أخبار

وراء القضبان يا "دوسة"!!

} خمسة عشر يوماً مرت على الموظف الحكومي “كمال مختار” وهو يقبع وراء القضبان حبيساً على ذمة يبقى إلى حين السداد!! و”كمال مختار” موظف صغير في مكتب والي ولاية غربية اسمها جنوب كردفان، ولكنه يتعرض لظلم كبير لطبيعة قضيته ذات البعد الإنساني لشاب يواجه مرض السكري بصبر وثبات وعزيمة لا تقهر، ويواجه في ذات الوقت مصيراً مجهولاً في غياهب السجون و(محابس) الشرطة ولا ظهر يتكئ عليه “كمال مختار” ولا كبير تلوذ به أسرته الصغيرة لفك أسره ونيل حريته.. وهو ضحية لقوانين جائرة.. وضحية لنظام إداري يتنصل فيه المسؤولون من مسؤولياتهم.. ولكن لماذا ذهب هذا الموظف إلى غياهب السجون؟؟
إنها قصة يدمع لها القلب.. ولأن أمثال “كمال” من عامة الناس وضحايا الحكومة لا صوت لهم في لجة الصراخ عن اعتقال وحبس الإمام “المهدي”، فإن فجيعة “كمال مختار” تجسد حالة واحدة لمظالم يسأل عنها قائد البلاد يوم لقاء رب العباد!! “كمال” موظف بدرجة دنيا في مكتب والي جنوب كردفان يعمل محاسباً مالياً.. وقعت حكومة السودان على مشروعات تنمية تشمل شبكات مياه.. وطرقاً داخلية ومدارس مع شركات خاصة وشبه حكومية.. وأخرى متعددة الألوان ولكنها محظية بعطاءات الحكومة، لأنها شركات خرجت من بطون بيضاء.. وبطبيعة الحال فإن تلك الشركات (تقبض) مقدمات عقود.. وشيكات مؤجلة الدفع.. أمر الوالي حينذاك “أحمد محمد هارون” الموظف “كمال مختار” ومعه “علي السنجك” بكتابة الشيكات كتوجيهات من جهة تنفيذية وسياسية.. وبعد تنفيذ الشركات للمشروعات فشلت حكومة الولاية في سداد التزاماتها، بل اندلعت الحرب وقضت على الآمال والتطلعات والمشروعات، وقررت القيادة السياسية تقسيم الولاية نفسها لولايتين واستبدال الوالي المنتخب بآخر معين.. أي والياً منا بآخر علينا أو فينا.. غير مهم.. فكل والٍ للشعب له طائع ومصفق وهاتف بحياته بطلاً من غير بطولة وفارساً من دون معركة وشيخاً بلا خلوة.. ومهندساً بلا عمارة!! وجنرالاً بلا جيش!! جاء الوالي المعين ليجد مديونية بمليارات الجنيهات وتململ وتملص منها!! وأخيراً لجأ للحكومة المركزية متبرئاً من قدرته على سداد مال تنوء بحمله اللواري في فصل الصيف.. وتمسك الوالي بحجة أخرى أن المشروعات التي نفذت في الجزء الغربي من الولاية القديمة وقد أصبحت الآن ولاية مستقلة، ينبغي أن تتولى الولاية الجديدة سداد فواتيرها.. ونفض يديه عن تلك المديونيات رغم الشيكات الصادرة باسم الولاية القديمة. وأخيراً قررت الحكومة المركزية تشكيل لجنة لسداد الديون من الحكومة المركزية، ولكن أين المال وهل ستنتظر الشركات والأفراد (مهلة) الحكومة ولجانها.. التي تنعقد وتنفض وأولويات الصرف.. في هذا المناخ الضبابي يتم القبض على الموظف الصغير جداً ولا تمتد يد القانون إلى المسؤولين الحقيقيين، وهم الوالي ووزير ماليته ووزير الحكم اللامركزي ووزير المالية الاتحادي.. ويتقاصر القانون ويطأطئ رأسه خجلاً وخوفاً من الكبار.. ولكنه ينفخ أوداجه ويمشي صارماً في مواجهة الصغار!! وزير العدل مولانا “محمد بشارة دوسة” أمام امتحان أخلاقي، هل من العدل أن يبقى موظف حكومي في غياهب الجب سجيناً إلى حين سداد الحكومة ديونها لبعض أجزاء الحكومة؟؟ أم تطال الإجراءات الوالي الذي وجه الموظف بكتابة الشيك؟؟ وهل الوالي الحالي له مسؤولية تتابعية؟؟ أم الوالي السابق.. شيخ “دوسة” أفتنا!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية