غياب «محمد المرضي» عن كنانة.. هل يهدم المعبد؟
لا أحد يعرف كيف يمكن إسدال الستار على أزمة شركة سكر كنانة بين الحكومة والمساهمين العرب؟ فالخلاف الطاحن بين الطرفين مازال هائماً في الأجواء والقضية الشائكة سوف تصل إلى نهائيات قاتمة إذا لم تجد طريقاً إلى الحلول والمعالجة في اجتماعات مجلس إدارة شركة سكر كنانة المرتقب الذي تبقت له أيام معدودات.
محور الخلاف بين الحكومة والشركاء الخليجيين يتمثل في قرار إعفاء المدير العام في شركة كنانة “محمد المرضي التجاني” من قبل وزير الصناعة فضلاً عن إصرار الحكومة على مراجعة شركة كنانة عن طريق مظلة المراجع القومي مقابل امتناع الشركاء عن هذه الخطوة. خلال الأيام الفائتة كان المشهد مأساوياً على فضاءات شركة كنانة بين وزير الصناعة “السميح الصديق” والشركاء من رجال الأعمال في دولتي الكويت والسعودية والهيئة العربية وبعض الشركات الأخرى، حيث تعذر الاتفاق بينهما بعد تمسك كل طرف بوجهة نظره من خلال صور كالحة كادت تضع كنانة على مهب الريح.
الآن القضية تعود من جديد والأفق ما زال معتماً يحمل قلقاً وتوتراً حول مصير أعظم الشركات في البلاد إنتاجاً للسكر من ناحية الجودة والإنتاجية والسمعة العالمية، فالتسريبات تؤكد أنَّ تفاهمات الشركاء مع الحكومة خلال الأيام القادمة لن تتجاوز ملامح ما جاء في المذكرة الضافية التي سلمت لوزير الصناعة، فهم بالدرجة الأولى متمسكون بعودة المدير العام المقال “محمد المرضي” من زاوية حرصهم على الثقة في كفاءته وقدرته علاوة على عدم موافقتهم على تطبيق المراجعة الحكومية حول شركة كنانة التي يرونها لا تتماشى مع أمر تأسيس الشركة ولا تنسجم مع طبيعة الاستثمار في صوره العصرية فضلاً عن مخاوف أخرى، فالشاهد أنهم يفضلون مراجعة شفافة ومحايدة.
هكذا يزداد الخلاف المرير بين الحكومة والشركاء العرب على شكل متوالية هندسية دون ظهور بارقة أمل. فالواضح أنَّ إشكالية كنانة تشكل عنصراً خطيراً يحول دون جذب رؤوس الأموال العالمية إلى الداخل، وكم اشتكى وزير الاستثمار الدكتور “مصطفى إسماعيل” من السياسات الطاردة للاستثمار الخارجي، فالقضية المعقدة مازالت تراوح مكانها وكل الدلائل تؤكد أنَّ العجز في معالجة أزمة كنانة يعني الخسران المبين للاقتصاد الوطني وماعون الاستثمار، فالشاهد أنَّ إنتاج كنانة من السكر يمثل عطاء الديمة السكوب عندما تبكي السماء!!
في الصورة المقطعية يبقى غياب “محمد المرضي” عن كنانة قضية مركزية من الناحية المهنية والاعتبارية من زاوية رهان الشركاء العرب على وجوب مراجعة قرار إبعاده من إدارة شركة كنانة. وفي الإطار فإنَّ سجل الرجل يؤكد أنَّ في عهد “محمد المرضي” تحصلت كنانة على الرخصة الدولية التي فتحت الطريق للاعتراف بالجودة العالمية حيث كسرت الحصار باستيراد الحاصدات والجرارات الأمريكية والبريطانية العاملة في قطاع السكر، فضلاً عن دوره الواضح في خلق علاقات واسعة مع البيوتات والهيئات العالمية المتخصصة في صناعة السكر التي وصلت إلى أكثر من (18) شركة أمريكية وأوروبية علاوة على بصماته المؤثرة في إنتاج الإيثانول والاستفادة من مخلفات السكر بطاقة بلغت (60) مليون لتر.
في عالم التجارة و(البزنس) لا توجد مجاملة ومداهنة، ودائماً يكون الانحياز للعناصر الفاعلة، ومن هذا المنطلق يطالب الشركاء العرب بمعالجة ملف قضية المدير العام المقال “محمد المرضي”، فالمسألة من منظورهم تتماشى مع مصلحة كنانة وتطويرها حتى لا ينهدم المعبد.
القضية ساخنة وملتهبة ومرشحة لتدخل الطاقم السياسي الأعلى للعبور إلى مرحلة التسوية المقبولة. والعقول الذكية في البلاد لن تجعل الإخفاق في ملف كنانة مدخلاً لهروب الاستثمار الخارجي من السودان
adillaabbdo@hotmail.com