التشبيك
السيد “الصادق المهدي” إمام الأنصار وزعيم حزب الأمة (القومي)، بدأ جولة من “باريس” إلى “القاهرة” ثم “دبي” ليعود إلى “أديس أبابا” ومنها سيطير إلى “بريتوريا”. لم يترك الإمام واجهات رسمية وشعبية إلا والتقاها، التقى وزراء خارجية وجلس إلى “أمبيكي” وسيمضي إلى جنوب أفريقيا ليخاطب البرلمان هناك ويعود حسب توقعي إلى “كمبالا”، وقد يصعد منها إلى “أسمرا” ! وإن كانت ذكرياته هناك ليست سعيدة. ومثل الإمام ستتحرك الجبهة الثورية في كل محطات ونطاق الجوار، ستقلل الحكومة من كل هذه التحركات وهذا موقف سالب لأنه وببساطة فإن ما يحاك ضد “الخرطوم” ربما يشي بأن مثل هذا التشبيك مقصود وله دلالات ليس من الحكمة إغفالها. الحكومة وحزبها الحاكم مطالبان لصالح ولأغراض وغايات الاحتياط لمصالح البلاد وسلامتها للتحرك في النطاق الإقليمي بشكل أكثر حيوية، ويبتعد حتى عن الأنساق القديمة التي ظلت تحصره في مبادرات الرئيس “البشير” واختراقاته التي ميزت تحركات بفعالية دائمة لتدعيم الروابط السياسية،بقدرأدرك معه المراقبون أن الرئيس نفسه يبدو أسرع تحركاً وتفهماً لأهمية تلك العلاقات من كامل الجسم التنفيذي والسياسي. وأقول هذا وفي خاطري مثال تشاد وإرتريا التي ظلت العلاقات محصورة فيهما تطوراً وتقدماً بمبادرات “البشير” وحده، وانعدم بالكامل أي نشاط آخر يعزز اللبنات القوية التي وضعها رئيس الجمهورية. العلاقة مع تشاد ونظام الرئيس “إدريس دبي” ظلت منحصرة حتى الآن في أنشطة القوات المشتركة والتعاون الأمني الكبير، ولا أثر لأي أنشطة أخرى شعبية وحزبية رغم أن “انجمينا” أولى بأن يتجه إليها المؤتمر الوطني بمكتب مماثل لمكتبه في القاهرة والذي خدم العلاقات مع مصر، بجهود الشاب الدكتور “وليد سيد” أكثر مما خدمته البعثة الرسمية للسفارة السودانية. وأما مع إرتريا ظلت كذلك محصورة في أنشطة قليلة رغم أن (بص) يمكن أن ينقل في ساعات قافلة أو بعثة حزبية أو تجارية إلى قلب “أسمرا” في ساعات، مروراً بولاية كسلا والتي رغم أنها الأقرب للبلد الجار إلا أنها نفسها تبدو متأخرة في توطيد العلاقات وتطويرها مقارنة بولاية البحر الأحمر، ذات النشاط الملموس في هذا الشق بقيادة الدكتور”محمد طاهر ايلا”. وهذا يحدث رغم أن التداخل الجغرافي وصلة الأرحام بين كسلا وإرتريا أعمق مع بورتسودان! والرأي أن منظومة دول الأمن القومي السوداني دول يحتاج التواصل معها إلى نفرة عامة، وقد أدى “البشير” دوره وزاد عليه وهو ما يجب أن يحفز الآخرين للنهوض بجملة مقترحات تعزز فرص التواصل الشعبي، والتعاون في مسارات أخرى مثل الاقتصاد والتجارة. وكلها حقول عمل يمكن بجهد بسيط أن تعود على البلاد بعوائد إيجابية. فتشاد مثلاً تمتلك ثروة بترولية وتحتاج إلى منافذ للتصدير، والسودان يمتلك بنية تحتية لتصدير النفط يمكن استخدامها لأغراض تجارية لنقل نفطنا ونفط الآخرين – وليس الجنوب وحده، وفي هذا حل لإشكالات اقتصادية ظلت عالقة في وحل التفاهمات مع الجنوبيين، وبالتالي فإن أي تحرك جاد نحو تشاد سيقلل كثيراً من حالة التردد التي تلازم “جوبا” التي حتى وإن أطلقت نفطها وفق أي شروط منا، فإن هذا يجب ألا يلغى فكرة منح الآخرين فرصتهم في استخدام مسارات النقل النفطي إلى موانئ البحر الأحمر تشاد وغيرها.