أخبار

السوق والسياسة..!!

فجأة ودون مقدمات مرئية للمواطنين، اجتاح الأسواق طوفان غلاء في السلع الأساسية من بصل وزيت ولحوم وألبان سائلة وجافة، وتصاعدت أسعار ضروريات الحياة من الفاكهة والخضر.. وأصبحت اللحوم حكراً على الطبقات العليا في المجتمع.. وأخذ تصاعد الأسعار في الارتفاع منذ ما قبل حلول شهر رمضان لكن ببطء، غير أنه في الأيام الماضية شهدت الأسعار في الخرطوم ارتفاعاً جنونياً.. وتضاعف سعر أية سلعة في الولايات تبعاً لموقع الولاية، وبعدها أو قربها من الخرطوم حتى كادت الحياة أن تستحيل تماماً إلى طبقات (الموظفين، العمال والمزارعين)، وأخذت مدخرات المواطنين في التآكل والتلاشي، وتمدد الفقر وبسط ذراعيه في بلادنا، فتعرضت قطاعات اجتماعية عريضة للأمراض وفتكت بها تبعات الجوع (الكافر).. وفي بلادنا اليوم كما قالت الأمم المتحدة (7) ملايين نسمة يفتقرون للقمة العيش وجرعة الدواء وفرص التعليم.. هؤلاء طبعاً النازحون في المعسكرات والذين تقطعت بهم السبل في ولايات النزاعات والحروب، ولكن كم يبلغ عدد السودانيين غير القادرين اليوم على تحمل نفقات أسرهم من العمال والموظفين في القطاعين العام والخاص؟ وكم عدد الذين يبحلقون في السماء ينتظرون هطول الغيث وأمامهم زرع يبشر بحصاد يسد حاجة صاحبه إن وجدت المحصولات الزراعية الأسواق ومن يشتري؟؟ وكيف للمزارع بلوغ شهر نوفمبر الذي تراه أخي القارئ قريباً ويراه المزارع المسكين بعيداً لأن بيته خاوٍ من (ملوة) الذرة ورطل السكر والزيت والبصل؟!
إذا سألت علماء اقتصادنا وساستنا يقولون إن معدلات النمو في الاقتصاد السوداني ارتفعت، بينما هبطت معيشة المواطنين.. ويقولون إن نسبة التضخم في الاقتصاد انخفضت، والأسعار تصاعدت.. ويقولون الإنتاج زاد لكن الفقر تفشى.. وعلاقات الخارجية متطورة والحصار متصاعد.. وما عاد هناك رئيس لدولة يزور الخرطوم.. وإذا طالب شخص بوقف الحرب وصف بالمخذل.. وأرقام هجرة أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين التي تحتفظ بها وزارة العمل مفزعة ومثيرة للرعب إلا لقادتنا ووزراء حكومتنا.. كأن العقول التي تهاجر تفسح مجالاً لهم لزيادة الرزق أو دوام الوظيفة.. ومن يتجول في شوارع الخرطوم ومواقف المواصلات العامة ويقرأ في الوجوه العابسة آثار الغلاء الفاحش والمعيشة الضنك.. يغشى قلبه الخوف والفزع مما هو قادم في مقبل الأيام!!
في القصر الرئاسي جمع نائب الرئيس الأسبوع الماضي والي الخرطوم ووزراء القطاع الاقتصادي ومحافظ بنك السودان.. وذرفت الحكومة الدموع على حال الوضع الاقتصادي، وكان أحرى بحكومتنا أن تمسح هي دموع الحزانى، لأن تلك هي مهمتها التي جاءت من أجلها أو ينبغي ذلك، وبكل أسف وحسرة الحكومة (تحاشت) وضع يدها على الأسباب الحقيقية لأزمة الغلاء الفاحش ولجأت إلى المسكنات والوصفات العلاجية التي لن تشفي علل اقتصادنا، ولن تنهض ببلادنا، ولن تجعلنا (نعيش) مثل سائر الأمم والشعوب.. بل نحن وحدنا من يتلظى بشظف العيش.. أما ما هي الحلول لما نحن فيه الآن وكيف.. ذلك ما نعود إليه غداً!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية