عبد الواحد” وحده، أو مع “جبريل” منفرداً، أو لو نفذنا اتفاق (نافع – عقار) الذي ما كان يشمل اتفاقاً مع حركات دارفور؟!
يجب أن تتجه الحكومة للحوار مع معارضة (موحدة) لتسريع تحقيق السلام الشامل وترك سياسة(سلام القطاعي)، دون أدنى خشية من أن (توحد) هؤلاء يعني بالضرورة إضعاف المؤتمر الوطني(انتخابياً) أوسياسياً، فما يتحقق من سلام هو في رصيد الحزب الحاكم بالتأكيد، وليس المعارضة لأنه الذي يملك(الفعل)، أما التاكتيكات الانتخابية فزمانها لم يأتِ، وقد أكدت التجارب بما فيها تجربة انتخابات 2010، أن أحزاب المعارضة لن تتفق على مرشح (واحد) لإسقاط المؤتمر الوطني، فقد ترشح “الصادق” و”مبارك” و”عرمان” و”كامل إدريس” و . . . .
وفي رأيي ، أنه في كل الأحوال يجب أن يتم الاتفاق ومن الآن عبر  آلية الحوار الوطني، أن تتشكل بعد الانتخابات الحرة النزيهة، حكومة (مشروع وطني) لتحقيق الاستقرار والرفاهية بالبلاد، فإذا كان رئيس الجمهورية (المنتخب) من المؤتمر الوطني، يأتي رئيس للوزراء أو البرلمان من (المعارضة)،  والعكس صحيح، ثم يستمر التداول السلمي للسلطة دون مزايدات.
فقط على السيد “عرمان” أن يخفف من نغمة الطرق على المشاعر (العنصرية) بالحديث عن (المواطنة المتساوية) وكأننا في زمن قهر (البيض) لـ(السود) بجنوب أفريقيا قبل انتصار ثورة “مانديلا”!!، وهذه النغمة هي التي فصلت (جنوب السودان) وجعلته مأزوماً بحرب ضارية وعنيفة من بعد ذهاب       (شمال الجلابة العنصري)!!!
إن مواطنتنا في السودان متساوية، لا فرق عندنا بين (جعلي) و(فوراوي) و(نوباوي)، هناك تنوع عادات وثقافات، وأمزجة وسحنات وألوان،  وليس عدم مساواة، فحقوقهم جميعاً متساوية في التعليم والسكن والصحة والوظيفة والممارسة السياسية، والدليل على ذلك أن عدد الوزراء من(دارفور) أربعة أضعاف الوزراء من(الجزيرة)مثلاً، بينما حساب السكان لا يجعل المعادلة هكذا متسقة.
سادتي في المعارضة . . تحدثوا عن مطالب (سياسية) وأبعدوا لينا من (الهامش) و(الجهات) والعنصرية التي قسمت بلادنا . . بلدين .
سبت أخضر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية