رأي

بعد ومسافة

مصطفى أبو العزائم
بين عروسين..!
يومان قضيتهما خارج الخرطوم، توزعا ما بين عاصمتي شمال كردفان “الأبيض” عروس الرمال، وجنوبها “كادوقلي” عروس الجبال، وهما من أجمل مدن السودان، ولصاحبكم اعتقاد جازم بأن مدينة “كادوقلي” هي أجمل المدن السودانية قاطبة من حيث الطبيعة والخضرة وتميزها بالجبال المحيطة بها من كل جانب.
والدعوة كانت من والي ولاية جنوب كردفان اللواء أمن الدكتور “عيسى آدم أبكر” لنشاركه أفراح الولاية واحتفالاتها بيوم المرأة الوطني، حيث اختيرت مدينة “كادوقلي” الجميلة لتكون مسرحاً لهذا الاحتفال ليحمل أكثر من رسالة ودلالة، إلى جانب الاعتراف بدور المرأة بجنوب كردفان في الإمساك بوحدة المجتمع، والاهتمام المستمر بالسلام، ثم التنمية.
وللدعوة وجه آخر غير الاحتفال باليوم الوطني للمرأة السودانية، وهو يرتبط بانعقاد المؤتمر التنشيطي للمؤتمر الوطني بالولاية، والذي يقف على جلسته الختامية المهندس “إبراهيم محمود حامد” نائب رئيس المؤتمر الوطني، وقد شهدنا نحن مجموعة من الزملاء في أجهزة الإعلام المختلفة، شهدنا الاحتفال بالمناسبتين، إذ كان الاحتفال باليوم الوطني للمرأة السودانية في ميدان الحرية، وهو أكبر ميادين المدينة، وقد شهد من قبل أكبر تجمع لمناصري الحركة الشعبية قبيل انتخابات العام 2010م، وهو ما جعل الحركة آنذاك تعيش وهم السيطرة على الميدان والوجدان، إلى أن جرت الانتخابات وجاءت النتائج الصادمة لقيادتها.
منذ ذلك الوقت، ومع مرور قوافل السحب المترادفة فوق قمم الجبال يوماً بعد يوم، تفتقت جراح قديمة، وعادت تنزف من جديد بعد إجراء الاستفتاء الذي جاءت نتائجه مع انفصال جنوب السودان، وتأسيس أحدث جمهوريات القارة الأفريقية، لكن فرحة أشقائنا الجنوبيين من سياسيين وقادة عسكريين وعدد من المواطنين، ونشوتهم بنتائج الاستفتاء، دفعت بهم إلى أن تحلق أخيلتهم فوق تلك الجبال ليحلموا بحكم المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق).. ووقف الجيش الشعبي (قطاع الشمال) موقف المتحفز للقتال، بل شرع بالفعل في منازلة القوات الحكومية بعد أن أعلن تمرده رسمياً.
هنا برز دور المرأة في جنوب كردفان، وظهر تأثيرها وأثرها في المجتمع المتداخل المتماسك، وأصبح بعض شباب المنطقة يعيش نهاره داخل صفوف التمرد، ويعيش ليله بين أهله في القرى عند سفوح الجبال أو أعاليها.. لكن الحرب أودت بحياة العشرات وأعاقت الكثيرين وعطلت عجلة التنمية، وأغلقت المدارس، بل إن يد التخريب طالت مسجد مدينة كادوقلي العتيق، فقام بعض منسوبي الحركة الشعبية بحرقه، مما دفع بأهل المدينة والولاية إلى التنادي أن حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، فقام مسجد حديث كبير بديلاً للذي أحرقته الأيادي الآثمة.
لعبت المرأة في جنوب كردفان أدواراً صعبة، وأسهمت في أن تجمع الصفوف، ولكن أعباء ثقيلة وقعت على عاتقها، إذ تولت إعاشة الأسر وتربية الأطفال والعمل في الزراعة والرعي ودخول الأسواق للبيع والشراء، واستحقت أن تحمل اسم المرأة المثالية.. المرأة النموذج.
لذلك رأى الاتحاد العام للمرأة السودانية أن يكرم كل نساء جنوب كردفان بأن يحتفل بعيد المرأة هناك، لذلك جاء نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني مساعد رئيس الجمهورية المهندس “إبراهيم محمود” إلى كادوقلي على رأس وفد رفيع، ولذلك جاءت السيدة الفضلى الأستاذة “مريم عثمان جسور” الأمين العام لاتحاد المرأة وكامل مكتبها التنفيذي إلى هناك، ولذلك جاء المئات يشاركوا الولاية الاحتفال بهذا الحدث العظيم.. وقد كان الخطاب العام للاحتفال ولمن خاطبوه، دافئاً حميماً ومشيداً بدور المرأة العظيم في الحوار الوطني، والحوار المجتمعي، ومطالباً بوضع حد لمعاناة المرأة والأطفال الناتجة عن الحرب وتداعياتها، ومثمناً في ذات الوقت مساهمات المرأة بجنوب كردفان في الإنتاج والإنتاجية، وقد تأثر الآلاف الذين شهدوا الاحتفال على الهواء الطلق في ميدان الحرية، تأثروا بخطاب أمينة المرأة في الولاية الأستاذة “هدى كوة سرور” مثلما تأثروا بالكرنفال المتحركة الضخم الذي جمع فأوعى، وضم من التشكيلات كل النماذج الطاهرة والشريفة الكريمة للمرأة السودانية، سواء كانت عاملة أو موظفة أو منتسبة إلى القوات النظامية أو قابلة، لكنها كانت في كل الأحوال هي الأم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية