أخبار

بعد الغياب

{ من لطائف الراحل الشيخ “مصطفى الأمين” أنه تفقد أحد مصانعه الكبيرة.. التقى العاملين في المصنع.. والعمال وحتى حراس البوابات.. وقف على الإنتاج.. ثم سأل عن المدير العام أين اليوم؟؟ صمت الجميع وأخذ كل موظف ينظر للآخر إما خوفاً من بطش المدير الغائب أو لأشياء آخرى.. فنهض موظف صغير وقال لصاحب المصنع ومالكه الشيخ “مصطفى الأمين”: “المدير يا سعادتك في إجازة سنوية بالقاهرة منذ شهرين”!! وهنا سأل الشيخ “مصطفى” وهل لديكم أية مشاكل تنتظر المدير الغائب لحلها؟ قالوا: لا.. ثم سأل هل تأثر انتاج المصنع سلباً بغياب المدير؟ قالوا: لا.. فأمر الشيخ “مصطفى الأمين” بفصل المدير فوراً وصرف راتبه ومخصصاته للعاملين بالمصنع!
{ ذلك في شأن القطاع الخاص، ولكن ماذا عن القطاع الحكومي؟.. من قصص وحكايات وزير الدولة السابق بمجلس الوزراء “أحمد كرمنو” وهو لا يزال قادراً على العطاء، لكن مقتضيات السياسة جعلته قابعاً الآن في كرسي المراقبة من بعد.. حينما عُين بمجلس الوزراء جاء إليه أحد الموظفين ممن يظنون في أنفسهم أهل الثقة أو آل البيت!! وسعى لإسداء النصح لـ”كرمنو” بأن مجلس الوزراء لا يحتمل كثرة الضيوف من الجمهور.. فسأله الوزير: “إنت منو حتى تسدي هذه النصائح لمن هم في مقام أرفع منك”!!
المهم انقضت أيام “كرمنو” في مجلس الوزراء وكل يوم يستقبل مكتبه عشرات من القيادات الشعبية وعامة الناس ولم يتم فصله من الوزارة لسوء الأداء أو الغياب الطويل مثل غياب السيد “جعفر محمد عثمان الميرغني”، مساعد رئيس الجمهورية الذي خرج من البلاد في مثل هذه الأيام من العام الماضي ولم يعد حتى الآن؟؟ ولا يعلم الشعب السوداني هل السيد “جعفر” خرج غاضباً أم مغضوباً عليه؟؟ ولا يعلم أحد متى يعود سليل الدوحة النبوية كما يقولون.. لكن “الميرغني” موظف في حكومة السودان بالقصر الجمهوري في وظيفة مساعد لرئيس الجمهورية يتقاضى راتباً من حكومة السودان وسيارة ومكتباً وطاقماً وظيفياً من مدير مكتب إلى حرس، وتدفع له حكومة السودان بدل سفر وبدلات علاج وإجازة وتذاكر سنوية لأسرته؟؟ وفي عنق السيد “جعفر محمد عثمان الميرغني” مسؤوليات يجب أداؤها.. فهو بطبيعة وظيفته خادم للشعب السوداني مثل السيد “عمر البشير” والسيد “بكري حسن صالح” وبروفيسور “غندور” وسائر القيادات السيادية في الدولة مسؤولون عن لقمة عيشنا نحن الشعب.. ومسؤولون عن جرعة مائنا.. ودوائنا.. وإذا غاب الرئيس ينوب عنه النائب الأول في أداء مهامه ولا يخضع الرئيس إلا لمحاسبة الشعب السوداني كل أربع سنوات.. ولكن مساعدي الرئيس ونوابه والسادة الوزراء ووزراء الدولة خاضعون للمحاسبة من قبل الرئيس ومن مجلس الوزراء.. فهل السيد “جعفر الميرغني” فوق المحاسبة والمساءلة؟
وكيف لا يتم فصله من منصبه بسبب الغياب الطويل.. وقد فصل البرلمان في نهاية دورته الحالية “د.غازي صلاح الدين” وابنة ناظر الحسانية والوزيرة السابقة لغيابها عن جلسات البرلمان وتبديل ولائها السياسي من (المؤتمر الوطني) إلى (الإصلاح الآن).. وفصل “د. فضل أحمد عبد الله” ولولا اعتذار مكتوب بعث به شيخ عشيرة (المحاميد) في دارفور “موسى هلال” لرئيس البرلمان لأصبح مفصولاً اليوم.. ولكن السيد “جعفر الميرغني” حتى اللحظة لم يحدثنا وزير شؤون رئاسة الجمهورية “صلاح ونسي” عن الإجراءات التي اتخذت بشأن غيابه عن القصر؟؟ وهل لا يزال راتبه (سارياً) أم تم إيقافه.. وكيف لنا لا نحاسب الكبير ونقطع أرزاق الصغار؟؟ ويتم فصل موظف الخدمة المدنية للغياب ولا محاسبة تطال السادة في القصور؟؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية