أخبار

لا تفتحوا المدارس

لست أدري ما الحكمة في تمسك حكومة ولاية الخرطوم في بعض قراراتها بمواقف تبدو وكأنها ترجح التقدير السياسي قبل الرأي المختص، وأقرب ذلك تسرعها بتحديد أسبوع واحد (تأجيل) للدراسة بمدارس الولاية قبل الأمطار الأخيرة التي أحدثت الأضرار التي لا تزال ماثلة ، ذلك أن هيئة الأرصاد الجوية – الجهة الفنية – قالت باكرا إن الأمطار ستستمر وفق وتيرة عالية حتى العاشر من أغسطس الحالي، وهو اليوم الذي يصادف استئناف الدراسة رغم أن الأسلم إرجاء عودة التلاميذ إلى مدارسهم والصغار إلى رياضهم إلى ما بعد ذاك التاريخ، وفق ما تشير إليه توقعات هيئة الأرصاد الجوية
الذي حدث وببساطة كما نعايش أن مساء الجمعة وصباح أمس (السبت) شهد هطول أمطار غزيرة بكثير من المحليات. وقد تستمر متقطعة ووفقاً لما رأيت في المنطقة التي أقطن لا أتوقع أن يدفع ولي أمر عاقل بابنه أو ابنته إلى المدرسة ولو كانت على بعد شارعين منه، لأنه وبخلاف تعثر الحركة ورداءة الوضع فمن يضمن درء مخاطر انهيار سقف فصل على من هم تحته أو أن تقع كارثة بسبب التماس كهربائي  في وضع ممطر وأرضيات مبتلة ّ، وكلها محاذير كان يجب أن تؤخذ في الحسبان حين اتخاذ قرار التأجيل الذي كان من الأسلم والأوفق أن يعلن تأجيل لفترة أطول من الأسبوع، بحيث ينجلي الموقف بشكل نهائي أو وفقا لمستوى معقول من الأمان بدلاً من هذا الوضع المربك والمحرج والذي لم يكن ليحدث لو أن لوزارة التربية الولائية رؤية أكثر عمقاً من مجرد الـتأمين على قرارات متعجلة لم تستصحب معها إطلاقاً تقديرات الهيئة المختصة بتحديد توقعات نزول الأمطار ونسبها .
ببعض المناطق يبدو استئناف الدراسة مجازفة كبيرة، وحتى إن تجنب الناس المخاطر فإن الوضع البيئي والنفسي للتلاميذ لن يكون مريحا ولا أتوقع أن تكون مناطق الصالحة مثلاً قادرة على الدخول اليوم أو حتى بعد أسبوع لاستئناف الدراسة. وقد سمعت بمقترحات  بأن توزع على المدارس المتضررة خيام لتكون فصولاً ومكاتب للمدارس، مما يشير لصعوبة الوضع وتعقد تفاصيل المشهد على الواقع الفعلي. 
المسألة ليست مجرد قدرة المواطنين على نقل أبنائهم إلى المدارس ولكن ثمة مطلوبات أخرى لا تقل أهمية ففيما نرى الآن فثمة جوانب سالبة مصاحبة ستظهر مع إشكالات الخريف والأمطار، وأول تلك المسائل ظاهرة أسراب الذباب وغيره والتي تعني ومع سلوك الأطفال المعتاد في ازدحام المدارس وعدم تقيد الصغار بالمحاذير الصحية والاحتياطات الواجبة، أن الأمر قابل للتحول إلى مشكل وعارض لا تقل أضراره عن انهيارات المنازل وتصدع الطرق، ولهذا فإن تقديري أن الإصرار والتمسك باستئناف الدراسة الآن – يفترض اليوم – قراراً غير دقيق وبحاجة إلى مراجعة وشجاعة في الإقرار بأنه تقدير خاطئ، يتطلب توجيها آخر بالتمديد من والي ولاية الخرطوم وليس وزير التربية الذي لو كان له قول لقال ما قلنا قبلنا .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية