طرد الإيرانيين!!
أخيراً اتخذت الحكومة القرار الصائب بالحد من النشاط الإيراني في البلاد ومواجهة خروقات المراكز الثقافية الإيرانية التي أصبحت بؤرة للتبشير بالمذهب الشيعي في البلاد، منتهكة بذلك كل الأعراف والتقاليد الدبلوماسية والانحراف بمهام الملحقات الثقافية من الترويج للثقافة الإيرانية إلى التبشير والدعوة للمذهب الشيعي، في بلد أغلبية سكانها من المسلمين السنة مع وجود للمسيحية وبعض الروحانيين من عبدة الآلهة المحلية (الكجور). وقرار وزارة الخارجية القاضي بإغلاق المراكز الثقافية الإيرانية في السودان وجد أولاً ارتياحاً في الأوساط الشعبية التي أثار حفيظتها كثير من مظاهر التشيع في البلاد، وكادت أن تشهد البلاد صراعات مذهبية بين السنة والشيعة.. وساد اعتقاد بأن النشاط الشيعي محمي من السلطة أو بعض ممن هم في السلطة حتى صدرت قرارات (الاثنين) والتي فتحت أبواب عودة علاقات السودان بالدول العربية إلى سابق عهدها، حيث شكلت علاقات “الخرطوم” و”طهران” الحميمة إحدى مكدرات العلاقة مع الدول العربية وخاصة الخليجية. ودفع السودان الثمن غالياً بسبب هذه العلاقات والتي سبقت وصول الإنقاذ للسلطة قبل (25) عاماً.. حيث شهدت فترة رئيس الوزراء السابق السيد “الصادق المهدي” تنامي العلاقة بين “الخرطوم” و”طهران” وبين حزب الأمة والإيرانيين وكذلك الجبهة الإسلامية القومية.. ومدت إيران يدها للسودان سياسياً وكفتها عنه اقتصادياً بإحجامها عن دعم أي مشروعات تنموية بالبلاد.. وآثر الإيرانيون علاقة مع السودان لخدمة مصالحهم التجارية دون ثمن.. بينما دفع السودان ثمن علاقاته مع إيران بتوجس الخليج العربي منه وأخيراً مقاطعته اقتصادياً، ليجد السودان نفسه أمام خيارات صعبة إما المضي في علاقات غير ذات جدوى اقتصادية ولا سياسية ويدفع ثمنها غالياً.. وإما العودة لمحيطه الثقافي العربي الإسلامي السني والنأي عن الحلف الإيراني الذي أورث سوريا الحرب الأهلية الحالية.. وأسقط العقيد “القذافي” من صهوة جواد السلطة بذلة وانكسار أثار رعب وخوف أقرانه من الرؤساء في المنطقة، فيما شاهدوا مصير طاغية ليبيا السابق على أيدي شعبه ووقفت إيران تنظر من على البعد لسقوط حلفائها واحداً بعد الآخر وهي لا تملك بيدها وسيلة لإنقاذهم من مصيرهم المحتوم.
إن قرار إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية وطرد الدبلوماسيين الإيرانيين العاملين في تلك المراكز خطوة شجاعة جداً من الوزير “علي كرتي”، حيث انتصر لمصالح البلاد الحقيقية.. بعد أن بلغ السيل الذبى وخسرت الخرطوم أشقاءها العرب من أجل إيران المعروفة بشحها وبخلها وقلة عطائها.. فقد تعرض السودان لنكبة السيول والفيضانات وتعاني خزائنه من شح في العملات الصعبة.. ويستورد احتياجاته من القمح والدقيق والبترول بملايين الدولارات شهرياً، ولم تسعَ إيران لمساعدة السودان إلا بما لا يحتاجه من السلع، ورغم ذلك تمسكت بعض الجيوب ومراكز القوى في الحكومة بالعلاقة مع إيران والتي دفعت البلاد ثمنها غالياً. وأخيراً اتخذت الحكومة القرار الصائب.. فأغلقت أبواب منافذ المد الشيعي وفتحت الأبواب لعودة السودان لعلاقاته التقليدية في المنطقة العربية.