(كنتين) اليماني "جبري" أقدم المحال التجارية بـ(سوق الدويم)
أبوابها ظلت مفتوحة من قبل الاستقلال
الدويم ـ سعدية إلياس
(كنتين) أو بقالة العم “جبري” أحد المواقع التجارية الأثرية بسوق مدينة الدويم مساحتها مائة متر.. ظلت مزدحمة دوماً بالزبائن منذ إنشائها في العام (1955م) أي قبل استقلال البلاد من الاحتلال الانجليزي وما تزال أكثر صموداً من تلك المباني التي شيدها الانجليز حين ذاك في مدينة الدويم.. تراها شامخة محافظة على ملامحها السابقة (فقط) تغيرت أبوابها من الزنك إلى الحديد.. أما أرففها ظلت كما تركها صاحبها العم “جابر علي ضيف الله جبري” ذلك اليمني الذي انطبع بطيبته في ذاكرة أهل الدويم ونشأت بينه وبينهم علاقة حميمة امتدت لفترات طويلة من الزمان وكان (كنتينه) (البقالة) محطة يقف عندها معظم سكان المدينة إن لم يكن جميعهم وهي من أولى المحال التجارية التي كانت تلبي احتياجات المواطنين هناك.. كانت تقف وحيدة قبالة سوق (القصيرية) سوق الدويم سابقاً الذي يمتد حتى (البحر) قبل أن يتسع السوق بشكله الحالي كانت مكان تجمع فئات المجتمع كافة من (موظفين ومعلمين وأطباء) وغيرهم من أعيان المدينة، وكان عميد معهد بخت الرضا المستر “قريفث” و”عبد الحليم المتعافي” وزير الزراعة الأسبق والناظر “يوسف هباني” و”د. أحمد زيتون” و”إبراهيم محمد الفكي عبد الله” و”د. محمد الزبال” و”السر الجاك” والصول “حسن سر الختم” و”إسماعيل مالك “و”الشعار” و”حمد الأمين” و”عمر حاج النور” و”الصادق حامد” من أقدم زبائنها.
“جبري” يرسل تحاياه
والسيرة الذاتية للسيد “جبري اليماني” تقول إنه كان مسؤول الجالية اليمنية في الدويم، عاش بها فترة طويلة وهو أول من أدخل (التلاجة) في مدينة الدويم التي كانت تعمل بالغاز لأن المشروبات في السابق كانت تضع في (بورمة الزير).. يوم (الخميس) من كل أسبوع كانت هناك أمسيات خاصة أمام بقالة العم “جبري”، فقد أمضى سكان الدويم أياماً جميلة مع العم “جابر” قبل أن تداهمه آلام القرحة التي اختلطت بآلام الغربة مما عجل بقرار عودته إلى بلده الأول (اليمن السعيد) قبل أعوام طوال، حيث فتحت ذراعيها له بالترحيب بعد ظهور البترول، حيث انشأ مزارع للبرتقال وأسس فيها ماكينات تكسير للجبال، هذا ما أكده “مأمون أبو سارة” الذي سجل له زيارة في دياره بـ”اليمن”، وقال إنه ما يزال حتى الآن على قيد الحياة بكامل بقواه الجسمانية والعقلية، وأضاف بأنه حتى الآن يعتز بسودانيته وقد بلغ عمره أكثر من (100) عام، وقال إنه بلغ السلام لكل السودان وبعث بالتحايا خاصة لأهل الدويم.
ورثة الاسم
مضى “مأمون أبو سارة” في سرد حكاية (كنتين) اليماني “جبري”، وقال إن والده كان شريكاً لعم “جبري” قبل رحيله إلى بلده، وذكر أن والده كان يعمل ترزياً في السوق، وعندما عرض عليه الشراكة لم يرفض ولكنه اشترط على العم “جبري” أن يوقف بيع (الصعود) و(السجائر) لأنه في نظره حرام وأنه كان من أنصار الإمام “المهدي”، وقال إن البقالة كانت فيها كل أنواع الأدوية مثل (البلهارسيا) و(الضغط) وقد عملا سوياً في البقالة إلى أن قرر العم “جبري” الرحيل وباع لوالدي البقالة التي كانت أرضها ملكاً للصادق النفراوي (التيمان)، وقال “مأمون” إنه تولى مسؤولية البقالة بعد موت والده بالفشل الكلوي، وإنه اضطر لترك دراسته حتى تستمر البقاله في نشاطها، وأضاف بأن أصدقاء والده والعم “جبري” استمروا في الحضور والوجود أمام البقالة ليسترجعون ذكرياتهم مع الانجليز أيام الاستعمار وحتى بعد الاستقلال، وقال إن العم “جبري” جاء إلى الدويم في ذات مرة ودخل إلى البقالة وجلس قربي كان يراقب في الزبائن، وعندها اندهش من أنني أخذت اسمه فصار الكل يقول لي “جبري” وكان مبسوطاً من أنني خلدت اسمه لأن البقالة تحول اسمها من “جبري” إلى بقالة مأمون أبو سارة (جبري).