"الميرغني" و"عرمان"!!
يملك السيد “محمد عثمان الميرغني” زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي(الأصل) حق التفاوض والتفاهم وتوقيع الاتفاقيات باسم حزبه مع كل القوى السياسية الناشطة في الساحة، بما في ذلك حاملو السلاح من أجل السلام ووقف الحرب، مثلما يملك البروفيسور “غندور” حق التفاوض وتوقيع الاتفاقيات مع حاملي السلاح، باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم أو باسم الحكومة التي تقود البلاد.
ولا تملك الحكومة حق مصادرة التفاوض مع الآخرين لنفسها فقط.. وتعتبر جلوس غيرها من القوى السياسية مع حاملي السلاح خيانة وطنية وجرماً يستوجب العقاب.. بينما هي تفاوض هؤلاء المسلحين سراً وعلناً، تبعث إليهم الوسطاء وأهل الخير والمساسرة وتجار السياسة من أجل تقارب يفضي لاتفاق ما.. يضع حداً للنزاعات الحالية والدماء التي سالت وفاضت عن حاجة الأرض العطشى!!
نعم السيد “محمد عثمان الميرغني” شريك في الحكومة الحالية بوجود رمزي ووزارات ثانوية.. ولكنه بذات القدر هو زعيم ثاني أكبر حزب في السلطة بعد المؤتمر الوطني وله رؤيته لمستقبل البلاد السياسي.. وعلاقاته مع الدول والحركات المسلحة ولا قيد على حركة مولانا السياسية في الداخل أو الخارج.. لا مولانا “الميرغني” ولا الإمام السيد “الصادق المهدي” يمكنه الاتفاق مع الجبهة الثورية من أجل مشروع عسكري لإسقاط النظام القائم والذي لـ”الميرغني” و”الصادق” شراكات مهمة فيه.. ولكن لـ”الميرغني” جهوداً من أجل التسوية السياسية.. ووقف الحرب في دارفور وجبال النوبة.. والحكومة حينما تفاوض المتمردين في “أديس أبابا” أو “الدوحة”، تذهب بعناصر حزب الوطني وحده ولا مكان للاتحاديين أو حتى أحزاب الأمة المنشقة عن حزب الإمام وشريكه الوطني في السلطة.. فإذا كان الوطني يحتكر التفاوض مع المتمردين لنفسه فقط فلماذا يرفض للآخرين التحرك بعيداً عنه؟؟
لقاء “ياسر عرمان” وعناصر الجبهة الثورية ليس حراماً وإلا ما الذي يجعل المؤتمر الوطني يلتقيه في “أديس أبابا”، ويبعث إليه “صديق ودعة” في “كمبالا” ويرفض أي لقاء للقوى السياسية بحاملي السلاح؟؟ لقد جرب المؤتمر الوطني من قبل الحل الثنائي حينما ذهب إلى “نيفاشا” وحده.. وفاوض نيابة عن الشمال بمفرده ووقع على اتفاقية السلام الشامل من تلقاء نفسه، وهي الاتفاقية التي أدت في نهاية المطاف لتقسيم السودان لدولتين، ولكنه الآن يقول إن كل القوى السياسية شريكة في “نيفاشا” وعليها تحمل تبعاتها؟؟
لن يجد المؤتمر الوطني أقرب إليه مودة أكثر من “الميرغني” و”الصادق” إلا الشيخ “حسن الترابي”.. ولو (وضع الوطني الرحمن) في قلبه كما يقولون وأعلن منذ اليوم الأول لتوقيع “الصادق” على (اتفاق باريس) تأييده ومباركته للاتفاق، وطلب من الحركات المسلحة الدخول في ترتيبات عملية لوقف إطلاق النار وإعلان موعد للقاء مباشر للاتفاق السياسي.. لما شهدت الساحة المزايدات الحالية ولما اعتقلت “مريم الصادق المهدي”.. وقدح القادحون في ذمة المؤتمر الوطني الأخلاقية اتجاه وقف الحرب.
“الميرغني” لم يقل شيئاً حتى اليوم وغير مطالب بتبرير مواقفه، ولكن عليه السعي بجدية نحو إقناع حاملي السلاح، بأن خيار السلام والتفاوض والحوار هو الطريق المفضي لتوطين السلام في السودان.
نعم لكل جهد وطني من القوى السياسية لتقريب المسافات، ولكن اتفاق السلام النهائي توقعه الحكومة لا غيرها.