حوارات

القيادي بالمؤتمر الشعبي، رئيس كتلة الحزب بالبرلمان الدكتور "إسماعيل حسين" في حوار الصراحة مع (المجهر السياسي):

حوار – سوسن يس
تصوير – يحيى شالكا
كيف سيحتمل الوطني آراء الأحزاب في مائدة الحوار.. وهو لم يحتمل آراء محدودة في البرلمان؟!
على الوطني الاعتذار للشعب السوداني على هذا البرلمان المشبوه المشلول! ووضعه ديكتاتوراً في رئاسته!
المقصود بطردي استفزاز (الشعبي) وإجهاض الحوار وهذا التيار يعمل على إفشال الحوار الوطني!
لا نتفق مع الوطني حول رؤيته أن لا تناقض بين الحوار والانتخابات
عُرف داخل البرلمان بآرائه الجريئة والمصادمة.. ويعتبر من الأصوات القليلة التي تعطي البرلمان (نكهته الطبيعية)، فكثيراً ما يرتفع صوته في جنبات قاعة النواب بـ(لا) مصادمة لـ(نعم) المعهودة المتكررة في جنبات القاعة.
(المجهر) التقت بزعيم المعارضة، رئيس كتلة المؤتمر الشعبي داخل البرلمان الدكتور “إسماعيل حسين” في هذه السانحة وحاورته حول قضايا الحوار الوطني، وطوفنا معه حول واقعة طرده من إحدى جلسات البرلمان في سابقة وحيدة يشهدها البرلمان السوداني.. الواقعة التي قال عنها لـ(المجهر) (إن لها دلالات عميقة على الحوار الوطني تؤكد عدم أهلية الداعين للحوار وعدم مصداقيتهم).. وقال: (على المؤتمر الوطني تقديم اعتذار للشعب السوداني على تكوينه لهذا البرلمان المشبوه المشلول بحسب تعبيره وعلى وضعه لديكتاتور في رئاسته)
إلى مضابط الحوار.
{ قطار السلام يقف منذ انطلاقته في ذات المحطة التي انطلق منها؟
-صحيح أنَّ خطوات الحوار تسير ببطء شديد جداً وبصورة مغايرة تماماً لروح التفاؤل التي سادت عندما أعلن عن الحوار في يناير الماضي.. والآن أخشى أن تكون هذه الروح قد انقلبت إلى إحباط .. وهذا شيء مؤسف حقيقة.
{ لكن بالرغم من ذلك ما زال المؤتمر الشعبي عند موقفه بل ذهبتم إلى أبعد من ذلك ووجهتهم نقداً شديداً إلى التحالف الجديد الذي تكون من عدد من الأحزاب المشاركة في الحوار والذي رفع مطالب رهن بها نجاح الحوار؟
-نحن الحوار بالنسبة لنا خيار إستراتيجي ولا زلنا ملتزمين بهذا الخيار .. وبالطبع المسألة تحتاج إلى صبر ومصابرة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى القضية ليست في إنشاء محاور جديدة أو تحالفات جديدة بقدر ما هي ضرورة تحريك ملف الحوار حتى يستوعب المتوجسين ويستوعب المتحفظين ويستوعب الرافضين أيضاً. ولذلك نحن ندعو الحكومة أو الحزب الحاكم لأن يتخذ من الإجراءات ما يحفز الآخرين للانخراط في الحوار لكي يبدد مساحات الإحباط التي تخيم على البلاد.. ومن ناحية أخرى نحن لسنا أوصياء على أحد.. الناس أحرار في أن يكوِّنوا تحالفاً أو شيئاً من هذا القبيل لكننا لا نرى أنَّ العلاج هو تكوين التحالف بقدر ما نرى أنه علينا أن نتدافع جميعاً من أجل الحوار.
{ ألست متفائلاً، ألا تشعر بأنَّ التحالف قد يدفع عجلة الحوار إلى الأمام؟
-لست أدري على أي نحو يمكن أن يدفع إنشاء تحالف في إطار الأحزاب التي ارتضت الحوار عجلة الحوار إلى الأمام.. لست أدري.. فكونهم يضعون شروطاً ويطالبون بحكومة انتقالية هذه مسألة استباقية ونحن ما قدمنا إلى هذا الحوار إلا بعد أن وضع الجميع- جانباً- أي شروط مسبقة. وكان الشرط الأساسي هو أن نتقدم جميعاً ونضع كل الموضوعات المهمة على طاولة الحوار ومن بعد ننظر عن أي شيء سيتمخض الحوار.
{ هنالك من يرى أنَّ التحالف الجديد أنشئ كورقة ضغط تحاول هذه الأحزاب عبره الضغط على الحكومة لتنزل عند رغبات من يطالبون بحكومة انتقالية؟
-الحديث عن حكومة انتقالية بكل المقاييس هو حديث سابق لأوانه لأن الحكومة الانتقالية ينبغي أن تكون نتيجة من نتائج الحوار.. وبالتأكيد لا يمكن أصلاً أن ينعقد الحوار ويتمخض عن الإبقاء على الوضع الراهن.. فهذا الأمر يخرج من داخل الحوار.. لكن إذا كان هذا التحالف الذي أنشأه هؤلاء الإخوة سيمضي بالحوار فعلاً نحو الآفاق المرجوة فمرحباً به.. لكننا لا نحسب أنَّ هذا التحالف يصب في صالح الحوار الآن.
{ عندما يقول الرئيس “البشير” ليس هناك سبب لتأجيل الانتخابات – ألا يبرر هذا قيام مثل هذا التحالف؟
-والله طبعاً بلا شك – عندما يقول الرئيس، أو أي من مسؤولي الحكومة أو المؤتمر الوطني ذلك الحديث لا شك أنَّ هذا يلقي ظلالاً سالبة جداً، إذا قرأنا هذه العبارة مع تباطؤ عجلة الحوار وفي ظل جو الإحباط السائد الآن.
لكن هم قالوا إنَّ إجراء الانتخابات كاستحقاق دستوري من حيث المواعيد لا يتعارض مع الحوار. ولكننا حقيقة لا نوافق على وجهة نظرهم هذه.
{ يا دكتور بعد واقعة طردكم من البرلمان ما الذي حدث؟ هل تلقيت أي اعتذار من رئيس البرلمان؟
-لم يحدث أي اعتذار ولم أكن أتوقع أصلاً أن يحدث أي اعتذار.. وذلك للأسباب الآتية: أولاً ليس من شيم المستبدين أن يعتذروا عن ما يفعلون.. ثانياً بحسب الإفادات التي أدلى بها رئيس المجلس في المؤتمر الصحفي الذي عقده، هو راضٍ تمام الرضا عن ما قام به – ولعل ذلك يحسب في ميزان كسبه- وفق معاييره ومرجعياته؛ ولذلك يرى أنه ليس هناك ما يستدعي الاعتذار! الشيء الآخر أنا أحسب أنه ليس هناك قضية شخصية بيني وبين رئيس المجلس أو بيني وبين أي إنسان داخل المجلس ولذلك ما حدث يعد إساءة واستخفافاً وتحقيراً للحزب الذي أمثله وأيضاً لجماهير الولاية التي أنتخبتني لأن النائب في داخل البرلمان لا يتحدث عن أهوائه وآراءه الخاصة ولا يمثل نفسه، ولذلك إذا كان هناك اعتذار من الأولى أن يقوم به المؤتمر الوطني.
{ لماذا؟
-على المؤتمر الوطني أن يعتذر للشعب السوداني عن خطأين وقعا .. أولاً يعتذر عن تزويره للانتخابات في 2010م، والذي قاد إلى تشكيل هذا المجلس المشوه المشلول الصوري الذي ما هو إلا أداة لتمرير سياسات الجهاز التنفيذي بدلاً من أن يكون رقيباً عليه، وثانياً كان بإمكان المؤتمر الوطني أن يأتي برئيس مؤهل، وهو عنده من الكوادر المؤهلة من يستطيع أن يدير هذا المجلس على علاته.. ولكنه بدلاً عن ذلك أتى برئيس ديكتاتوري جاهل بالنظم البرلمانية.. الشعب السوداني هو من ينبغي أن يعتذر له.. أما الرجل فلعله سعيد بما قام به.. ولذلك أنا لم أتوقع أن يعتذر لي ولا أنتظر من أي أحد الاعتذار لي، فما حدث لا يمسني في شيء.
{ لكن ما حدث له دلالات عميقة حتى على موضوع الحوار الوطني بالتأكيد؟
-ما في ذلك شك طبعاً، له دلالات عميقة؛ لأنه لا يمكن أن تدعو إلى الحوار الوطني الجامع وفي الوقت ذاته تضيق ذرعاً بالرأي في مؤسسة ينبغي أن يدار كل شأنها بالحوار.. وعندما تضيق بعدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحد من المخالفين في الرأي هل ستحتمل آراء القوى السياسية التي ستطرحها في مائدة الحوار الوطني.. هذا حقيقة يلقي بظلال كثيفة من الشك حول أهلية الداعين للحوار ومصداقيتهم.
{ المثير للانتباه أن الموقف مرَّ على المؤتمر الشعبي دون أن يتوقف عنده ولم يثر أي اعتراض أو احتجاج أو تعليق من الشعبي؟
-كلا .. الموقف الذي وقفته في البرلمان والتعبير عن الرفض والاستهجان وما قمت بعرضه على الرأي العام حقيقة هو موقف المؤتمر الشعبي.. أنا لم أكن أتحدث عن شخصي.
{ لكن الكثيرين كانوا يتوقعون أن يكون للحادثة أثرها على موقفكم من الحوار وأن تثير تساؤلات حزبكم حول كيف سيتسع صدر الوطني لآراء الأحزاب في طاولة الحوار وهو لم يتسع لآراء محدودة في البرلمان؟
-أنا ليس لدي شك في أنَّ ممثلي المؤتمر الشعبي في مائدة الحوار عبروا عن ذلك وعن دلالة مثل هذه التصرفات ومغزاها في ما يتعلق بموضوع الحوار.
{ الدكتور “حسن الترابي” هل تحدث معك حول الواقعة؟ ماذا قال عنها وكيف علق؟
-هو استمع ولم يعلق.. ليس هناك ما يدعو.
{ علاقتك الشخصية مع “الفاتح عز الدين”؟
-حقيقة ظلت العلاقة بيننا منذ عرفته – وأنا عرفته والتقيته لأول مرة في حياتي في العام 2010م عندما انتخبنا ظلت العلاقة عادية يسودها الاحترام وأنا فوجئت بهذا الموقف ولعلها أمراض السلطة تغير الناس.. بالإضافة لضعف التأهيل وقلة التجربة.. فلا يمكن يا أختي الكريمة أن تأتي بإنسان كان محافظاً وكان لعله وزير مالية بإحدى الولايات وكان ناشطاً في الأوساط الطلابية.. تأتي بشخص هذه هي مؤهلاته ودون سابق تجربة ومن أول يوم تضعه على كرسي رئيس لجنة مهمة مثل لجنة الحسبة والعمل، ثم تضعه على كرسي رئاسة البرلمان.. حقيقة هذه نقلة كبيرة جداً لم يكن مؤهلاً لها – وهي تحدث في كثير من الناس عندما لا يكونوا مؤهلين ومهيئين لها شيئاً من الاضطراب.. وفي تقديري هناك دافع آخر يقف وراء تصرفه الغريب.
{ ما هو؟
-الوفاء بوعد سبق أن قطعه على بعض أنصار حزبه أثناء حملة الانتخابات العامة في 2010 حيث نُقل عنه أنه قد توعد المؤتمر الشعبي وقيادته وصحيفته بإجراءات إقصائية شديدة القسوة في حال فوز حزبه في تلك الانتخابات، وقد رد عليه آنئذ ” الشيخ “إبراهيم السنوسي” رداً عنيفاً يتناسب مع ذلك التهديد في ندوة سياسية مفتوحة بالكلاكلة.
أيضاً هناك دافع آخر في تقديري هو السعي بطريقة غير مباشرة لإجهاض الحوار القومي عن طريق وضع متاريس لأن هناك تياراً داخل النظام من أصحاب المصالح يؤثرون مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة على مصالح الوطن؛ وبالتالي يرون في هذا الحوار والانفتاح على القوى السياسية تهديداً لمواقعهم ومكاسبهم الشخصية، المقصود استفزاز المؤتمر الشعبي كي يزهد في الحوار وينفض يديه على غرار ما حدث من الإمام “الصادق المهدي” وحزبه.
{ هناك من يرى أنَّ (عقدة الشعور بالذنب) هي التي دفعتكم للتقارب مع هذا النظام والموافقة على الحوار.. أنتم تريدون الإصلاح بأي طريقة لأنكم تشعرون بمسؤوليتكم عن كل فساد قام به هذا النظام؟
-هذا المنطق يحمِّل سيد نوح عليه السلام جريرة ابنه الذي دعاه أن يركب في السفينة فقال إني ذاهب إلى جبل يعصمني من الماء، ودعا نوح ربنا أن ينقذ ابنه فقال سبحانه وتعالى له إنه ليس من أهلك.. نحن ما أتينا بهؤلاء الذين فسدوا لكي يفسدوا أصلاً.. ونحن فاصلناهم لفسادهم (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).
{ ولماذا صالحتموهم إذن؟
-حقيقة نحن ما رفعنا خيار إسقاط النظام إلا لأنَّ هؤلاء قد استبدوا وقالوا إنهم لا يحاورون إلا من يحمل السلاح وكانوا يستخدمون الحوار كتكتيك لشراء الوقت.. ونحن لسنا من الغباء لنستسلم لذلك، ولذلك كان خيارنا إسقاط النظام وعندما جنحوا للسلم وقالوا إنَّ كل الموضوعات المختلف حولها ستكون في طاولة الحوار وأنَّ هذا الحوار لن يكون ثنائياً ولن يستثني أحداً بما فيهم حملة السلاح كان طبيعياً أن نختار خيار الحوار لأنه الخيار الذي يجنب وطننا مزيد من التشظي والانهيار الذي حدث في تجارب الدول المجاورة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية