حوارات

رئيس لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان "مالك عبد الله حسين" لـ(المجهر):

لم تُثر قضية خلال الفترة السابقة ما أثارته قضية تصريحات الإمام “الصادق المهدي” زعيم حزب الأمة ضد قوات الدعم السريع، وهو الأمر الذي ألب عليه كل أجهزة الدولة الرسمية والتشريعية. ولعل الهجوم الذي قوبل به الأسبوع الماضي من داخل المجلس الوطني واعتقاله بعد ذلك من أبرز الأحداث السياسية التي لها ما بعدها. وكان هجوم نواب البرلمان على الإمام هو الأعنف من نوعه على أحد القيادات السياسية، وكان رئيس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس “مالك عبد الله حسين” هو الأكثر حدة في مواجهة إمام الأنصار.
إن خروج قانون إنشاء قوات الدعم السريع من أسفل قبة البرلمان في العام قبل السابق، وتصدي رئيس لجنة الدفاع والأمن “مالك عبد الله” للدفاع بضراوة عن تلك القوات، بالإضافة إلى أنه عمل بجهاز الأمن والمخابرات، جعلنا نضع أمامه حزمة أسئلة واستفهامات حول أسباب هجومه على “الصادق المهدي” ليكشف الكثير عن قوات الدعم السريع التي ملأ صيتها الآفاق رغم أن عمرها لم يتعد العام.

} بداية تم نشر ثلاثة ألوية من قوات الدعم السريع قبل ثلاثة أيام حول ولاية الخرطوم.. ما هو السبب؟
– بداية نحرص في لجنة الدفاع والأمن على ترقية وتطوير وتدريب ورفع قدرات القوات الدفاعية والأمنية والعسكرية، وهذه القوات تتبع للمؤسسات العسكرية، ونحرص بشدة على الارتقاء بها حتى تكون على مستوى التحديات المتجددة، ونشرها يأتي للمحافظة على الأمن وسلامة أطراف الولاية، وهنالك عدد من المعسكرات في أطراف ولاية الخرطوم، بالإضافة إلى القوات الاحتياطية، وكلها تأتي في إطار الاستعداد والتأهب لأية مهددات أمنية قد تطرأ على مساحة الوطن العزيز إذا كانت داخل العاصمة أو في الولايات.. وهذه الألوية في إطار خطط المؤسسات الدفاعية.
} هل نشر هذه القوات يحتاج إلى علم البرلمان؟
– هذه خطط أمنية ودفاعية يومية، وهي من مهام الأجهزة المعنية، وتأتي في إطار خطط تأمينية ولا أعتقد أنها تحتاج إلى تشاور أو إلى مشورة أو طلب من البرلمان، وتأتي في إطار منظومة العمل والأمن اليومي، وهي في إطار الخطط اليومية العامة.
– الآن بفضل الله لا توجد أية مهددات على الخرطوم والساحة الأمنية في كامل الاستقرار، والبيئة ملائمة وتكفي هذه الحريات في الصحف والندوات للقوى السياسية المعارضة التي تتحدث يمنة ويسرة، وتنتقد الحكومة وأجهزتها، وأي حديث عن الخطوط الحمراء يحاسب عليه القانون، ولكن الوضع الأمني مستقر وكامل وتام، وحتى انتشار هذه القوات سبقه انتشار كثيف لقوات الشرطة وتم من خلالها ضبط كثير من العصابات المتفلتة واللصوص.
} إذن ترى أن ثمة داع لانتشار هذه القوات؟
– أعتقد جدير بهذه الأجهزة الأمنية أن تنتشر في مثل هذه الأوقات، وأن تنتشر وتجري تدابيرها الاحترازية، وأن يكون بمقدورها أن ترسل هذا الحشد حتى يكون في جاهزية مكتملة البنيان وتعد العدة لأي خروج عن ذلك، وليس هناك أي مهدد أمني في هذه الفترة لكن الانتشار يأتي في إطار مسؤولياتها، وفي إطار حرصها على التأمين.
} هل ترى أن البرلمان ألب أجهزة الدولة ضد الإمام “الصادق المهدي”.. خاصة وأنك كنت أحد الذين هاجموه بقوة؟
– في تقديري أن ما قلته في جلسة البرلمان ليس فيه هجوم على “الصادق المهدي” ولم أشخصن الأمور، لكني قلت إن الحديث والمساس بجوهر القوات المسلحة وفي مثل هذا الوقت تحديداً الذي تنادي فيه القوى العظمي بإدانة ومعاقبة القوات المسلحة، وفي وقت كانت تتحرك فيه الدول الغربية لإدانتها عبر مجلس الأمن الدولي (المخطط الذي أحبطته الدول الصديقة للسودان).. في مثل هذا الوقت بالذات يأتي “الصادق المهدي” ويطالب بما قاله في حق القوات المسلحة ويستعدي عليها المؤسسات الدولية، وأنا قلت الموضوع برمزية ولم أقل صراحة اسم “الصادق المهدي”.. وبرأيي أن “الصادق المهدي” له وضعيته في مسارات الحوار الوطني، وكان رئيساً لوزراء هذه البلاد وحاكماً لها، ولكن من يأتي ويدعم هذا العمل الذي تقوم به بعض الدول الخارجية في مواجهة البلاد ويعضد مزاعمها، فهذا الأمر يعدّ عمالة وخيانة.
} ولكنك بهذا اتهمته صراحة بالخيانة؟
– لا.. أنا لم أقل اسمه صراحة، وهناك فرق بين أن تستدل بالأقوال والأحاديث وتربطها بحادثة معينة، وأن تقول صراحة هذا الشخص خائن.. وأنا أرى أن دعم الإدانة والهجوم على القوات المسلحة يعضد من مسلك الدول التي كانت تنادي به، وهذا الخط يصبّ في خانة الإدانة والتجريم، وكونه ينادي بتحقيق دولي فهذا تدخل في شؤون الوطن، ويدل على خيانة دولية.. وما زلت أقول إن “الصادق المهدي” رمزية وطنية، وهو أحد العناصر التي تدعم الحوار الوطني، وكل الشعب السوداني ينتظر بشغف أن يفضي هذا الحوار إلى إجماع وطني حتى يرتاح الشعب من صراع الأحزاب الذي أخر البلاد كثيراً، لأن هذا الصراع وعدم الوفاق الوطني ساهم في أن يتأخر السودان كثيراً. وكنت أتوقع من “المهدي” أن لا ينجرف وراء الإساءة لقوات وطنية داعمة للدولة ولأحكام القانون وتعدّ بمثابة الداعم الأساسي لعزة الوطن.. وحتى إذا كانت لديه خلافات مع الحزب الحاكم كان يجب عليه أن لا يزج المؤسسات الأمنية والدفاعية بهذه الحماسة السياسية التي تعلو وتنخفض يوماً بعد آخر.
} هل تعتقد أنه كان من الممكن أن يكون لـ”الصادق المهدي” رأي آخر؟
– قبل أن أقول هذا الكلام كنت أتوقع من “الصادق المهدي” أن يدين الحركات المسلحة، ويدين الدول التي تريد إدانة القوات المسلحة، وكان وقتها سيأتي بعمل غير مسبوق، ولكنه انصرف من ترتيبات وتهيئة الحوار إلى الهجوم على القوات المسلحة والمناداة بتحقيق دولي.. وأنا حزين غاية الحزن مما بدر من أحد القامات الوطنية وهو يتحدث عن الاستقرار والهموم الوطنية وفي ظل تنادٍ وطني ومناداة من الرئيس نفسه. وأعتقد أن ما قاله “الصادق المهدي” يحتاج إلى تحليل ووقفة.
} قلت في وقت سابق إن قوات الدعم السريع تخضع للمحاسبة والمحاكمة السريعة لأي تجاوزات؟
– قوات الدعم السريع هي قوات وطنية، وجاء تكوينها بقانون من المجلس الوطني لأنه بعد التحديات الأخيرة وتطور مجرى العمليات وتزايد أعمال الحركات المسلحة في دارفور، وخاصة بعد الاعتداء على (هجليج)، برز الاتجاه وقتها إلى أهمية تكوين قوات وطنية قادرة على العمل في مسارح العمليات تتميز بالخفة والسرعة وذات تدريب عالٍ حتى تستطيع التماشي مع سرعة وانطلاقة العدو، لأن الحركات المسلحة تعمل في شكل عصابات وتدعم نفسها بالنهب من المواطنين، وكان لابد من مواجهتها وجاءت هذه القوات لتجابه السلوك الإجرامي للحركات المتمردة، وفعلاً ظهرت جهود الدعم السريع في حصرها لتلك الحركات في مناطق معينة، وهذه الأمر أدى إلى إشعال النار وغضب الذين يديرون الحرب وجعلوا أصواتهم عالية، وكان الأجدى بالمجتمع الدولي أن يدين هذه الحركات التي دمرت الآبار والمراكز الصحية ومواقع التعليم، ودمرت البنى التحتية خاصة في شمال دارفور.
} هل وقفتم على انتهاكات الحركات المسلحة في دارفور؟
– نعم، ورأيت بنفسي سلوكهم الإجرامي الذي يستحق الإدانة من المجتمع الدولي.
} ما هو تقييمك كرئيس لجنة تشريعية وكمهني عن أداء قوات الدعم السريع؟
– أنا كرقيب على عمل تلك القوات، وصاحب تشريع ورئيس لجنة الدفاع والأمن بالمجلس الوطني، حرصت على أن أرى واطمئن بنفسي على عمل تلك القوات، ولم أر منها إلا كل ما يستحق الإشادة، ووجدناها تعمل في التنمية وحفر الآبار، ومنهم كثيرون من حفظة القرآن الكريم.. وهؤلاء أبناء وطن خُلّص فهل من يحفظ القرآن يمكن أن يأتي بسلوك عبثي؟؟ كما أن الناس ليسوا سواسية، ولا ندعي الكمال لهذه القوات، وربما تكون هناك تجاوزات فردية، ولكن السلوك الأخلاقي لهذه المؤسسة يخضع للرقابة، وهذه المتحركات يكون معها ضباط، وأي سلوك فردي يحاكم عليه الفرد في الميدان.
} هل رصدتم أخطاء؟
– لا، لم تُرصد عندنا، ولكن يكمن المغزى في المنهجية وليس في الرصد والمحاكمة، وطالما أن هناك فكرة وقانوناً ومحاكم فإنه لا سبيل لأي تجاوزات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية