إذلال زعيم !
ذهب السيد “الصادق المهدي” يطلب عزاً في “باريس” فأذله ابن عمه “نصر الدين الهادي المهدي”، العضو المطرود من حزب الأمة بتعليمات “المهدي” نفسه، حينما انضم الأخير إلى الجبهة الثورية. “نصر الدين” قال على صفحته على (الفيس بوك)، إنه وضع أمام “المهدي” إمام الأنصار ثلاثة اشتراطات ليكون (تسكينه) ممكناً كمناضل وعضو بالجبهة، لا شك فيه أو تخوين له، وأول تلك الاشتراطات مغادرة العميد “عبد الرحمن الصادق المهدي” للقصر الجمهوري من منصبه السياسي، وأن يكون ذلك علناً وعلى رؤوس الأشهاد، و لا يهم إن رفض ابنه – يقصد العميد “عبد الرحمن” – أو استجاب!
ويمضي “نصر الدين” فيأمر “المهدي” بالعمل على توحيد المعارضة الداخلية وأن يزاول حزب الأمة عضويته في قوى الإجماع الوطني قائداً، ثم أن يلتزم السيد “الصادق” بما يتفق عليه مع الجبهة الثورية بعد عودته إلى السودان. وقال حرفياً ( لا نريد مواقف رمادية بعد الآن) ! وبقي أن نعرف أن “نصر الدين الهادي المهدي” نفسه تغيب عن الاجتماع بعد نصيحة له بألا يحضر حتى لا يحدث قدر من الإحراج له أو لرئيس حزب الأمة ووفده ! وهكذا ومن أول الأمر يتضح أن إمام الأنصار دخل إلى الجماعة الخطأ والتي لن تقيم له وزناً ستتعامل معه كمتسول للمواقع والتحالفات لتخرج مثل هذه الأوامر التي يصدرها عضو مطرود لرئيس الحزب الذي فصله.
إن كانت الجبهة الثورية تحترم رجلاً بقامة “الصادق المهدي” لما سمحت بمثل هذا التصرف غير اللائق والاشتراطات والتي سيقول أهل الجبهة إنها رأي شخصي وخاص وليست من عموم مواقف الحلفاء الثوريين، ولكنها آخر الأمر ستبقى كلمة قيادي مقعد القيادة وهي تكشف النوايا الحقيقية والخفية في إحراج الضيف الكبير وإذلاله. وكلها أمور لم يكن لتحدث لو أن “المهدي” تدبر أمره جيداً، فهو من وصف بعض خصومه بتعبير (الطرور) ثم ما لبث أن راح يطلب وزناً إضافياً بهذا (الطرور) وهو أول العالمين أنهم مجتمعون بلا وزن ولا يعدلون ميزاناً أو كفة ناهيك عن ترجيحه.
الجبهة الثورية كيان قائم على الخلافات والانشقاقات، فحركة “عبد الواحد نور” تعادي وتبغض حركة الدكتور “جبريل إبراهيم” ومني أركوي مناوي” لا يثق في “أبو القاسم إمام”. والأخير قد يحط في أي لحظة بالخرطوم بعد أن سئم التهميش بالخارج، وكان خيراً له القبول بالمنصب الوزاري الذي رفضه خاصة أنه بلا جيش أو أنصار. وهناك قطاع الشمال أو (الحركة الشعبية) والتي تعتبر أنها الرئيس الملهم والتنظيم الذي يجب أن تكون تصوراته هي الهادية لأنشطة الجبهة. وكل هؤلاء ثأراتهم بينهم عظيمة وواحدة من أسباب كل اجتماعاتهم بالعواصم الأوربية – يتجنبون حتى “كمبالا”- يقينهم أن لقائهم خارج أي أرض غير مؤمنة أو عالية السلامة، سيعني أن الاقتراع على خلافاتهم سيكون بالدماء والرصاص.
لو أن بحزب الأمة قيادياً ورجلاً رشيداً لما تردد في نصح “الصادق المهدي” بتجنب هذه الورطة.